الشيخ محمد جواد مغنيه عالمأ مجددا.. في كتاب للزميل فضل الله

سلسلة من المقالات المنشورة، للشيخ محمد جواد مغنيه، ينشرها الزميل محمد عبدالله فضل الله في كتاب ، يحمل عنوان ( الشيخ محمد جواد مغنيه علامة مجددا) تعالج قضايا في الفقه والاجتماع والسياسة ، وهي جزء يسير ، من باقات الشيخ مغنيه ، الذي كانت سمته الانفتاح والتجدد وملامسة الأمور الحياتية وجيل الشباب والوقوف في وجه كل أشكال الاطهاد والفساد والظلم..

محاور هذا الكتاب الصادر عن دار النهضة العربية في بيروت ، تركز على المفاهيم والقيم والمثل ، التي إنتهجها مغنيه وميزته عن كثير من العلماء ، خاصة بالنسبة للإنفتاح على المذاهب الأخرى( السنية ) وسؤاله في إحدى المقالات، هل يوجد علاقة بين الإسلام والاشتراكية وغيرها من التفسيرات القرآنية
على نحو كبير ، وابرزها كتابه ( تفسير الكاشف ) وهو تفسير معاصر للقرآن، محاولا ربط النصوص القرآنية بالواقع المعاش ، مؤلف من سبعة أجزاء، والتقية بين السنة والشيعة، والغلاة في نظر الشيعة الامامية ، والاجتهاد في نظر الإسلام، وعلل التشريع والتكوين.

ويقول مؤلف الكتاب فضل الله “لقد أثرت في هذا العمل المتواضع عرض مقالات شيخنا الجليل المتنوعة، التي نشرت في مجلة رسالة الإسلام التقريبية ، وبعضا من كتاباته في مجلة العرفان، متوخيا قدر الإمكان الكشف عما استنبضته هذه المقالات من أراء، وما تميزت به من منهجية ومواصفات من أجل تكوين فكرة عما قدمه الشيخ مغنيه من مقاربات ، فضلا عن المنهج الذي اعتمده.

أغلى امنية على قلبي ان يفاجأني الاجل ، وانا اكتب داعيا إلى الله والحق والعدل

تتناول مقدمة الكتاب الدكتورة دلال عباس، مقاطع من مقدمة الشيخ مغنيه كتبها للجزء الأول من تفسيره ( التفسير الكاشف ) العام ١٩٦٩ قائلا لا أدري هل تمتد بي الحياة إلى النهاية ، وارى نتاج ما ضحيت وقاسيت ، أم أن الاقدار قد تتصرف عكس ما رسمت واردت” ، مضيفا “ان أغلى امنية على قلبي ان يفاجأني الاجل ، وانا اكتب داعيا إلى الله والحق والعدل … بل أسمى الرغائب لدي أن أدخل الجنة لاقرأ فيها واكتب خالي البال متحررا من الأشغال وهموم العيال.

تضيف الدكتورة عباس لقد اطلعت على التفسير الكاشف في العام ١٩٦٩ وانا طالبة في الجامعة اللبنانية ، في أثناء دراستنا لمواد الحضارة الإسلامية وأدب صدر الإسلام والنظم الإسلامية، استعين به لاناقش استاذ هذه المواد ، وفي أثناء تدريسي لمادة الأدب العربي للمرحلة الثانوية في السبعينيات ، ولم أكن انذاك أكبر من طلابي بكثير ، كنت أعود إليه وأدعو التلاميذ للإطلاع عليه للإجابة عن الأسئلة المطروحة في تلك المرحلة ، والشباب في ذلك الحين ، كانوا ثائرين على السائد على الجمود والتحجر والجهل والظلم الاجتماعي والتمييز الطبقي ، وعلى الدين المعروض أمامهم مجزا وجافا ومحرفا ، ممثلا بالنسبة إليهم بالفقهاء الخاملين الذين يعيشون في أبراج عاجية ، وفي حينها كان ميل الشباب إلى اليسار وكل ما هو ثوري ، فكانوا بحاجة إلى من يكشف لهم وجه الدين الثوري الذي توارى خلف الحجب التي اسدلها عليه التاريخ .

في مسألة ( الغلاة في نظر الشيعة الامامية ) يعدد الشيخ محمد جواد مغنيه أصناف الغلاة ، مشيرا الى براءة التشيع منهم ، فمنهم السبئية اتباع عبدالله بن سبأ. وهو اول من أظهر الغلو ، وايضا اتباع ابي الخطاب محمد بن أبي زينب الأسدي، قالوا: ان جعفر الصادق هو اله زمانه ، ومنهم المفوضة قالوا : ان الله خلق الائمة ، ثم اعتزل تاركا لهم خلق العالم وتدبير شؤونهم ، ومن الغلاة من يدين بثالوث مكون من الاب وهو علي، والابن هو محمد ، وروح القدس وهو سلمان الفارسي.

ان الله خلق الائمة ، ثم اعتزل تاركا لهم خلق العالم وتدبير شؤونهم

والشيخ مغنيه ، الذي عاش حماوة تعقيد الأوضاع السياسية والاجتماعية وصراعات اليمين واليسار والأفكار والشعارات ، فقد دعا الى قانون وضعي ، اذا كان لخير المجتمع وصالحه ، فقال : ان القوانين الوضعية لا بد منها ، على أن تكون في اطار ديني ينفي عنها الظلم والعدوان ، وأي نظام من الانظمة وضع لصالح الشعب ، ومثل إرادته وايمانه فهو دين إسلامي سواء اكان اشتراكيا ، ام غير اشتراكي ، ما دام لا يخرج عن القواعد العامة، ويرى أن الإسلام كدين لا يتناقض مع الدلالة العامة المشتركة لمصطلح الاشتراكية ، اي التحرر من القهر الاقتصادي وسيطرة الشعب على وسائل الانتاج والتخطيط الاقتصادي والملكية العامة لوسائل الانتاج الاساسية.

حياته

( الشيخ محمد جواد مغنيه ، ولد العام ١٩٠٤ وتوفي العام ١٩٧٩ ، من قرية طيردبا في جنوب لبنان ، أصدر ٦١ مؤلفا وكتب الاف المقالات في المجلات الأدبية والفكرية. عين قاضيا شرعيا في بيروت ثم مستشارا للمحكمة الشرعية العليا فرئيسا لها بالوكالة ، وسبق له ان عاش ظروفا حياتية قاسية فيقول:
كنت أقضي الأيام طاوياً لا أذوق الطعام، إلا حبّات من الحمص المقلي، أو من الفستق آكلها مع القشور أشتريها من دكان القرية، حتى هذه كان يحرمني منها صاحب الدكان لعجزي عن وفاء الدين القديم، وما زلت أذكر حتى الآن أني أمضيت ثلاثة أيام لم أذق فيها شيئاً. فقد

كنت أخشى فصل الشتاء والبرد, خاصة إذا غابت الشمس وأقبل الليل، كنت أقيم في بيت أبي القديم أجلس على الأرض وأثني ساقي واضعاً صدري على فخذي وساعدي على رأسي أغطي جسدي بعضه ببعض حتى أصبح كالصرة المربوطة عسى أن تخفّ وطأة البرد، فأصبت من جرّاء ذلك بمرض الروماتيزم ولازمني أكثر من 72 عاماً).

السابق
رسالة من لقمان (48): المتهم الحقيقي في جريمة المرفأ!
التالي
في معنى أن نتمنى قيامة لبنان بمناسبة قيامة المسيح