عرسال المتروكة: لن نقاتل.. ولن نستسلم

عرسال

في حدث يبرود وتداعياته على منطقة عرسال، لم يتبدّل أداء الحكومة أو رئيسها. تبدّلت موازين القوى من حكومة الرئيس نجيب ميقاتي إلى حكومة الرئيس تمام سلام لكن ليس من أثر بارز لدخول قوى جديدة إلى سلطة الحكومة. دخلت قوى 14 آذار لكنّ ذلك لم ينعكس بعد في السلطة وسلوكها. ما كان معتمدا في الحكومة السابقة مستمر مع الحالية بلا تعديل يُذكر. هذا ما تشير إليه مسارات السياسة والميدان من البقاع إلى الشمال وما بينهما.

هذا الاستنتاج هو جزء مما يقوله بعض أبناء عرسال، وفي الشمال ايضا أصوات شبيهة، من جمهور تيار المستقبل تحديدا. “الانضباط” وصل إلى وزير العدل اللواء اشرف ريفي، كما يشير البعض. فقد سمعنا تصريحات اللواء ريفي لكنّ صمته يوحي بأنّه “عاد عن تحفّظ عبّر عنه داخل لجنة صياغة البيان الوزاري. وما يجري في عرسال اليوم والشمال لم يعد يستخرج مواقف وتصريحات كما كانت حال قيادات المستقبل حين كانوا خارج الحكومة”.

يعتقد بعض المتابعين لتيار المستقبل ان هناك مشكلة بين قيادة “المستقبل” وبين شارعه. بمعنى أنّ القيادة لا تلتقط نبض الشارع لا تستجيب لمتطلّباته المعنوية، ما ساهم في جرّ الشارع نحو متاهات التنافس القطري – السعودي: “إذ بات واضحا أنّ معركة رسم خرائط النفوذ بين الطرفين لبنانيا، وقبله سورياً، دخلت حيّز الفعل. ويبرود قد تكون نموذجا مخزيا لهذا التنازع على الساحة السورية”. ويتابع المطّلعون على أجواء “المستقبل”: “نجح النظام السوري وحزب الله في حصد نتائج هذا التنافس”. في الشمال يؤكد هؤلاء أنّ “قطر ضاعفت من دورها في طرابلس، وهي لم تكن غائبة أصلا، بل تساهم منذ سنوات في دعم وتمويل مجموعات دينية وسياسية وعسكرية، واليوم تضاعف من حضورها بمزيد من استقطاب المجموعات على اختلافها، في سياق الصراع المشتعل مع السعودية”.

حدّة المواجهة مع حزب الله والقلق من الاعتداءات التي ينفذها الجيش السوري وضغط اللاجئين السوريين على البلدة، تفرض أولويات من نوع آخر على أبناء عرسال. اذ لم يعد خافيا لدى الأهالي أنّ حصارا يشتدّ كلّ يوم على البلدة تحت عيون “الدولة”، أو ما تبقّى منها. و”الحملة الإعلامية لشيطنة عرسال تتوسّع وتتركّز بشكل ينذر بالأسوأ”، يقول أحد وجهاء البلدة. أما السيّء فهو واقع الحال، منه الشرخ الذي تجري تغذيته مع محيط عرسال.

فهناك حصار فعلي حول البلدة بات يهدّد ما تبقّى من أمن اجتماعي فيها، يواكبه منع أيّ من اللاجئين السوريين من العودة إلى مناطقهم التي تتعرض لعملية تدمير ممنهج، ينذر بتغيير ديمغرافي فيها. يسأل احد ابناء البلدة: لماذا لم يعد أبناء القصير إلى بلدتهم بعد؟

هكذا لم يعد مستهجنا أن تسمع من بعض أبناء البلدة كلاما قاسيا اتجاه الرئيس تمام سلام والرئيس سعد الحريري: “كان حضور تيار المستقبل وفعالية قوى 14 آذار في متابعة أوضاع عرسال أفضل مما هي عليه اليوم”. وفيما تتزايد ضغوط حزب الله على البلدة، تبدو فعالية القوى العسكرية والأمنية عاجزة، في أحسن الاحوال، عن الوقوف ضدّ محاصري البلدة. لا بل يوفر وجودها نوعا من التغطية على بعض الممارسات التي فيها من الإذلال والتعدّي ما يفوق الوصف، فضلا عن إغلاق الطرق الرئيسة التي يفترض أن تكون تحت إشراف الجيش وسلطته.

يقول أحد وجهاء البلدة بالحرف: “تجري صناعة صورة لعرسال على أنّها وباء الأحسن محاصرته تمهيدا للقضاء عليه، فيما يجري تحميل كلّ تبعات قتال حزب الله في سورية لهذه البلدة، بحيث يتم تظهيرها كمصنع للشرّ، بينما يريد حزب الله أن يفرض بالقوّة معادلات لامنطقية ولا يمكن أن يقبلها عاقل. معادلات تقضي بأن تكون عرسال مثل بلدات النبي عثمان والنبي شيت، تصطفّ خلف حزب الله وتقاتل بسيفه كلّ من يراه أو يريده عدوا”.

ما يريده أبناء عرسال في المقابل أن تقوم الدولة بدورها، أن تحدّد صلاحية حزب الله تجاه عرسال وصلاحيتها هي، أو أن تقتنع هذه الحكومة بأنّها حكومة فعلية وليست حكومة هدفها توفير الغطاء والدعم لحزب الله. وإما أن تعلن حزب الله مرجعية أمنية فوق عرسال وتطلب من أبناء البلدة أن يسلّموا بذلك.

يقول بعض ابناء عرسال بغضب: على الرئيس تمام سلام أن يحسم أمره هو أيضا، كما تيار المستقبل وقوى 14 آذار، على استلحاق أنفسهم بإثبات شراكتهم في السلطة وأنّهم ليسوا هوامش في الحكومة وفي القرار.

 

 

السابق
سلام يطالب بخطة أمنية عاجلة من أجل طرابلس وعرسال
التالي
طريق كسارة -تعنايل مقطوعة بالاتجاهين كذلك طريق ضهر البيدر- جديتا