الحرب العالمية الاقتصادية الروسية الأوكرانية.. هل يحفظ لبنان رأسه؟!

لبنان

تؤثر الأزمة الروسية – الأوكرانية على السياسة في العالم أجمع. والعالم يشهد اليوم حرباً عالمية اقتصادية وحرب عقوبات عالمية بشكل جديد. وبالتالي، فإن تأثير هذه الأزمة على الدول المتطورة، كما على الدول النامية ومنها لبنان يكون كبيراً. فلبنان المرتبط بكل أزمات العالم، هو ليس حتى ورقة تفاوض على طاولات الكبار على هذا المستوى العالمي. وهو فقط ورقة تفاوض على المستوى الاقليمي الشرق أوسطي ليس أكثر. “وما حدا فاضيلنا”!

إقرأ أيضاً: أوكرانيا.. حرب لا يربح بها إلا الموت!


لا شك، أن الأزمات الاقتصادية والمالية ستعم العالم بأسره في حرب عالمية من العقوبات والعقوبات المضادة المالية والاقتصادية، بينها ارتفاع أسعار النفط والغاز أو عدم توفرهما والكثير غيرهما. ونحن هنا لن نخوض في هذا الجانب. وسنحصر النتائج في التأثير السياسي – الاقتصادي على لبنان.

تأثير هذه الأزمة على الدول المتطورة كما على الدول النامية ومنها لبنان يكون كبيراً


إن بداية النتائج المباشرة السياسية اقليمياً، هو توقع تراجع مفاوضات فيينا بين الولايات المتحدة وايران، والبقاء على الستاتيكو الحالي. ما يعني اهمال قضايا الشرق الأوسط برمتها، وينعكس ذلك على لبنان بستاتيكو سياسي لا يستطيع لبنان تحمله لا اقتصادياً ولا مالياً. كما إن مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي، لا يمكنها أن تصل الى أي خواتيم ايجابية في هذه الظروف. وعلى أي حال، فالاصلاحات المالية والاقتصادية المطلوبة يستحيل تحقيقها، بمعزل عن سلاح حزب الله ودوره الاقليمي. فلبنان يحتاج الى مليار دولار “كاش” فورية ليستعملها في اصلاحات ادارية وكهربائية، وتسديد بدلات النفط العراقي والأردني والغاز المصري، قبل أن يحصل على حفنة صغيرة من الأموال من صندوق النقد الدولي. ولا شيء متوفر منها! أما تبعات عدم توفر القمح والنفط والغاز، الأوكراني والعربي… فهي أمور قد تصبح كارثية بذاتها، ولكنها ليست حصراً على لبنان!

مزيد من الانهيار المالي وحتماً الى تحليق جديد لسعر صرف الدولار مع تبعاته الاقتصادية الاجتماعية الكارثية!

ومن انعكاسات هذه الأزمة الدولية انسداد أفق مفاوضات فيينا، والتي تعني أنه لا امكانية أيضاً لأي تقارب عربي – ايراني. وبالتالي، ان استمرار التباعد بينهما يهدد اجراء كل الاستحقاقات الدستورية في لبنان مثل الانتخابات النيابية المقبلة، وحتى الانتخابات الرئاسية! وعدم إجراء الانتخابات، والذي يمكن أن يكون متنفساً شعبياً يحمل ولو شعلة أمل صغيرة بإتجاه التغيير، سيؤدي الى مزيد من الانهيار المالي، وحتماً الى تحليق جديد لسعر صرف الدولار، مع تبعاته الاقتصادية الاجتماعية الكارثية!

لن يكون هناك مغامرات في الداخل بانتظار حسم حزب الله أوامره للحلفاء لجهة إجراء الانتخابات النيابية من عدمها


لا مغامرات عسكرية إقليمية في الأفق! فلا أحد قادر على تحمل تبعات أي مبادرة عسكرية غير محسوبة. خاصة وأن الحلفاء الكبار في مكان آخر. وحتى بعض المواجهات سوف تنحسر مثل الحرب في اليمن وأزمة السودان وغيرها. فعند التغيير في الأمم، يهم الجميع أن يحفظ رأسه. وهذا الجو ينعكس على الداخل اللبناني. ما يعني أنه لن يكون هناك مغامرات في الداخل من “المجموعات الكبرى” التي تعمل على تهدئة الأوضاع، بانتظار حسم حزب الله أوامره للحلفاء لجهة إجراء الانتخابات النيابية من عدمها.

من انعكاسات هذه الأزمة الدولية انسداد أفق مفاوضات فيينا والتي تعني أنه لا امكانية أيضاً لأي تقارب عربي – ايراني


لن يكون المجتمع الدولي داعماً لأي من تفاعلات الثورة في لبنان حالياً. وهو إذا كان تعاطى في السابق، وبخاصة مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون”بواقعية” مع طبقة سياسية وصفها بالفاسدة، فلن يكون هناك لا متابعة لمبادرة ماكرون ولا مبادرات جديدة، خاصة وأن فرنسا تواجه الاستحقاق الرئاسي فيها قريباً.

لبنان السياسي سيدخل الى الثلاجة أما لبنان الاقتصادي والمالي فسيدخل الى النار!


كل مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الاسرائيلي ستتجمد. والصراخ في الخط 29 الضروري، لن يستمع إليه أحد.
لبنان السياسي سيدخل الى الثلاجة. أما لبنان الاقتصادي والمالي فسيدخل الى النار! وصلاة اللبنانيين  ألا تطول “الحرب العالمية الاقتصادية”، والتي سيكون لبنان، ولو بشكل غير مباشر، أول ضحاياها!

السابق
الأمن الغذائي بخطر في لبنان.. والسبب الحرب الأوكرانية!
التالي
حسن فحص يكتب لـ«جنوبية»: ايران والسعودية ..«حب من طرف واحد»!