العلية يفتح «طاقة» الفساد ويضبط أبي خليل بالوثائق المشهودة.. هل من يتحرك؟

سيزار ابي خليل

ليس تفصيلا أن يعرض رئيس إدارة المناقصات جان العلية وعلى مدى ساعة ونصف من مؤتمره الصحافي في نادي الصحافة اليوم الاربعاء، نحو113ورقة (A4) توثق مخالفات جرت في وزارة الطاقة والمياه في العام 2017على خلفية تلزيم شركة كارادينيز التركية إستئجار بواخر لتوليد الطاقة، بل يمكن إعتبار كل ورقة من هذه الاوراق بمثابة إخبار يجب أن تتحرك على أساسه النيابات العامة المختصة لإيصال هذا الملف إلى خواتيمه التي يتطلع إليها اللبنانيون في وزارة وقطاع لطالما دارت “القصص والحكايا” عن الفساد الذي يدور في أروقته وعن أشباح ينهبون المال العام ويسببون نزفا هائلا في مالية الدولة وعلى مدى عقود من دون حسيب أو رقيب.

اقرأ أيضاً: فضائح وزارة الطاقة تابع: العلية يتجه لمقاضاة أبي خليل.. ومناقصة بواخر الكهرباء خير دليل!


إذا قدّم العلية اليوم وبالبراهين الملموسة أن فسادا حصل في وزارة الطاقة، وأن هناك تلزيمات جرت خلافا للقانون ومناقصات فصلت على قياس شركة واحدة وأن مناقصة البواخر لم تجر في إدارة المناقصات كما ينص قانون المحاسبة العمومية، بل أجراها إستشاري عينه وزير الطاقة السابق سيزار أبي خليل، وما على المعنيين سوى التحرك لمعالجة هذا التجاوز القانوني ووضع حد له، فهل يمكن أن يحصل هذا الامر في بلد تُزان كل أموره بميزان السياسة والمذهبية والطائفية وليس بميزان العدل والحفاظ على حقول المواطنين؟


الاجابة على هذا السؤال هو رهن الأيام المقبلة، لكن الثابت أن جان العلية إمتلك شجاعة تفجير قنابل “ليست صوتية” بل “قانونية” ومن العيار الثقيل وسيكون لها تداعياتها السياسية على الوزير الذي تسبب بهذه المخالفات اي الوزير السابق والنائب الحالي سيزار أبي خليل وعلى تياره السياسي الذي لطالما طالب من يتهمونه بالفساد، بأن يظهروا وثائقهم التي تثبت ذلك، لذلك من المفيد البحث عن التداعيات السياسية والقانونية التي خلفها المؤتمر الصحفي لرئيس دائرة المناقصات اليوم.

بطرس حرب
بطرس حرب

مسار قانوني

في الشق القانوني يشرح النائب والوزير السابق بطرس حرب لـ”جنوبية”، “أن الجهة التي عليها التحرك للتحقيق في المخالفات التي أظهرها العلية في مؤتمره هي التفتيش المركزي والنيابة العامة، لأنه ليس معقولا أن يعلن مسؤول عن دائرة المناقصات عن حصول مخالفات ولا يتحرك أي جهة”، لافتا “أنه لا يستغرب قول الرئيس العلية أنه سبق له أن قدم كتبا إلى الجهات المختصة لشرح هذه المخالفات من دون أن يتحرك أحد فالجميع يعرف التركينبة السياسية التي تحكم لبنان”، معتبرا أنه “وبالرغم من أن الوزير السابق الذي إرتكب المخالفات هو نائب حالي إلا أنه يمكن مقاضاته عبر طلب النيابة العامة من مجلس النواب رفع الحصانة عنه وأن يجتمع المجلس للقيام بذلك”.

حرب لـ«جنوبية»: يمكن مقاضاة أبي خليل في القضاء العادي


يضيف:”رأيي الشخصي أن هذا الموضوع لن يصل إلى خواتيمه لأن القضاء اللبناني يتهرب من محاكمة أي وزير معتبرا أن هذا الامر ليس من صلاحيته بل من صلاحية المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وهذا أكبر برهان على الفساد الذي يحصل في لبنان لأن هذا يعني أن القضاء في لبنان لا يريد أن تخضع أي شخصية سياسية للمحاكمة”.
في المقابل يوضح حرب أنه “يحق لرئيس دائرة المناقصات مقاضاة أبي خليل في القضاء العادي بالرغم من منصبه كنائب، لأن كلامه يتضمن إتهام جزائي لجان العلية بالتزوير و من حقه أن يطلب من القضاء أن يسترد له حقه”.
والسؤال الاخر هل يمكن مقاضاة رئيس دائرة المناقصاة لأنه تحدث عن المخالفات التي أرتكبت عبر الاعلام؟ يجيب حرب “هذا ممكن ولكن إذا حصل ذلك فهذا يعني أن الجهة المدعية تثبت على نفسها أن كل ما يدعيه جان العلية صحيح “.

باتريك مارديني
باتريك مارديني خبير اقتصادي

دلالات وتداعيات سياسية

ماذا عن الدلالات و التداعيات السياسية التي حملها المؤتمر الصحافي لرئيس دائرة المناقصات اليوم؟ يشرح رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور باتريك مارديني ل”جنوبية” هذه التداعيات بالقول:” من الناحية السياسية أظهر المؤتمر الصحافي للرئيس العلية أن هناك فسادا في وزارة الطاقة وهذا أمر مهم، لأن المشكلة التي تبقي مكامن الفساد مخبئة هو أن القانون اللبناني لا يعطي الحق لأي موظف أن يدلي بتصريحات إعلامية حول المخالفات القانونية التي تحصل في إدارته أو وزارته، ورغم أن هناك ُكثر من الموظفين في الادارة اللبنانية يهمهم فضح المخالفات التي تحصل، إلا أن هناك إجراءات قانونية عليهم إتباعها منها توجيه كتب عن هذه المخالفات وتوجيهها إلى ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي وأيضا إلى مجلس الوزراء، والدكتور جان العلية قام بكل هذه الخطوات ولكن للأسف لم يتم التحرك بهذا الموضوع”، موضحا “أنه بسبب القوانين التي تمنع على موظفي الدولة (منهم العلية) الظهور إعلاميا أراد الوزراء السابقين (سيزار أبي خليل) أن يحملوه مسؤوليات معينة لأنهم يعرفون أنه قانونيا لا يحق له الظهور، وبالتالي طفح كيل الدكتور جان وأراد وضع النقاط على الحروف من خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده اليوم”.


يرى مارديني أن “أبي خليل إقترف خطأ جسيما من خلال إتهامه رئيس إدارة المناقصات بالتزوير، مما أعطى العلية الحق بالدفاع عن نفسه وإضطر إلى فضح مكامن الفساد في وزارة الطاقة”، مشددا على أن “هذا المؤتمر فجّر قنابل من العيار الثقيل، حين أظهر أن وزارة الطاقة كتبت دفتر شروط وفتحت العروض من دون الرجوع إلى إدارة المناقصات وهذا أمر مخالف للقانون، لأن مناقصة توليد الطاقة عبر البواخر يجب أن تتم في إدارة المناقصات، ولكن على العكس كلفت الوزارة الطاقة إستشاري بوضع دفتر للشروط من خارج إدارة المناقصات وهذا مخالفة كبيرة للقانون”.

مارديني لـ«جنوبية»: العلية أضاء على مخالفات جسيمة

يضيف: “كما أن الاستشاري قام بوضع دفتر شروط على قياس الشركة التركية “كاريدينيز” التي تملك بواخر توليد الطاقة في لبنان، وعند فتح العروض إكتشفوا أن هناك شركة واحدة تطابق للمواصفات، أي الشركة التركية وإقترحوا الموافقة على المناقصة التي قدمتها عندها تدخلت إدارة المناقصات وأعلنت أن القانون ينص إذا شركة وحيدة مطابقة للشروط، ُتلغى هذه المناقصة”، لافتا إلى أنه “رغم ذلك وبعد فتح المناقصة أراد الوزير تغيير دفاتر الشروط لكي يبرهنوا أن أكثر من شركة تأهلت لتبرير الموافقة على مناقصة الشركة التركية، أي أنهم حاولوا تعديل دفتر الشروط بعد فتح المناقصة (وهذا أمر غير قانوني) لكنهم لم يتمكنوا من ذلك، عندها طلب الوزير أبي خليل من مدير عام إدارة المناقصات أن يقبل العرض الوحيد وأن يخالف القانون وهذا ما رفض العلية القيام بذلك، ولذلك قامت قيامة الوزير أبي خليل على العلية لأنه رفض مخالفة القانون”.

يوضح مارديني أن “العلية أضاء خلال المؤتمر على محاولة لتكليف لجنة وزارية لوضع شروط العروض وإلغاء لجنة إدارة المناقصات وهذا أمر مخالف للقانون أيضا، كما تطرق إلى قرارات مجلس الوزراء التي خالفت القانون”، معتبرا أن” هذه فضائح من العيار الثقيل ويجب على القضاء التحرك ورفع حصانات على نواب كانوا وزراء وقاموا بهذه المخالفات ويجب ان يعتبر المؤتمر الصحافي بمثابة إخبار لوصول هذا الملف إلى خواتيمه”. .
ويشدد على أن “إدارة المناقصات قامت بواجباتها القانونية كاملة حين وثّقت مخالفات الوزير أبي خليل وأرسلت كتبا إلى التفتيش المركزي وديوان المحاسبة والامانة العامة لمجلس الوزراء في الوقت الذي لا يحق لها الكلام عن هذه المخالفات إعلاميا”، مشيرا إلى أن “الاتهامات التي ساقها أبي خليل بحق العلية أعطته حق الدفاع عن نفسه في الاعلام وأتمنى ان تتلقف الجهات القضائية هذا الملف لإيصاله إلى خواتيمه بعد عرض مستندات ووثائق تتهم بالتزوير وبمخالفة القوانين”.

لتحميل ملف الـ pdf اضغط هنا

السابق
ما صحة تمديد مدة الاقفال العام واغلاق المطار؟
التالي
الخلل القانوني ينخر المحكمة الجعفرية(٢): عندما يصبح المعممون تحت رحمة الساسة!