الحكومة إلى 2021.. من «ينقذ» المبادرة الفرنسية؟!

“مسار تشكيل الحكومة لا يزال متعثرا وولادة الحكومة قد تطول لبعض الوقت في حين أن البلد يقبع في مهب المجهول القاتم بكل ما تعنيه الكلمة من معنى”، هذه العبارة التي تلخص الواقع الحالي والمقبل للبنان ليست من باب بث المزيد من التشاؤم على يوميات اللبنانيين بل من باب قول الحقيقة المُرة والمستندة إلى عدة وقائع أبرزها، أي تطور حول تشكيل الحكومة لم يحصل بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري( باستثناء ما حكي عن لقاء غير مؤكد الاسبوع الماضي) وثانيها تمسك رئيس الجمهورية بوحدة المعايير في تأليف الحكومة وثالثها الموت السريري للمبادرة الفرنسية بالرغم من تمسك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وفريقه بها ومحاولاتهم اليائسة لإبقائها على قيد الحياة، بعد أن أجهز عليها المسؤولون اللبنانيون وأمعنوا في تقطيع أوصالها تارة بإفتعال الشروط التعجيزية لتأليف الحكومة وتارة أخرى بتفريغها من مضمونها، رابعها إفشال أي مشروع إصلاحي ممكن (التدقيق الجنائي نموذجا) مما يعني أن ترتيب الوضع الداخلي إقتصاديا وماليا لن يكون في متناول اللبنانيين لأن المسؤولين يرفضون تنفيذ إصلاحات سيدر وصندوق النقد الدولي.

اقرأ أيضاً: وجيه قانصو يكتب لـ«جنويية»: مشهدية السيّد والعبد في لبنان


بإختصار ينطبق المثل القائل “خربوها وقعدوا على تلها” على الاداء الذي ينتهجه السياسيون اللبنانيون منذ 6 آب الماضي حيال المبادرة الفرنسية التي ولدت من رحم مصيبة إنفجار المرفأ لإنقاذ لبنان، ليتبين في ما بعد أنها مجرد حمامة سلام تحاول العيش في جحور نسور مفترسة لم يتوانوا عن تناتش لحمها وإزهاق روحها خطوة خطوة حفاظا على سلطتهم ومكتساباتهم، حتى أنهم تفننوا بذلك وبأساليب متعددة حتى باتت المبادرة الفرنسية تحتاج إلى مبادرة أخرى لإنقاذها من براثنهم وإنقاذ البلاد من الهلاك المحتّم إذا لم تصله جرعات الاوكسجين من صندوق النقد الدولي ومؤتمر سيدر.

معايير خاصة و خوف من عقوبات

هذه الجرعات الموعودة يبدو للأسف مجمدة ولا يعرف اللبنانيون إلى متى، أما في حسابات مسؤوليهم فالامر خاضع لعوامل ومعايير أخرى هي الحفاظ على مكتسباتهم الخاصة، وهذا ما توافق عليه مصادر دبلوماسية التي ترجح ل”جنوبية” أن “الحكومة لن تولد هذا العام بل ربما في العام المقبل، والاسباب كثيرة أولها إقليمية أي أن إيران تريد أن تعقد صفقة بشروط أفضل مع الرئيس الجديد للولايات المتحدة جو بايدن، وبالتالي لن تفرج عن أي ورقة من أوراق قوتها خلال الفترة المتبقية من هذا العام ما دام الجمهوريون موجودون في البيت الابيض، وثانيها خوف الأوساط السياسية في لبنان من عقوبات أميركية جديدة يمكن أن تطالهم في حال كانت الحكومة المقبلة لا تتوافق مع المعايير التي وضعتها إدارة الجمهوريين وهذا ما يفسر محاذرة الرئيس المكلف بأي خطوة يمكن أن تُحسب في هذا الاتجاه، كما أنه لا يريد تحمّل النقمة الشعبية التي ستولد جراء رفع الدعم عن السلع الاساسية، تاركا لحكومة دياب هذه المهمة”.

يرجع المصدر “سبب تمسك الرئيس عون بمطالبه التي رفعها في وجه الرئيس المكلف، إلى عدة أسباب أولها الحفاظ على حق الفريق المسيحي الاكثر تمثيلا بتسمية وزرائه على غرار الطوائف الاخرى، ثانيها التحضير لقانون إنتخابي جديد وثالثها التحضير للإنتخابات الرئاسية المقبلة ورابعها أن يسجل لعهده ووزرائه أنهم كانوا فعّالين في عملية النهوض الاقتصادي (إذا حصلت)”.
في المقابل يشدد المصدر على أنه “رغم كل الانتكاسات التي أصابت المبادرة الفرنسية، إلا أن الرئيس الفرنسي مصر على التمسك بها وهو يعلن ذلك أمام فريقه وخلال إتصالاته مع الرئيس الحريري، وهذا ما يشجع الرئيس المكلف على الصمود لأنه ليس في وارد الاعتذار وترك الساحة لمنافسيه لأن كلفة هذه الخطوة باهظة عليه وعلى شعبيته في الطائفة السنية وعند مؤيديه في تيار المستقبل”.

محمد الحجار
محمد الحجار

دفتر شروط التأليف

يوافق عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار على أن الرئيس الحريري متمسك بالمبادرة الفرنسية، ويقول لـ”جنوبية”: “الرئيس الحريري وضع دفتر شروط لتأليف حكومته وبما يتناسب مع المبادرة الفرنسية وبالتالي يعمل بصمت وحذر للوصول إلى الهدف الذي ينشده، ولا تعنيه السجالات أو المناكفات بل سيكون له حديث طويل عبر الاعلام و في التوقيت المناسب ليتحدث حول كل ما يحصل ليشرح الأمور للبنانيين”.

الحجار لـ”جنوبية”: للحريري حديث طويل قريبا لشرح كل ما يحص


يضيف:”الرئيس الحريري يحرص على الصمت وعدم التعليق بشأن تشكيل الحكومة، والواضح هو أن هناك عرقلة من الفريق الذي يدّعي تأييد المبادرة الفرنسية لفظيا ويعرقلها فعليا بهدف الرجوع إلى منطق المحاصصة”، مشددا على أن “البلد لا يحتمل كل هذا التأخير وكل يوم يمر على لبنان من دون حكومة يصعّب من فرصة إنقاذه أكثر فأكثر و يسرّع من الانهيار الكامل للبلد”.
ويختم:”المفروض أن تتألف الحكومة قريبا وسنظل نضغط لتتشكل بأسرع وقت ممكن، فإذا لم يحصل ذلك فلبنان ذاهب حتما إلى الخراب”.

سيزار أبو خليل

النشاط لتشكيل الحكومة غير مرض

على ضفة تكتل لبنان القوي فإن الامور تقاس من زاوية أخرى، وهذا ما يفسره عضو التكتل النائب سيزار أبي خليل لـ”جنوبية” بالقول:”ليس التيار الوطني الحر هو من يشكل الحكومة السؤال يجب أن يوجه إلى رئيس المكلف وإجتماعات تكتل لبنان القوي تشدد دائما على تشكيل الحكومة لأننا لا نملك ترف الوقت، مع ضرورة التمسك بوحدة المعايير لتشكيل حكومة منتجة وإصلاحية وفقا لما تم الاتفاق عليه وعلى رأسه التدقيق الجنائي الذي يجب أن يبدأ بمصرف لبنان ويشمل كل مؤسسات الدولة وفقا للمبادرة الفرنسية، وأيضا إحترام الاصول الدستورية في عملية التشكيل وهذا أمر نصّر عليه”.

أبي خليل لـ”جنوبية”: بحاجة لحكومة سريعة من دون تجاوز الاصول


يشدد أبي خليل على أنه “الرئيس عون يحث (إنطلاقا من دوره الدستوري والوطني) القوى السياسية كي تقوم بواجباتها ونحن إلى جانبه في هذا الموضوع وفي هذه المعركة لإنتاج حكومة تواكب تطبيق الاصلاحات المطلوبة وتحظى بدعم مجلس النواب كي تتمكن كمن تنفيذ الاصلاحات”.
يضيف:”النشاط الحاصل لتشكيل الحكومة غير مرضي وأتمنى أن لا تطول فترة تشكيل الحكومة، والبلد بحاجة لحكومة سريعة لكن هذا الامر لا يعني لا تجاوز الاصول الدستورية والميثاقية ولا عودة عن البرنامج الاصلاحي”.

السابق
سامر المصري يسافر إلى السعودية من أجل سيارة أجرة!
التالي
من حلب الشرقية ونحو العالم.. «إلى سما» يربح جائزة الإيمي كأفضل فيلم وثائقي!