«المنصات» تقصف الأعمار لا الدولار!

دولار
اللبنانيون يسألون، من يحدد سعر صرف الدولار اليوم، من الأقوى، ومن الأخطر، هل هي منصات الصيرفة أم العرض والطلب، هل يتحكم كبار "كارتل" الصرافين بلعبة الدولار وبرقاب اللبنانيين وبمستقبلهم، وبالتسبب لهم بأزمات قلبية، في حين أن الحكومة هي كالزوج المخدوع لا تعرف، وأن كانت تعرف فلا تقدر، وإن كانت تقدر فلا تبالي؟

إن الأساس في تحديد المنصات لسعر صرف الدولار، هو في التأثير على حركة العرض والطلب عليه. فإذا كان هناك حاجة لجمع الدولار من الأسواق من قبل جهة ما، أي إن الطلب على الدولار مرتفع، فإن المنصات سترفع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، كي “يلمونه من السوق” عندما تركض العالم وتبدل دولاراتها بالليرة. فيتمّ فعلاً “لمّ” الدولار من السوق. علماً أن هذا الدولار “المستهدف” هو الذي يصل لبى لبنان بشكل أساسي عبر دعم المغتربين “المعيشي” لأهاليهم!

اقرأ أيضاً: خاص «جنوبية»: تعاميم «المركزي» قيد الإختبار.. والدولار الى 24 الفا؟!


وعلى العكس، فإذا لم يكن هناك حاجة “كبيرة لأحد”، فإن المنصات ستخفض سعر صرف الدولار! هذا في لعبة المنصات! وتتحرك المنصات من كبار “كارتل” الصرافين، المتصل بمن يحتاج للدولارات من مصرف لبنان والمصارف أو حتى وزارة المالية أو جهات حزبية أو دول “شقيقه”، وبالطبع، هناك مساحة للقرار السياسي فيها. ولكن الأهم هو لعبة “مين بيدفع أكتر”! والمصيبة أن الحكومة تخضع لهذه اللعبة كغيرها، ولا تتصرف، متناسية أنها صاحبة القرار المالي و”العسكري” معاً ويحدث ذلك مع عجز واستسلام بالمقابل للقضاء المالي، وللأسف، فمن الأفضل أن يكون ذلك عجزاً، من أن يكون تواطؤاً أو “غض نظر”! 

لكن الأهم هو لعبة “مين بيدفع أكتر”! والمصيبة أن الحكومة تخضع لهذه اللعبة كغيرهاولا تتصرف


ولكن السؤال البديهي مع تقلبات سعر صرف الدولار المصطنع ماذا لو تُرك سعر صرف الدولار لحركة السوق الطبيعية؟! ألا يكون ذلك أشد خطورة على الوضع الاقتصادي بحكم الحاجة المستمرة للدولار لدفع فواتير الدولة الخارجية وبدلات استيراد التجار، في حين أنه ليس هناك مداخيل تذكر للدولة، ولم يعد هناك احتياطي من العملات الصعبة تذكر في مصرف لبنان، وأموال اللبنانيين المنهوبة تحولت الى حسابات في الخارج، وليس هناك نمو في الاقتصاد، والمصارف في حال إفلاس فعلي..! ألن يطير الدولار أسرع مما يفعل اليوم؟! ألن يتخطى أي سقف يحدد له؟! أليست كل الحلول المؤقتة إبر مخدر لتطيل عمر الليرة والاقتصاد والمواطن في الكوما، بانتظار خطوة شجاعة لبناء “الدولة” أم بانتظار انهيار الجميع والسقوط الحر (Free Fall,  Chute Libre)؟!

أليست كل الحلول المؤقتة إبر مخدر لتطيل عمر الليرة والاقتصاد والمواطن في الكوما بانتظار خطوة شجاعة لبناء “الدولة” أم بانتظار انهيار الجميع والسقوط الحر


إن الواقع المؤلم هو أنه مع كل قفزة مفاجئة لسعر صرف الليرة والدولار صعوداً أو هبوطاً، تقفز سرعة النبض ودقات القلب لدى المواطن، الذي يخسر، أو يعتبر نفسه خاسراً في معظم الأحيان، فالمواطن الذي يملك 100 دولار، يخسر “إذا ما صرّف عالعالي” وينهار إذا ما انهار سعر صرف الدولار لأنه “ما صرّف وقت يللي كان لازم يصرّف”! 
أصبح اللبنانيون مدمنين على متابعة منصات الصيرفة، وعلى نقل البشارة السيئة بارتفاع سعر الدولار أو بانخفاضه! ولكن الأكيد أنه عندما يرتفع سعر الدولار فإن محطات الوقود ترفع خراطيمها فوراً، لتجني أرباحاً بمئات الملايين خلال لحظات، في حين أن السوبرماركات تعاجل الى رفع أسعار السلع مع كل ارتفاع لسعر صرف الدولار. وهذا السعر يتابع صعوده حين ينخفض سعر صرف الدولار على أي حال، خاصة مع حجة ارتفاع تكلفة النقل بسبب شح المحروقات، بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية! 

المواطن الذي يملك 100 دولار يخسر “إذا ما صرّف عالعالي” وينهار إذا ما انهار سعر صرف الدولار لأنه “ما صرّف وقت يللي كان لازم يصرّف”! 

كل السلع الى ارتفاع مستمر، إلا الإنسان، الذي حولته دولته وزعماؤه الى “سلعة” يبيعونه ويشترونه، ولكنه السلعة الوحيدة  في السوق اللبناني، وعلى طاولات مفاوضات المجتمع الدولي “يللي عم ترخص كل يوم”!

السابق
ندوة لـ«شؤون جنوبية» حول «الانتخابات النيابية 2022» في النبطية
التالي
‏ خاص «جنوبية»: عطيه ينسحب لسكاف.. و«القوات» تفضله على مرشحها «المتعذر»!