عبد القادر لـ«جنوبية»: زيارة الاسد إلى طهران نسفت المحاولات العربية لإخراجه من الهيمنة الإيرانية

العميد نزار عبد القادر

لا يمكن وضع زيارة رئيس النظام السوري بشار الاسد إلى إيران، إلا في سياق التطورات غير المسبوقة التي تحدث في العالم والمنطقة، وأبرزها الحرب الروسية- الاوكرانية وتداعياتها على الوضع السياسي العالمي ومفاوضات فيينا النووية، وعلى الدعم الروسي للنظام السوري، ومحاولة إيران الاستفادة من أوراقها في المنطقة لجني المزيد من المكاسب في المفاوضات.

اقرأ أيضاً: «العين»على طبيب العيون المرشح الياس جرادة في دائرة الجنوب الثالثة!

إذا بعد ثلاث سنوات على زيارة الأسد لإيران، أعاد الزيارة يوم الاحد الماضي مما أثار الكثير من التساؤلات عن التوقيت والاسباب، خصوصا أن إيران حاضرة بثقلها السياسي والعسكري في سوريا، ولها تواجد قوي  داخل نظام دمشق، وأصبحت جزءا من عقيدته السياسية التي يتصرف فيها  مع الدول العربية، بعد الدعم الهائل الذي قدمته له أبان إندلاع إنتفاضة الربيع العربي، كون النظام يضمن لها امتدادها الشيعي في المنطقة. والسؤال الذي يمكن طرحه هنا هل تعني هذه الزيارة، أن سوريا ستدور كليا في الفلك لايراني في المرحلة المقبلة، بعد الانفتاح الذي أبدته الدول العربية تجاهها وتحضير لإعادتها إلى موقعها في جامعة الدول العربية، وبعد تبدل الاولويات بالنسبة لموسكو منذ شنها الحرب على أوكرانيا؟ا وهل هناك من مكاسب سياسية سيجنيها حلف الممانعة (بما فيهم حلفاء سوريا و إيران في لبنان) بعد هذه الزيارة؟

كل طرق الخلاص أمام النظام تمر في أحضان النظام الايراني مع ما يعني ذلك من مطالب جديدة لدعم الوضع المتردي جدا لبشار الاسد

يشرح الخبير الاستراتيجي  والعسكري العميد نزار عبد القادر ل”جنوبية” أن “زيارة  الاسد إلى إيران هي زيارة الحاجة الاقتصادية الملحة التي يتخبط فيها النظام، وضرورة تأمينه الاساسيات اللازمة لإستمرار الدولة السورية في تأمين الحد الادنى من واجبها”، لافتا إلى أن “هذا هو السبب الاساسي للزيارة خصوصا أن هناك متوجبات على النظام يجب تأمينها، مثل فاتورة النفط والحاجات الاساسية الغذائية، وهو ليس لديه أي خط تمويل دولي أو إمكانية الحصول على عقود بسبب العقوبات عليه”.

آمل أن تجتمع القوى السياسية المعارضة لمحور المقاومة للحؤول دون الاتيان برئيس تابع  يشبه تبعية عون لحزب الله

ويرى أنه “في ظل الانشغال الروسي بحرب أوكرانيا، والذي يبدو أنه طويل ويتطلب رصد كل الامكانات الروسية لخدمة الحرب، والتخوف الكبير الذي يبديه بوتين من أن الدول الغربية، تريد له الغرق في مستنقع عسكري وسياسي طويل قد يؤدي إلى إسقاطه في الشارع الروسي”، لافتا إلى أن “كل ذلك جعل كل طرق الخلاص أمام النظام تمر في أحضان النظام الايراني، مع كل ما يعني ذلك من مطالب جديدة لدعم الوضع المتردي جدا لبشار الاسد ونظامه من جهة، وإعطاء إيران المزيد من مواقع القوة داخل سوريا، وإستعمال الموقع السوري المهم جدا داخل منطقة الشرق الاوسط من أجل زيادة النفوذ الايراني، وتحقيق مكاسبها في مواجهتها مع دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية”.

يضيف:”هذه الزيارة ستؤدي إلى السير عكس ما كان يسعى زعماء الخليج، من خلال محاولة إنفتاحهم  على النظام السوري، وخاصة دولة الامارات العربية المتحدة التي أوفدت وزير خارجيتها مؤخرا إلى سوريا، وكانت الخطة واضحة بأنها محاولة لإستمالة النظام السوري للإعتقاد بأن هناك عملية عربية يجري البحث فيها من أجل إعادة سوريا إلى الجامعة العربية “، معتبرا أن “الزيارة يبدو أنها نسفت كل الجسور التي حاولت الدول العربية المراهنة عليها، بإمكانية إقناع بشار الاسد للخروج تدريجيا، من هيمنة إيران على السلطة السياسية وعلى أرض سوريا”.

كيف سيترجم ذلك على أداء حلفاء سوريا وإيران خصوصا بعد الانتخابات النيابية؟ يجيب عبد القادر:”السياسة التقليدية في لبنان تتبع نظرية “عنزة ولو طارت”، وبرأيي سيعيد حلفاء بشار الاسد التبرير له رهن السيادة السورية إلى إيران، وسيجدون دائما الوسيلة لخلق الاعذار له، ولإقترافه هذه الخطيئة  بشكل علني وغير ممكن إصلاحه في المستقبل”، لافتا إلى أن “هذا هو منطق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مثلا، الذي يكابر بأن كل الدعم والاموال والمشاريع  والسلاح التي يحصل عليها هي من إيران، ثم يعترض على من يريد نزع سلاحه لأنه برأيه يحارب إسرائيل، مع العلم أنه في الواقع يرهن لبنان لكل الصراعات الاقليمية التي تريدها إيران”.

ويرى أن “هذا المنطق الخاطئ والمتناقض مع الواقع هو معمم، على كل اتباع المحور الشمولي ،ولعل أبرز مثال على ذلك ما قرأته بالامس من مقال لمستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان والذي يظهر أنهم يفكرون بنفس المنطق، الذي كان سائدا في العام 1967 ويرفعون الشعارات والمقاربات التي أثبتت عقمها وفشلها”.

يعتبر عبد القادر “أننا في لبنان في أزمة مصيرية، وقد لا تقتصر على القوى السياسية بل أيضا على المواطن اللبناني، وأعتقد إذا ربحت القوى الموالية لإيران وسوريا في الانتخابات النيابية، فإن الامور لن تتغير لأن المواطن اللبناني غارق بالفساد حتى أذنيه، ولذلك لا أعتقد أنه سيحصل في لبنان عملية خلاص كاملة”، ويرى أن “الحل الممكن لتخفيف هذه الاعراض، وخاصة أنه بعد الانتخابات النيابية نحن قادمون على إستحقاق كبير ،وهو إنتخاب رئيس للجمهورية، وفي حال إستطاع حزب الله هذه المرة في النفاذ برئيس للجمهورية تابع له، على شاكلة  تبعية الرئيس ميشال عون فهذا يعني أن على البلد السلام”.

ويختم:”آمل أن تجتمع القوى السياسية المعارضة لمحور المقاومة في لبنان في لقاء نيابي، من أجل الحؤول دون إستمرار هذا النهج الذي قد يأتي برئيس يشبه تبعية الرئيس ميشال عون لحزب الله”.

السابق
«العين»على طبيب العيون المرشح الياس جرادة في دائرة الجنوب الثالثة!
التالي
نصر الله يستعين بمرجعيات دينية «ناصبها العداء».. من أجل حفنة «أصوات»!