لماذا قتلوا لقمان..الشيعي المدني التحرري؟!

لقمان سليم
مساء 3 شباط 2021 قبل عام، قام مجهولون بخطف احد قادة الرأي والناشط في ثورة 17 تشرين لقمان سليم، المعروف بمعارضته لحزب الله من داخل بيئته الشيعية، وذلك اثناء خروجه من زيارة احد الاصدقاء، واقتادوه من بلدة نيحا الجنوبية قضاء صور الى منطقة العدوسية الساحلية قرب الزهراني، حيث قاموا بتصفيته جسديا عن طريق قتله بأربع رصاصات في رأسه ورصاصة خامسة في ظهره.

هذا القتل الوحشي السهل، لشخص مدني أعزل من قبل مجموعة محترفة مدربة، اثار العديد من التساؤلات، أولا حول الجهة التي قامت بعملية الإغتيال، وثانيا حول السبب والغاية من هذه العملية، مع الملاحظة أن لقمان هو الشخصية الشيعية الأولى، التي استهدفها الاغتيال السياسي منذ بدء موجة الاغتيالات الاخيرة، التي افتتحت باغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري في 14 شباط عام 2005. 

بالنسبة لهوية القاتل، فان الراي العام اللبناني يؤيد بشكل كبير ما اعلنته عائلة لقمان صراحة، انه لا يهمها اي تحقيق لن يصل الى نتيجة، رغم ان الجهة الجانية معروفة، فشقيقته رشا قالت بعد ايام من الاغتيال ” لا تريد معرفة الحقيقة، ولا تنتظر شيئاً من القضاء اللبناني، الذي وصفته بأنه في حال غيبوبة، وهي أيضاً لا تريد قضاءً دولياً، لا سيما أنه أيضاً ليس منزهاً في بعض منه عن التدخلات السياسية. تؤكد أنها لن تلجأ إلى تحقيق دولي، ليس فقط لأنه يتطلب شروطاً معينة  وآلية تمر عبر مجلس النواب وميزانية، بل لأنها تعرف جيداً حقيقة من قتله، وهذا يكفيها”. 

الهجوم على منزل لقمان 

اما بالنسبة للسؤال الثاني: لماذا قتل لقمان؟ فلقمان بوصفه ناشط سياسي، وقائد رأي معروف بمناهضته للطبقة السياسية الحاكمة، فانه اختار مضاعفة جهوده، في سبيل تزخيم ومساندة الثورة التي اندلعت في 17 تشرين اول عام 2019، وهو شارك في جميع المظاهرات تقريبا على مدى عامين، التي بدأت كاحتجاجات مطلبية، ثم تحوّلت لاحقا الى الشعارات السياسية، مطالبة باسقاط الحكومات المتعاقبة، وعندما تدخّل حزب الله وحركة امل وارسلا مجموعات لضرب وقمع المتظاهرين بالعصي والحجارة  محاولا سحب الجمهور الشيعي من ميدان الثورة، فان المجابهة تحولت الى مجابهة مفتوحة بين الحزب، والقسم الاكبر من الثوار الناشطين، واحتدت خصوصا مع الناشطين الشيعة الذين بقوا في الميدان.

عيّنة من الملصقات التي علقها الخفافيش على دارة لقمان سليم – حارة حريك ليل 12/13 كانون الأول 2019 وفجره

تحدث محللون عن اغتيال مشروع لقمان سليم الشيعي المدني خوفا على الساحة الشيعية من اختراقها بمشروع فكري وطني تحرري 

وفي 13 كانون اول 2019 بعد مرور ثلاثة أيام على حصار “خيمة الملتقى” في ساحة الشهداء من قبل مناصرين لحزب الله، ومن ثم محاولة حرقها في اليوم التالي، بحجة ان الناشط السياسي و رئيس جمعية “هيا بنا” لقمان سليم ورفاقه وأساتذة جامعيين مستقلين، ينظمون محاضرة حول التطبيع مع اسرائيل، في حين أن عنوان المحاضرة كان “حياد لبنان”، أصدر سليم بيانا شرح فيه ما تعرّض له منزله الواقع في منطقة الغبيري، من اقتحام وتهجمات وتهديدات طالته وعائلته ، دون مراعاة “الغوغاء” لأي حرمة. فقد نشر، سليم البيان التالي:  

وفي اتصال مع “جنوبية” يومها أكد لقمان أنه  لم يعبأ يوماً بالتهجمات الشخصية، التي تطاله إعلامياً أو عبر مواقع التواصل من قوى الأمر الواقع الشيعي وأنصارهم، ولكنها للمرة الأولى التي تطال منزله وهو منزل العائلة التي تعيش فيه أمه وأخته أيضا، وهو أمر مشين يفوق التصوّر، ان يتم تهييج الرعاع والتعدي على البيت سوف يحدث بهذا الشكل السافر قال سليم لـ”جنوبية”:  قبل يومين ليل 11 – 12 الساعة 11.30 من يومين نظم عدد من الشباب المعروفة هويتهم تجمعا، ودخلوا إلى حديقة المنزل وسط هتاف صهيوني – وشتائم وتهديدات لي ولأمي ولأفراد عائلتي”. وأردف:” اليوم صباحاً  وجدنا على كل السور ملصقات تهديد وتحريض وهذا لم يعد بالشخصي فقط، ولكنه تهديد يستهدف المكان ومن داخل هذا المكان”. 

إقرأ أيضاً: «الفظيع وتمثيله»..آخر اصدارات لقمان: عن موت التعبير وانتاج نظام التعذيب!

وبالنسبة للخطوات التي سيلجأ اليها ردا على هجمات “شبيحة” الأحزاب المتكررة على منزله أجاب لقمان يومها: ” أنا أضع نفسي في حماية القوى الأمنية اللبنانية، وأعتبر ان مسؤولية ما جرى وما قد يجري، هو مدبّر من قوى الأمر الواقع، والكاميرات الخاصة بهم التي تحيط بالمنزل تعلم كل شيء، تعلم أكثر مني، وهم يعرفون بشكل دقيق ورصدوا من هم هؤلاء الذين تهجموا على المنزل، فلا يمكن أن ينكروا، والقوى الأمنية الرسمية قادرة على التحقق”.  

واذا كان لقمان قد حمل في بيانه يومها رئيسي زعيمي امل وحزب الله، مسؤولية الاعتداء على منزله، فهل يكفي هذا لتحميلهما او تحميل طرف منهما مسؤولية اغتياله؟ 

بالنسبة لهوية القاتل فان الراي العام اللبناني يؤيد بشكل كبير ما اعلنته عائلة لقمان صراحة انه لا يهمها اي تحقيق لن يصل الى نتيجة 

تحدث محللون عن اغتيال مشروع لقمان سليم الشيعي المدني، خوفا على الساحة الشيعية من اختراقها بمشروع فكري وطني تحرري، وتحدث آخرون عن رسالة ترهيب لجميع الثوار اللبنانيين المؤثرين لدى الاعلام العربي والعالمي، فيما عزا مساعد وزير الخارجية الاميركي دايفيد شينكر الاغتيال، في لبنان الى ضغوطات قصوى تمارسها ايران ضد واشنطن. 

بعد شهرين على اغتياله، أعلن إطلاق مؤسسة باسم لقمان سليم تعنى بقضايا “الاغتيال السياسي”. 

وفي بيان لها، قالت “مؤسسة لقمان سليم”: “سننكب من يومنا الأول على موضوع الاغتيال السياسي، اذ أحصينا في لبنان وحده 112 اغتيالا سياسيا من خمسينيات القرن الماضي إلى يومنا هذا، فكيف إن وسعنا دائرة اهتمامنا لتشمل العالم العربي والعالم من وراء ذلك؟”. 

واقترح البيان “برنامجا أرشيفيا وتاريخيا وكتابيا وفنيا ستتجلى ملامحه رويدا، ونحن نشاور عقول النساء والرجال، لسبر أغوار هذه الجرائم واحدة تلو الأخرى وما استتبعها، فتكرار هذه الفظائع طبع بلا ريب مساراتنا ومسارات ما آلت إليه بلاد لا تميز بعد بين قاتل وقاض”. 

السابق
حين يفضخ لقمان قاتله الجبان!
التالي
خاص «جنوبية»: الإدعاء على 9 بينهم عقيد في «شبكة التجسس».. وهكذا «وظف» الموساد العاطلين عن العمل!