«طاسة البنزين ضائعة» بين الطوابير والبيانات.. وإنفراج جزئي الاثنين!

تهريب البنزين والدولار مستمر
إنتهاء أزمة البنزين أو إستمرارها "حزورة" لن يُكشف الجواب عنها إلا يوم الاثنين المقبل، حيث يتم التأكد من قرار مصرف لبنان بإستمرار الدعم أم لا، وإن كان الحديث عن إنفراج جزئي سيحصل الاسبوع المقبل، علما أن الامر ليس بهذه البساطة، فملف المحروقات في لبنان شديد التعقيد، بسبب تداخله مع المصالح السياسية والحزبية و التجارية، والتي تؤدي إلى تقاذف المسؤوليات بين المعنيين، وإلى أن يتم التأكد مما سيؤول إليه هذا الملف، فإن مشهد طوابير السيارات المتوقفة أمام محطات البنزين سيبقى مستمرا و الاذلال للمواطنين أيضا.

لا جواب شاف وناجز عند السؤال، عما إذا كانت أزمة إنقطاع مادتي البنزين والمازوت في لبنان، في طريقها إلى الانفراج أم إلى مزيد من التأزم، وعما إذا فتح مصرف لبنان إعتمادات جديدة للشركات المستوردة للنفط، بل أن كلام المعنيين في هذا الملف أقرب إلى أحجية أو”نتف” من الحقيقة، مقابل مشهد مأساوي لطوابير السيارات، التي وقفت أمام محطات البنزين منذ ساعات الفجر الاولى، لتحجز دورها في الحصول على نصف صفيحة بنزين للسيارات العادية، وصفيحة كاملة للسيارات الرباعية الدفع، علما أن المحطات عدّلت دوام عملها ليبدأ عند الساعة الثامنة صباحا بدل السادسة.. لتصطف طوابير السيارات أمام محطات الوقود على مدى 3 ساعات.

إقرأ أيضاً: محطات «حزب الله» أول محتكري البنزين..والبقاع تقنين على تقنين!

عجقة بيانات

هذا المشهد على الارض قابله مشهد سوريالي في وسائل الاعلام، التي نقلت بيانات مصرف لبنان ووزارة الطاقة (أمس)من جهة، ولنقابات أصحاب شركات المستوردة للنفط ونقابة المحطات في لبنان ونقابة موزعي المحروقات في لبنان من جهة أخرى، ففي بيان مشترك مع وزير الطاقة ريمون غجر أشار مصرف لبنان “أن كميات البنزين والمازوت والغاز المنزلي، التي تم استيرادها خلال العام 2021 وحتى تاريخه، تمثل زيادة بحدود 10بالمئة عن الكميات المستوردة خلال نفس الفترة من العام 2019، علما أن الوضع كان طبيعيا وحركة الاقتصاد بشكل عام كانت أفضل حالا من هذا العام”.

وأضاف البيان:”رغم الحملات الممنهجة والتي تفيد أن مخزون الشركات المستوردة أصبح غير متوفر، فإن وزير الطاقة أكد وجود 66 مليون ليتر بنزين في خزانات الشركات المستوردة و109 مليون ليتر مازوت، هذا بالإضافة الى الكميات المتوافرة لدى محطات التوزيع وغير المحددة مما يكفي السوق اللبناني لمدة تتراوح بين 10 أيام وأسبوعين”، وشدد البيان على أن “مصرف لبنان منح أذونات للمصارف لفتح اعتمادات استيراد محروقات، شرط عدم المس بالتوظيفات الإلزامية، ويدعو المسؤولين الى إتخاذ التدابير اللازمة كون ذلك ليس من صلاحيته”.

مقابل هذا البيان كان كلام واضح لرئيس تجمّع الشركات المستوردة للنفط في لبنان جورج فياض اليوم، أكد فيه أن “مصرف لبنان لم يفتح حتّى الساعة اعتمادات المحروقات، بناء على الاجتماع الذي عُقد مساء أمس”، مشيراً إلى “ترقّب المستوردين ما إذا كان اليوم سيحمل حلحلة ما أو أننا سننتظر الانفراج في يوم الإثنين المقبل”.

تفريغ 3 بواخر الاسبوع المقبل!

من جهته طمأن عضو نقابة المحطات في لبنان جورج البراكس في بيان اليوم أنّه “لا إنقطاع لمادتيّ البنزين والمازوت في الوقت الحالي”، طالبًا من المواطنين “عدم إذلال أنفسهم في طوابير أمام المحطات، لأن المواد متوفّرة في المستودعات، وهي كافية لـ15 يوم، وفي الأيام المقبلة بواخر عديدة ستصل إلى لبنان”.

وأعلن البراكس أنّ “البيان الذي صدر من مصرف لبنان جديّ، وقد أعطى حلولًا للأزمة، وبدءًا من الساعات المقبلة سيعطي موافقات للبواخر التي ستبدأ بالتفريغ”.

هذا التفاؤل الذي يبديه براكس يؤيده مصدر معني بالملف إذ يقول ل” جنوبية” أن “إنفراجا جزئيا في ملف المحروقات سيحصل إبتداء من يوم الاثنين المقبل، حيث سيتم تفريغ باخرة محملة بالفيول تابعة لشركة توتال، و يوم الاربعاء سيتم تفريغ باخرتين تابعتين لشركتي مدكو و كورال، على أن يبدأ مصرف لبنان بفتح الاعتمادت من يوم الاثنين المقبل”.

يضيف المصدر:” مشهد وفرة البنزين في المحطات كما كان يحصل سابقا إنتهى في الوقت المنظور، إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، و لا نعرف إذا كان مصرف لبنان سيستمر في سياسة الدعم، فهو لم يجزم ذلك في بياناته ، لكنه كان حاسما في عدم المس بالاحتياطي الالزامي و ما علينا إلا الانتظار حتى نعرف ما ستحمله الايام المقبلة”.

أبو شقرا لـ”جنوبية”: الحديث عن إنفراج قريب يرد عليه  مشهد السيارات أمام محطات البنزين

في مقابل هذا التضارب في الاراء بين متفائل بإنفراج جزئي للأزمة وبين قائل بأن الوضع لا يزال على ما هو عليه، يشير ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا لـ”جنوبية ” أن النقابة قررت الامتناع عن الكلام إلى يوم الاثنين المقبل، عندها يكون المشهد إستمرار الدعم أم لا توضح بشكل كامل، اما الكلام عن إنفراج قريب فالرد عليه هو مشهد السيارات أمام محطات البنزين”.

فادي ابو شقرا
فادي ابو شقرا

مشهد غير مفهوم

إذا هناك مشهد غير مفهوم حول ما يحصل في موضوع البنزين، ما يعني أن هناك قطبة مخفية لا يريد أيا من المعنيين ألقاء الضوء عليها، وهذا ما يوافق عليه عضو لجنة الاشغال والطاقة والمياه النيابية النائب جوزيف إسحق، الذي يشرح لـ”جنوبية” أن “هناك هروب من المسؤوليات من قبل كل القيادات المعنية بهذا الملف، وأي جهة لا تريد إتخاذ قرار سواء من الحكومة أو وزارة الطاقة أو الشركات المستوردة أو أصحاب المحطات”، لافتا إلى أن “الجميع يتحدث عن شبح يدير هذا الملف، أما في الحقيقة فالجميع يتقاسم المسؤولية سواء لجهة غض الطرف عن التهريب الحاصل إلى سوريا أو تقاذف المسؤوليات في ما بينهم”.

إسحاق لـ”جنوبية”: الشركات لا توزع المحروقات لأن التهريب أربح

يضيف:”هناك مافيات تتحكم في سوق المحروقات لجهة شراء وتوزيع وتهريب البنزين والنفط، والشركات لا تريد توزيع المحروقات في لبنان لأنه بالنسبة للجميع التهريب إلى الخارج يحقق أرباحا مضاعفة، عما يحققه السوق الداخلي و في الوقت نفسه لا قرار سياسي بوقف التهريب”، معتبرا أن “كلام مصرف لبنان عن فتح الاعتمادات وأن هناك نفط في البلد فهذا يعني هروب آخر من المسؤولية ليضعها على الطرف الاخر”.

ويختم:”كلجنة طاقة نيابية سيكون لها إجتماع على ممثلي مصرف لبنان ومع ممثلي الشركات المستوردة لتبيان الحقيقة هو الأزمة الخاصلة”.

جوزيف اسحاق
جوزيف اسحاق

قطبة مخفية

يشرح الخبير النفطي الدكتور ربيع ياغي لـ”جنوبية” هذه القطبة المخفية التي تتحكم بملف المحروقات في لبنان بالقول:”ما يحصل في موضوع المحروقات مرتبط بسينفونية الدعم، فالمحروقات المستوردة ( خارج نطاق كهرباء لبنان) هي غير مدعومة، وقد تم إستحداث دعمها مع بداية الأزمة وإعطاء الدولار للمستوردين على أساس سعر 1500 ليرة”، لافتا إلى أنه “اليوم مصرف لبنان لم يعد قادرا على الاستمرار في هذا الدعم، وشركات المستوردة للنفط (بالسعر العالمي أي تقريبا 10 دولار لصفيحة البنزين) تخوض كباشا مع مصرف لبنان إما لحثه على إستمرار الدعم أو لإتخاذ قرار سياسي بالسماح لها ببيع البنزين على السعر العالمي”، ويشدد على أن “الدليل على ذلك هو ان بواخر الشركات المستوردة موجودة في المياه اللبنانية، وهو مدفوع ثمنها مسبقا من قبل الشركات لكن لن يتم تفريغها إلا إذا حسم مصرف لبنان أمره إما لجهة إستمرار الدعم أو إنهائه” .

ياغي لـ”جنوبية”: كباش يين الشركات المستوردة و “المركزي” لحثه على إستمرار الدعم 

ويرى ياغي أن “الحل العملي في هذه المرحلة الصعبة هو إستمرار الدعم مع ترشيد الاستهلاك، أي إبقاء الدعم لسيارات النقل العام ( السيارات العمومية والباصات) واتباع نظام مفرد و مزدوج للسيارات الخاصة لتخفيض إستهلاك البنزين”.

ويختم:”بهذه الطريقة ينخفض الدعم إلى مستواه الادنى، ويدفع المواطن اللبناني إلى التقشف في هذه الظروف الصعبة”.

الخبير النفطي الدكتور ربيع ياغي
ربيع ياغي

السابق
الحريري يُبارك للإمارات.. ماذا قال؟
التالي
لا آذان صاغية لصرخة خلف.. المُحامون مستمرون باضرابهم!