رسالة إلى الشهيد «رفيق الحريري»

أحد عشر عاماً مرت، أحد عشر عاماً مرت وكأنها أحد عشر شهراً، أو أحد عشر أسبوعاً، وربما أحد عشر يوماً.

أشياء كثيرة تغيرت مذ رحلت، أشياء كثيرة تغيرت، ويا ليتها لم تفعل يا أبا بهاء، يا ليتك لم تُقتل، ويا ليت جيش السفاح لم يخرج من لبنان، وللأسف يا ليتك لم تنجب يا دولة الرئيس، نعم يا ليتك لم تنجب! 

قاسيةٌ ومؤلمةٌ ومخزيةٌ ومحزنةٌ جداً هذه الكلمات، ولكن الحقيقة أقسى بأشواط وأشواط من كل هذه الدموع والتمنيات.

اقرأ أيضاً: ريفي ينقلب على الحريري؟ أو هي خلافات طرابلسية؟

في ذكرى استشهادك يا رفيق الحريري، لا ينبغي أن نحاكم بشار الأسد، فالشعب السوري تكفّل بالطاغية المجرم. الشعب السوري يا دولة الرئيس خرج على الدكتاتور، ونحن استسلمنا وسلمنا للدكتاتور، استسلمنا وسلمنا للمرشد وحاشيته وحرسه وحزبه وسيده وقمصانه السوداء. 

أبو بهاء، هل لك أن تتخيّل، أن الشعب السوري لم يعد يقول: “حاضر أمرك سيدي”، الشعب السوري حرق ودمر صور وتماثيل الأسدين، فيما عرين الأسد في لبنان يكبر ويكبر.

في ذكرى تفخيخك وتفحيمك، ينبغي أن نحاكم رموز وقيادات تحالف الرابع عشر من آذار، ينبغي أن نبدأ بمحاكمة ابنك سعد على انهزاميته وتردده وفشله وجبنه وخوفه وعبثه وخيانته، ينبغي أن نحاكمه على تفريطه بدمائك ودمائنا، ينبغي أن نحاكمه على تفريطه بكرامتك وكرامتنا، على تفريطه بتاريخك، وحاضرنا وأحلامنا وضحكات أطفالنا.

 

الشهيد الحريري وسعد الحريري
الشهيد الحريري وسعد الحريري

ينبغي أن نحاكمه على ضياع التيار والمؤسسات والشركات والأندية والجمعيات، على ضياع الجريدة والإذاعة والتلفزيون، على ضياع “المستقبل” … كل “المستقبل”.

ينبغي أن نحاكم سعد على لقاء ومصافحة وتقبيل القتلة، الذين لو سنحت لهم الفرصة من جديد، لقتلوك ثانية وثالثة ورابعة وخامسة وعاشرة، ينبغي أن نحاكمه على اجتماعاته المتكررة مع “حامي القديسين”، حسن نصرالله، وعلى مبيته في مخدع بشار الأسد، نعم يا دولة الرئيس، نجلك نام في قصر، لا بل في فراش وحضن القاتل الجزار! 

ابنك، الذي هرب من لبنان قبل نحو خمس سنوات، من دون أن يجرؤ حتى اللحظة على التلويح باسم الجهة المسؤولة عن اغتياله السياسي، ومنفاه القسري، أحبَ أن يقدّم لك “هدية فاخرة” تليق بك في ذكرى اغتيالك الحادية عشرة، ومن أفضل من سليمان فرنجية ليكون هذه الهدية الاستثنائية بكل ما للكلمة من معنى.

ولدك، نجلك، ابنك الذي اقتصرت نجاحاته “الباهرة” على فنون التكنولوجيا الحديثة من قبيل التغريد على “تويتر” وأخذ صور “السلفي”، يريد أن يطوّب وزير داخلية اغتيالك، رئيساً للجمهورية. لا تحزن يا سيدي، إنها مجرد مكافأة بسيطة للرجل على إصداره الأوامر بالعبث بمسرح الجريمة بعد ساعات قليلة على حرقك بنيران حقدهم الأسود! عبقريٌ هذا الفتى، أليس كذلك؟! 

في ذكرى استشهادك، ينبغي أن نحاكم وليد جنبلاط، الذي قرّر أن يتركنا في لحظة مفصلية، قرّر أن يتركنا في منتصف الثورة من دون مبررات ومن دون أعذار.

أبو بهاء، ينبغي أن نحاكم ابن المعلم، الذي كما نجلك لم يكن وفياً لوالده، متناسياً ما قاله كمال جنبلاط: “إن الحياة انتصار للأقوياء في نفوسهم … لا للضعفاء”. لا للضعفاء يا وليد بيك!

فجأة كتشرين، انتقل وليد جنبلاط من صفوف المظلومين والمقهورين إلى مقاعد “الوسطيين”، ومن ثم “المقاومين” الظالمين، فجأة انتقل الرجل من مقاعد الاشتراكيين إلى صفوف الشموليين، مقدماً اعتذاره على ما وصفه بـ”لحظة تخلٍ”. 

 إقرأ أيضاً: ناشطون على فيسبوك:«ريفي» يمثلنا يا شيخ سعد

ينبغي أن نحاكم وليد جنبلاط الذي لم يعد اليوم يعرف من معه، ومن عليه، أو بالأصحّ لم يعد هو نفسه يعرف هو مع من، وضدّ من، ولأجل من، وماذا وكيف، وإلى أين! محيّرة هذه الجملة تماماً كما هو حال أبي تيمور.

في ذكرى استشهادك، ينبغي أن نحاكم سمير جعجع، الذي التحق ولو متأخراً بركب المستسلمين الخانعين، سمير جعجع الذي أطلق رصاصة الرحمة على الثورة والثائرين.

ينبغي أن نحاكم “الحكيم” الذي حكم علينا بالإعدام، وانسحب من السباق قبل أن يبدأ، ليحصر، عامداً متعمداً، اختيار الرئيس المقبل، بأحد رفاق البعث والبعثيين، وحلف “الممانعة” و”الممانعين”.

السابق
حزب الله يهدد كارول معلوف… فهل غادرت لبنان خوفا على حياتها؟
التالي
من الأسفل إلى الأعلى « هكذا تُبنى الأوطان»