محمد عجمي.. وداعا ايها الثائر الطبيب الطيب!

الطبيب محمد عجمي

مسيرة فقيد الانتفاضة الدكتور محمد عجمي تستحق التوقف والتمعن. واذا كان هو ظاهرة لافتة لما أفرزته الانتفاضة إلا أن له نظراء، ولو أقل بروزا، في مختلف الساحات. ناشطات وناشطون انخرطوا بعناد في مختلف التحركات، ولم يستسلموا لليأس خلال فترات التراجع والاحباط.

ساحات لمع فيها ناشطات وناشطون بلا مقدمات، وغالبا بلا هوية حزبية، وبلا مصالح خاصة، وباتوا ينامون ويصحون على وقع التحركات. بعضهم يردد أي شعار يهتف على مسامعهم، وبعض آخر يدقق بالشعارات والهتافات، ولكن همهم الاساسي هو الاستمرار بالحركة، وكأن أي توقف أو مراجعة يعني الموت.

إقرأ أيضاً: وفاة طبيب تَفضح التسيّب الصحي جنوباً..و«حزب الله» يَرشي محازبيه بالبضائع المدعومة بقاعاً!

الدكتور محمد عجمي انخرط بالحراك بكل جوارحه، أهمل عمله وبيته ولازم الساحات، جميع الساحات. لم تعد ساحة العلم في صور أو ساحات الجنوب تكفيه، فتنقل بين مختلف ساحات الحراك من الشمال إلى الجنوب ومن بيروت إلى البقاع بلا كلل. لم يكن مع الجميع، بل هم كانوا معه، ولذلك كان يحبهم ويشكرهم ويتبنى بعضهم كأبناء أو بنات له.

كان هو الثورة والباقون أبناء هذه الثورة. اقول الثورة وليس الحراك أو الانتفاضة، تكريما له لأنه رفض دوما أي صفة للحراك بغير الثورة.كان يرفع قبضتيه ويصرخ ثورة، ثورة، الحنجرة لا تبح. لم تعد الثورة أنشطة وتحركات يساهم فيها، وإنما باتت حياته وتجتاح كيانه.

كان يهتدي في كل ساحة إلى مكبر الصوت، وبلا مقدمات يلقي خطبة قصيرة ينهيها برفع قبضته والهتاف ثورة ثورة. كنت أتساءل مع بعض الذين يعرفوه جيدا، حول كيف ستكون حياته بعد انتهاء الثورة وقد باتت حياته كلها متمحورة حولها. وفي طريق العودة من مظاهرة حاصبيا غامرت بطرح هذا التساؤل عليه. كان جوابه بأن الثورة لن تنتهي، ولماذا ستنتهي طالما هو ونحن معه احياء.قلت له لنفترض أنها توقفت، أو فشلت، ولكنه رفض مجرد التفكير بهكذا احتمال. وجاءته المنية لتجنبه عناء الاجابة.

ولعل من سخرية القدر انني مررت مع أصدقاء على الطريق حيث وقع الحادث، وربما كان الدكتور عجمي ما يزال هناك، ولكن كثرة الناس والسيارات المتجمعة هناك، كبحت حشريتي لمعرفة اصحاب الحادث، واكملت الطريق نحو صور. ربما لو توقفنا وشاهدناه لكنا اصطحبناه معنا إلى إحدى مستشفيات صور وكتبت له النجاة. وداعا د. محمد أيها الثائر الطيب الرقيق، سنشتاق لك وستفتقدك كل ساحات الوطن.

السابق
جريمة تهزّ عكار.. ابن الـ23 جثّة هامدة في سيارته!
التالي
بين «العدو» و«الشقيقة».. قضم حدود لبنان الشمالية والجنوبية ولا من يتحرك!