هل يوقف الاتحاد الاوروبي مساعداته إلى حين تشكيل الحكومة؟!

غيم كثيف يظلل مسار تأليف حكومة الرئيس سعد الحريري المقبلة، من دون أن يتحول إلى مطر ُيفرج عن التشكيلة المرتقبة.

ما تشهده الأجواء اللبنانية لليوم هو مجرد برق يلمّح إلى أن الامور تسير إلى الامام وبإيجابية (أجواء بيت الوسط وكلام نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي) ورعود تشي بأن الولادة ستبقى متعثرة إلى أن يتم تطبيق المداورة على الجميع (كلام رئيس تيار الوطني الحر جبران باسيل وأجواء القصر الجمهوري) وإلى أن تستعاد الثقة بين مكون 8 آذار ولا سيما التيار الوطني وحزب الله من جهة وبين الرئيس المكلف من جهة أخرى (كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بضرورة الاسراع بتأليف الحكومة بالتعاون بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية من دون الاشارة إلى التمسك بالمبادرة الفرنسية).

هذا “الستاتيكو الداخلي” والمستمر منذ نحو أسبوعين خرقه عنصر جديد طرأ على مشهد التأليف وهو وصول مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون شمال أفريقيا والشرق الاوسط باتريك دوريل إلى لبنان وقيامه بجولة على المعنيين بتشكيل الحكومة،  شدد خلالها على “ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة مهمة وكفوءة ومقبولة من جميع الأطراف كي تباشر بالإصلاحات المطلوبة واستعادة ثقة المجتمع الدولي”، مؤكدا أن “بلاده  ستواصل تقديم مساعدات عاجلة في مجالات عدة، لا سيما منها المجال التربوي”، وذكّر بأن “وفاء المجتمع الدولي بالتزاماته تجاه لبنان مرتبط بتحقيق الإصلاحات”. 

كل ما سبق من لقاءات لدوريل هذا اليوم يدفع للسؤال عما يحمل في جيبه من معطيات جديدة في ظل الكلام بأن الاتحاد الاوروبي عازم على فرض عقوبات على معرقلي ولادة الحكومة!

جولة دوريل ترافقه  السفيرة الفرنسية آن غريو والمستشار السياسي جان هيلبرون، شملت كل من  قصر بعبدا، حيث التقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون  الذي أبلغه أن”لبنان متمسك بالمبادرة الفرنسية لما فيه مصلحة لبنان، وهذا الامر لن يتحقق الا من خلال حكومة موثوق بها وقادرة على انجاز الإصلاحات المطلوبة والتي وردت في الورقة التي تم الاتفاق عليها بين الرئيس ماكرون والقيادات السياسية اللبنانية، والتنسيق بشكل فاعل مع الشركاء الدوليين الذين تعهدوا بمساعدة لبنان لاخراجه من الأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة التي يمر بها”. وذكر رئيس الجمهورية ان ” الأوضاع الدقيقة التي يمر بها لبنان تتطلب توافقا وطنيا واسعا لتشكيل حكومة تتمكن من تحقيق المهام المطلوبة منها بالتعاون مع مجلس النواب لاقرار قوانين إصلاحية ضرورية”، مشيرا الى “أهمية التشاور الوطني العريض في هذه المرحلة الدقيقة”. 

كما شملت جولة دوريل عين التينة حيث استقبله رئيس مجلس النواب نبيه  بري على مدى ساعة غادر بعدها من دون الادلاء باي تصريح، فيما وصف الرئيس بري اللقاء بالجيد، شاكرا الرئيس الفرنسي الذي “يحمل هم لبنان”، و أكد “الموقف لجهة المبادرة الفرنسية وضرورة تطبيق الاصلاحات سيما في مجال الكهرباء ومحاربة الفساد”. 

واعتبر الرئيس بري “ان المدخل والمخرج الوحيد لخلاص لبنان، هو انجاز حكومة اليوم قبل الغد، على أن يكون الوزراء من الإختصاصيين يحظون على الثقة التي ينتظرها المجلس النيابي بفارغ الصبر من اجل العبور بلبنان الى بر الامان أمام الموجات العاتية داخليا وخارجيا”. 

كما  زار الموفد الرئاسي الفرنسي رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، في مكتب الكتلة في حارة حريك. و بيت الوسط للقاء  الرئيس المكلف  تشكيل الحكومة سعد الحريري.

كل ما سبق من لقاءات لدوريل هذا اليوم يدفع للسؤال عما يحمل في جيبه من معطيات جديدة في ظل الكلام بأن الاتحاد الاوروبي عازم على فرض عقوبات على معرقلي ولادة الحكومة، في حين أن كلاما آخر يدور في المقرات الرسمية أن ولادة الحكومة ستبقى متعثرة بسبب الكباش الدائر بين حلفاء إيران (حزب الله والتيار الوطني الحر) والإدارة الاميركية التي فرضت عقوبات على باسيل وستستكملها برزمة عقوبات جديدة على مسؤولي هذا المحور في لبنان .

الجواب يأتي من مصدردبلوماسي ينفي لـ”جنوبية” أن “يكون دوريل قد حمل تهديدا للمسؤولين اللبنانيين بعقوبات قد يفرضها الاتحاد الاوروبي عليهم وأصل هذه الاخبار هو تبلغ لبنان رسميا من الاتحاد الاوروبي بأنه سيوقف مساعداته إلى لبنان ومؤسساته الرسمية إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة وهذا الاجراء ليس من باب العقوبات بل من باب الحث على الاسراع في التشكيل، خصوصا أن دوريل حمل إلى المسؤولين اللبنانيين تأكيدا على تمسك الفرنسيين بهذه المبادرة حتى النهاية ونقل اهتمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتشكيل حكومة بأسرع وقت، وبأن تكون الاولوية لحكومة مقبولة من جميع الاطراف وتباشر عملها بموضوع الاصلاحات”.

الاوربيين فقدوا حماستهم للبنان ولم يعودوا مهتمين بتشكيل حكومة في لبنان، وحده الجانب الفرنسي لا يزال يتابع إتصالاته

يضيف المصدر:” هناك إهتمام  فرنسي جدي بالملف اللبناني بالرغم من الظروف التي تمر بها فرنسا، أما الاتحاد الاوروبي والفرنسيين فلن يفرضوا عقوبات على معرقلي تشكيل الحكومة وهناك إصرار من الفرنسيين على عدم ترك مبادرتهم تذهب أدراج الرياح، وبالتالي فالرئيس الفرنسي يعتبر ان مبادرة الفرنسية هي الأساس والمجتمع الدولي ينتظر تنفيذ الاصلاحات التي تضمنتها المبادرة ليقوم بدوره في  المساعدة وهذه الرسالة أبلغها دوريل إلى كل الافرقاء، مشددا على أن المساعدات الفرنسية للبنان على الصعيد الإنساني ستستمر وان المساعدات الاخرى مرتبطة بالإصلاحات التي ستحصل، و بأن مؤتمر دعم لبنان لايزال قائما ومطلوب تحضير الأجواء المؤاتية له أي تشكيل حكومة، كما أن زيارة الرئيس ماكرون إلى لبنان لا تزال قائمة في موعدها”.

في المقابل ثمة قراءة أخرى للدور الفرنسي تفيد بأن “الاوربيين فقدوا حماستهم للبنان ولم يعودوا مهتمين بتشكيل حكومة في لبنان، وحده الجانب الفرنسي لا يزال يتابع إتصالاته لكن وسائل تأثيره على المسؤولين اللبنانيين لحثهم على تجاوز مصالحهم الشخصية ليست كبيرة،  كما ان الادارة الاميركية الحالية يهمها متابعة فرض العقوبات ليس بهدف الضغط لتشكيل الحكومة، بل بهدف الضغط على إيران وبما أن إدارة ترامب راحلة فهذا يعني اننا سنشهد مزيدا من العقوبات ولكن الاميركيين غير مهتمين بالضغط لتشكيل حكومة، وهذا يعني أن موعد ولادة حكومة الحريري لا يزال في علم الغيب”. 

السابق
المستشار الفرنسي في حارة حريك: دفع باتجاه تذليل العقبات.. ماذا عن العقوبات الأوروبية؟
التالي
الحريري يلتقي دوريل.. لحكومة إختصاصيين غير منتمين حزبياً!