حسن فحص يكتب لـ«جنوبية»: ايران والسعودية ..«حب من طرف واحد»!

حسن فحص
يخص الصحافي المتخصص في الشؤون الإيرانية والعراقية حسن فحص "جنوبية" بمقال أسبوعي ينشر حصرياً على صفحات الموقع و منصاته الإلكترونية.

الاشارة التي صدرت عن الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي، خلال زيارته الى العاصمة القطرية الدوحة قبل ايام حول الازمة اليمنية، وتأكيده بان ايران ترحب وتدعم حوارا يمنيا- يمنيا، لحل الازمة المستمرة في هذا البلد، لم تكن اشارة عابرة، فهي تحمل مؤشرا على نوع من الليونة الايرانية في موقفها من هذه الازمة، بعد ان كان الخطاب الايراني يشدد في السابق، على عدم تدخلها في مسار هذا الحوار باعتباره شأنا داخليا يمنيا، وان الطرف المعني هو الجانب اليمني – الحوثي، الذي له الحق في تحديد آليات هذا الحوار والجهات المشاركة فيه. 

إقرأ أيضاً: حسن فحص يكتب لـ«جنوبية»: ايران وواشنطن..و«عقدة السقوف العالية»!

هذا الموقف اعاد التأكيد عليه وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبداللهيان، خلال استقباله لنظيره العماني في طهران بدر بن حمد البوسعيدي بالتاكيد ان بلاده على استعداد للمساعدة في تسهيل عملية حوار يمني- يمني، بما يساعد في اطلاق حوار حول ازمات المنطقة، واعادة الامن والاستقرار في اطار رؤيتها او مشروعها للامن الاقليمي، الذي اكده رئيسي، على شرط خروج القوات الاجنبية من المنطقة، كاساس ومدخل لبناء منظومة امنية اقليمية، تساعد على تعزيز الاستقرار والتفاهم، على المصالح المشتركة بين دول هذه المنطقة.  

ليونة ايرانية في موقفها من الازمة اليمنية بعد ان كان الخطاب الايراني يشدد في السابق على عدم تدخلها في مسار هذا الحوار

التعديل الحاصل في الموقف الايراني من الازمة اليمنية، بدأ قبل اسابيع، ما ارتفاع وتيرة الحاجة الايرانية، لاعادة اطلاق الحوار الثنائي بينها وبين المملكة العربية السعودية، من خلال التراجع الذي حصل في موقف جماعة الحوثيين من الحوار. اذ عمدت هذه الجماعة للتخلي عن شرطها الاساس المعلن، وغير المعلن، برفضها الجلوس الى طاولة التفاوض والحوار، مع حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، التي تعتبرها غير شرعية، وان الجهة المعنية بهذا الحوار هي الحكومة السعودية، انطلاقا من القراءة التي تعتمدها هذه الجماعة، بان الحرب التي تشهدها اليمن هي بين حكومة صنعاء الحوثية، و قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، انطلاقا من توصيف قوات حكومة هادي بانها مجرد مرتزقة لدى قوات التحالف. 

التعديل الحاصل في الموقف الايراني من الازمة اليمنية بدأ قبل اسابيع مع ارتفاع وتيرة الحاجة الايرانية،لاعادة اطلاق الحوار الثنائي بينها وبين السعودية

طهران التي حاولت تزخيم الجهود والنتائج، التي انتهت اليها الجولات الرسمية الاربع، التي عقدت في العاصمة العراقية بغداد مع الجانب السعودي، لتسريع عقد الجولة الخامسة بينهما، بعيدا عن تأثيرات ونتائج المفاوضات النووية الجارية في فيينا بينها، وبين المجموعة الدولية (4+1 وواشنطن بشكل غير مباشر)، اصطدمت بموقف سعودي حازم بصعوبة حصول اي تقدم، في ظل تمسك ايران بلعب دور المحايد في الازمة اليمنية، فضلا عن عدم تجاوبه مع مخاوف الرياض، المتعلقة بالدور الايراني المزعزع لاستقرار المنطقة، والنفوذ الذي تمارسه في الشؤون الداخلية لعديد من العواصم الاقليمية. بالاضافة الى عدم استعدادها – اي الرياض – لاي هدية مجانية لايران، في حال لم تصل المفاوضات النووية الى اي نتائج ايجابية مع المجتمع الدولي. 

في المقابل، فان طهران حاولت الذهاب الى موقف حيادي، في التعامل مع الهواجس السعودية المتعلقة بالازمة اليمنية، ورفضت ممارسة دور الطرف الممسك او صاحب القرار في الموقف الحوثي،  وربطت اي تقدم بالحوار بما يمكن ان تقدمه من مساعدة في تسهيل حوار بين الرياض والحوثيين. انطلاقا من رفضها تقديم اي ورقة، قد تؤكد تورطها في الازمة اليمنية مباشرة، من بوابة القبول بدور يتجاوز صفة الصديق للحوثيين، التي تحاول تكريسها في الخطاب السياسي والدبلوماسي. وذلك انطلاقا من مخاوفها من جعلها طرفا مباشرا في الحرب، في حال وافقت على اتخاذ اي قرار نيابة عن الحوثيين، يتعلق بالاليات التي تطالب بها الرياض، من اجل فتح حوار في الازمة اليمنية. اي جعلها طرفا مشاركا على طاولة الحوار. 

طهران حاولت الذهاب الى موقف حيادي، في التعامل مع الهواجس السعودية المتعلقة بالازمة اليمنية

تأكيد الرئيس الايراني من الدوحة، على امكانية توظيف العلاقة المتقدمة مع الدولة القطرية واميرها، في لعب دور ايجابي ومتقدم في الحوار الاقليمي بين ايران ودول المنطقة، خاصة الخليجية، يكشف عن رهان ايراني على دور قطري على خط العلاقة بين طهران والرياض، من خلال مجلس التعاون الخليجي، يساعد عليه قناعة ايرانية بقدرة الدوحة على احراز تقدم في هذا الاتجاه، نتيجة الدور الذي لعبته في الوساطة بينها وبين الولايات المتحدة الامريكية، وامكانية ان يساهم ذلك في تليين الموقف السعودي، خاصة في تقديم صورة قريبة عن الاجواء الايجابية، حول الحوار الامريكي الايراني، وما يمكن ان تنتهي اليه المفاوضات النووية الجارية في فيينا حول الازمة النووية. 

طهران لتأكيد الدور الوسيط الذي تلعبه مسقط على خط الحوار بين السعودية والحوثيين

على خط مواز، تسعى طهران لتأكيد الدور الوسيط الذي تلعبه مسقط، على خط الحوار بين السعودية والحوثيين، خاصة بعد التطور في موقف هذه الجماعة، الذي بدأ يتحدث عن حوار يمني – يمني، في تراجع واضح عن احد اهم شروطه الاساسية بالحوار الحوثي – السعودي، الامر الذي قد يشكل مدخلا جديا، او مؤشرا حقيقيا، على امكانية انطلاق حوار منتج لحل الازمة اليمنية في المرحلة المقبلة.

الزيارة العمانية الى طهران، تأتي بعد رئيسي الى قطر، وعقد مجموعة من الاتفاقيات الثنائية بين الطرفين (13 اتفاقية)، وايضا بالتزامن مع التقدم الحاصل في المفاوضات النووية. وهي تحركات تحاول طهران توظيفها، لايصال رسالة الى الرياض برغبتها في الانتقال الى مرحلة متقدمة من العلاقات الثنائية، خاصة وانها استطاعت التوصل الى تفاهمات ايجابية مع دولة الامارات العربية المتحدة، على صعيد العلاقات الثنائية بعيدا عن التباينات القائمة بينهما، حول العديد من الملفات الاقليمية. وهي جهود تحاول طهران توظيفها في تطوير علاقات الاقتصادية مع هذه الدول، استعدادا لمرحلة ما بعد الاتفاق النووي. 

السابق
الحرب العالمية الاقتصادية الروسية الأوكرانية.. هل يحفظ لبنان رأسه؟!
التالي
خاص «جنوبية»: «مجموعة الشعب يريد إصلاح النظام» تتجه الى ملاحقة مولوي!