هل تنزل العقوبات الأميركية على الحكومة.. بعد باسيل؟!

لا تزال ترددات العقوبات الاميركية على رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل تجتاح الحياة السياسية في لبنان منذ يوم الجمعة الماضي، ومن المرجح أن يدوم صداها طويلا لفرادتها (كون باسيل هو أول مسؤول لبناني تتم معاقبته وفقا لقانون ماغنيتسكي المختص بمعاقبة الفاسدين ومنتهكي حقوق الانسان في حين أن العقوبات على كل من الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس تمت وفقا لقانون قيصر)، ناهيك عن خلط الاوراق التي تسببت بها هذه العقوبات سواء في تأليف الحكومة أو ما سنشهده لاحقا من علاقة التيار الوطني الحر الداخلية (بعد اتهام باسيل لمقربين بالتآمر عليه) ومع الحلفاء لاسيما مع حزب الله بعدما قالها صراحة ان الظلم الذي لحق به نتيجة علاقته مع الحزب.

اقرأ أيضاً: باسيل يتخبط في العقوبات و الرياح الآتية من واشنطن تلفح «حزب الله»


كل ما سبق يعني أن مسارا سياسيا وقانونيا جديدا يجب على باسيل خوضه، وبالرغم من أنه لم يقفل باب التعاون لإخراج الحكومة الى النور خلال مؤتمره الصحافي يوم الاحد، إلا أن الامور ليست بخير حكوميا ليس فقط بسبب العقوبات بل أيضا بسبب تمسك الرئيس ميشال عون وباسيل بمبدأ المداورة وبحصة وزارية وازنة للرئيس والتيار الوطني وحليفه النائب طلال إرسلان، وعلى هذا الاساس من المتوقع أن يزور الرئيس سعد الحريري قصر بعبدا خلال الساعات المقبلة للبحث في العقد التي تعترض هذه الولادة.


في المقابل هناك رأيان في البلد حول تشكيل الحكومة، الاول يقول أن العقوبات على باسيل سيزيد من التعقيدات والثاني يعتبر ان من مصلحة رئيس الجمهورية الاسراع في تشكيل حكومة لإنقاذ ما تبقى من عهده، وهنا تشير مصادر مطلعة على موقف قصر بعبدا ل”جنوبية” أنه “بعد زيارة للرئيس الحريري إلى بعبدا اليوم علينا انتظار كيفية تعاطي الرئيس الحريري مع التشكيل فإذا أصر على موقفه بالمشاركة في بتسمية الوزراء المسيحيين فهذا يعني أنه لا يريد حل الأزمة الحكومية وبالتالي الامور ستراوح مكانها، اما إذا أخذ موقف مغاير أي أنه ترك للطرف المسيحي تسمية وزرائه فهذا يعني ان يريد المعالجة ويؤدي إلى تسريع في تأليف الحكومة “.
وتختم:”المهم بالنسبة لرئيس الجمهورية إعتماد المعايير الموحدة سواء على مستوى عدد الوزراء او المداورة في الحقائب وفي كل الملف الحكومي “.

الخبير الدستوري بول مرقص
الخبير الدستوري بول مرقص

مسار قانوني طويل و صعب

في الشق القانوني يفسر يشرح أستاذ القانوني الدولي، ورئيس منظمة «جوستيسيا» الحقوقية الدكتور بول مرقص تبعات القرار ل”جنوبية” أن “قرار العقوبات بحق رئيس تكتل لبنان القوي وفقا لقانون (ماغنتسكي الدولي للمساءلة حول حقوق الانسان) هو قرار صادر عن مكتب إداري في الولايات المتحدة الاميركية وليس عن محكمة أميركية وهو مكتب مراقبة الاصول والموجودات الاجنبية في وزارة الخزانة الاميركية”، مشيرا إلى أن “الاعتراض على القانون الذي يمكن أن يقدمه المدرج على لوائح العقوبات هو أمام هذا المرجع الاداري الذي أصدر القرار ولو انه صدر بالتنسيق مع وزارة الخارجية الاميركية لأنه له علاقة بقانون ماغنتسكي الدولي للمساءلة حول حقوق الانسان”.

مرقص لـ”جنوبية”: العقوبات على باسيل قابلة للإعتراض و من النادر حذفها


يضيف:” هذا يعني ان مسار الاعتراض بات صعبا على كل الأشخاص الذين أدرجوا على مثل هذه اللوائح، فمنذ 3 سنوات من النادر أن يحصل حذف لأسماء عن هذه اللائحة، هذا القرار قابل للإعتراض ولكن من الصعب أن نجد أن وزارة الخزانة تحذف هذه العقوبات”، مشيرا إلى أن “قانون غلوبل ماغتنسكي هو الذراع الطويلة التي يمكن للولايات المتحدة ان تعاقب عبره من هو خارج الاقليم الوطني، ويرتاح الاميركيون في تطبيق هذا القانون لأن الدولار هو عملة عالمية كل المؤسسات العالمية وباسيل هو أول مسؤول لبناني طالته العقوبات وفقا لهذا القانون، وسبق أن تم الركون إليه لإدانة مسؤولين في غامبيا والصين ونيكاراغوا وهونغ كونغ لمعاقبة الاشخاص يعتبرهم الاميركيون متهمين بالفساد او منتهكي حقوق الانسان في العالم”.

يرى مرقص أنه “على المُدرج على قائمة العقوبات وفقا لهذا القانون البدء بتحضير ملف قانوني لمواجهة التهم المنسوبة إليه، وعمليا عليه أن يثبت عكس ما تضمنه القرار، وفي المرحلة الاولى عليه تبيان مضمون الاتهامات لتحضير ملفه القانوني، فحق الدفاع مقدس للمتهم ومن الضروري أن يطلع على التهم التي وجهت إليه حتى يتمكن من تحضير ملفه وتوكيل مكتب محاماة أميركي، علما أن الولايات المتحدة الاميركية يمكنها أن ترفض ضمنيا الطلب الذي رفع إليها من وزارة الخارجية اللبنانية للإطلاع على الوثائق والمستندات التي تدين باسيل “.


ويشدد على أن “هذا النوع من القرارات تستغرق شهورا طويلة من التحضير في الدوائر الاميركية المختصة وعلى عدة مستويات ويتم الاستعانة بمحققين فدراليين لبناء التقرير وجمع التفاصيل والتهم المسندة وهي عملية مكلفة وطويلة و معقدة”، لافتا إلى أن ” كل شخص أدرج على لائحة مكتب مراقبة الاصول والموجودات الاجنبية في الولايات المتحدة الاميركية التابع لوزارة الخزانة الاميركية أي الاوفاك، عانى من آثار مالية ومصرفية هائلة، فالحسابات المصرفية التي يملكها الشخص ولا سيما في المصارف اللبنانية ستقفل (عملا بتعميم من مصرف لبنان رقم 131 الصادر عام 2016) وهذه المصارف ملزمة بتنفيذ القوانين الاجنبية لأن المصارف المراسلة التي تتعامل معها المصارف اللبنانية وتحوّل أموالا عبرها، تمتثل لهذه القوانين الاميركية”.


ويضيف:”بالتالي تقفل هذه المصارف الحسابات العائدة للشخص المدرج وتطلب إليه سحب الوديعة وتمتنع عن التعامل معه وتحاذر من التعامل مع المقربين منه والدائرين في فلكه وأفراد عائلته وتراقب عملياتهم المصرفية عن كثب حتى لا يستفيد منها الشخص المدان، كما أن موجوداته في الخارج عرضة للحجز والتجميد لصالح مكتب الخزانة الاميركية”.


أما بالنسبة للعقارات وسائر الأموال المنقولة غير المالية، فيلفت مرقص إلى أنها “تبقى بمنأى عن هذه العقوبات، ما لم تتخذ السلطات المحلية إجراءات احترازية على هذه الأموال، كما أن الأشخاص المدرجون على قائمة العقوبات، تلغى تأشيراتهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتصبح لاغية حكماً، ويحذر المدرجون على هذه اللوائح بأنفسهم من السفر إلى دول تربطها بالولايات المتحدة اتفاقيات أو تفاهمات للتبادل أو التسليم، حيث إن ثمة أمثلة حصلت في العالم، حيث أوقف المتنقلون من هؤلاء المدرجين على اللوائح في مطارات دولية، واقتيدوا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، مع مراعاة الاختلاف حول نوع التهم وطبيعتها للأشخاص المعاقبين”.

السابق
هجوم ناري.. بهاء الحريري: أخشى ان يشكل أخي حكومة يسيطر عليها حزب الله «الارهابي»!
التالي
لقاح لـ«كورونا» سيعتمده لبنان.. هذا ما كشفه وزير الصحة!