باسيل يتخبط في العقوبات و الرياح الآتية من واشنطن تلفح «حزب الله»

باسيل حزب الله

مع حديث طهران عن ارتياحها لنهاية حكم الرئيس الأميركي دونالد ترامب من دون أن تصل إلى حد تهنئة جو بايدن بالفوز، وهو ارتياح مبعثه تصريحات سابقة للأخير بنيته العودة إلى الاتفاق النووي (المعقود معها في 2015 والملغى بموجب قرار من ترامب في 2018) إذا عادت إيران إلى الامتثال له، معربةً على لسان رئيسها حسن روحاني عن “الأمل في أن تخضع الإدارة الجديدة للأنظمة والقوانين وتعود إلى جميع التزاماتها”، وفق وكالة “تسنيم”، وعلى لسان نائبه إسحاق جهانجيري، الذي قال في تغريدة على “تويتر”: “نأمل بأن نشهد تغييرًا في سياسات أميركا الهدامة”، ونقلت عنه وكالة “إرنا” الإيرانية قوله إن “الشعب الايراني الذي صمد في وجه ترامب، لن ينسى الإضرار الواسع بمعيشته، وعدم حصول المرضى على الأدوية واغتيال القائد قاسم سليماني”.

اقرأ أيضاً: شيا تفضح باسيل وتردّ: وعد الادارة الاميركية بإعلان فك ارتباطه بـ«حزب الله»!

ومع وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (الذي كان يأمل مع غالبية الإسرائيليين قُدرت بـ63 في المئة وفق استطلاعٍ بفوز ترامب بولاية ثانية) الرئيسَ الأميركي الجديد في رسالة تهنئة الأحد بـ”صديق عظيم لإسرائيل” وإعرابه عن الأمل في “الذهاب لمزيد من تعميق التحالف الخاص بين الولايات المتحدة وإسرائيل”، بالتزامن مع تغريدة ذات مغزى له على “تويتر” مصحوبة بصورة حميمية مع ترامب جاء فيها: “شكرًا دونالد ترامب على الصداقة التي أظهرْتَها لإسرائيل ولي شخصيًّا، وعلى الاعتراف بالقدس والجولان، وعلى موقفك من إيران، وعلى اتفاقيات السلام التاريخية، وعلى قيادة التحالف الأميركي الإسرائيلي إلى ذروات لا مثيل لها”، وهو ما فُهم رسائلَ مبطّنة للرئيس الجديد بأن إسرائيل تتوقع مواصلة مشوار الدعم الأميركي من حيث انتهى مع الإدارة السابقة في هذه الملفات الكبرى، إضافة إلى دعم الاستيطان في الضفة الغربية ومباركة ضم الجولان ورعاية تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، في ظل تشكك كثيرين في إسرائيل بفريق بايدن وخشيتهم من أن يكون أقل تأييدًا لسياسات الدولة العبرية، وربما معاديًا لها، مع سعيه إلى تخفيف السياسة الأميركية السابقة حيال إيران.

العقوبات على باسيل

ومع انشغال لبنان بحديث عقوبات وزارتَي الخزانة والخارجية الأميركيتين على النائب جبران باسيل بسبب “الفساد الممنهج في النظام السياسي اللبناني المتمثل بباسيل، الذي ساعد على تآكل الأساس لحكومة فعالة تخدم الشعب اللبناني”، وفق وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، وبسبب “دوره في انتشار الفساد، وبموجب القرار التنفيذي رقم 13818 الذي يستهدف مكافحة الفساد ومنع انتهاكات حقوق الإنسان حول العالم”، وفق بيان وزارة الخزانة، الذي أضاف أن باسيل “من السياسيين الفاسدين في لبنان، الذي شهد احتجاجات مطالبة بالإصلاح بعد فشل الحكومات المتعاقبة في كبح التضخم وتوفير الكهرباء والخدمات الأخرى، وكان صاحبَ مناصب رفيعة ووُجهت إليه تهم فساد كبيرة، بتعيين أصدقاء له في مناصب، إلى جانب تورطه وزيرًا للمياه عام 2014 في مشاريع عدة وَجّهت أموال الحكومة إلى مقربين منه من خلال واجهة من الشركات. وعليه فإن جميع ممتلكات باسيل الخاصة بشكل مباشر، أو غير مباشر بنسبة 50 بالمئة أو أكثر، سيتم حظرها وإبلاغ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية عنها”، وبسبب (وفق بيان وزارة الخارجية الأميركية) “نظام الفساد والمحسوبية السياسية الذي ساعد ودعم أنشطة حزب الله المزعزعة للاستقرار…

ونتيجة لتورط باسيل في فساد، فإنه لن يكون مؤهلًا لدخول الولايات المتحدة، بموجب القسم 7031 (C)من قانون وزارة الخارجية الأميركية، والعمليات الخارجية الصادر في عام 2020، وانشغال المحللين بحساب مدى تأثير هذه العقوبات في مسار تشكيل الحكومة وخلط الأوراق في لبنان، وخصوصًا بعد جلاء هوية ساكن البيض الأبيض للسنوات الأربع المقبلة، وبعد المؤتمر الصحافي لباسيل الذي وجّه فيه رسائل في الاتجاهات كافة، أهمها ثلاث: إلى حزب الله بوجوب مراجعة وثيقة التفاهم، وإلى الرئيس المكلف سعد الحريري بوجوب المداورة على الجميع أو لا مداورة وعدم جواز منح وزير حقيبتين وتوزيع الحقائب والأعداد على الطوائف والكتل، ما قد يعيد جهود التشكيل إلى نقطة متأخرة، وإلى الأميركيين الذين كان لهم النصيب الأعظم من هجومه، إذ اتهمهم بأن هدفهم من العقوبات فصل تحالفه مع حزب الله وليس فساده، وبأنهم يحمون الفاسدين في لبنان.

جميع ممتلكات باسيل ستُحظَر وهو لن يكون مؤهلًا لدخول الولايات المتحدة 

ومع إصابة عهد الرئيس ميشال عون بصاعقة عنيفة بسبب العقوبات على الصهر الذي يُعتبر السند القوي و”القائم” الحقيقي بأعمال رئاسة الجمهورية، وقول النائب السابق فارس سعيد على “تويتر”: “أخطأ الرئيس عون في مطالبة الأميركيين بمستندات تؤكّد تورّط صهره بالفساد ودعم تنظيم ارهابي”، و”فخامة الرئيس game over، إبحث عن مصلحة ٤ ملايين لبناني مع أميركا بدل مصلحة صهرك التي هي شأنّ خاص، وإلاّ فخامتك ارحل”، وفي تغريدة ثانية: “لبنان يترقّب سلوك حزب الله تجاه باسيل، فالتضامن معه من باب “الوفاء” مهمّ لصورة الحزب ولكن أين تكمن مصلحته؟”، متسائلًا: “بين ‘الوفاء’ ومصلحة إيران مع الادارة الأميركية الجديدة كم كبش محرقة سيسقط في لبنان؟!”، ومشددًا على أن “هناك فرصة ذهبيّة امام الرئيس الحريري لتحسين شروط تفاوضه مع حزب الله والمجيء بحكومة محرّرة من القيود، فافعلها يا دولة الرئيس”…هل أراد باسيل بعد أن “وقع الفاس في الراس”، من وراء تركيزه في مواضع عدة خلال مؤتمره الصحافي على أن العقوبات في حقه هي بسبب حزب الله، تحميل الحزب المسؤولية الأخلاقية والضغط عليه لدعمه وتعويضه عن الخسارة السياسية الجسيمة التي لحقت به في رحلة سيره نحو رئاسة الجمهورية، وأيضًا للتعويض عليه ماديًا بعد تجميد كل حساباته في كل مصارف العالم التي تتعامل بالدولار الأميركي، إضافة إلى محاذرة المصارف الاستمرار في التعامل مع أفراد عائلته المباشرين وأقربائه إلا في حدود ضيقة جداً، شرط إخضاعهم لموجبات العناية الواجبة المعززة (enhanced due diligence)  وتعني مراقبة مكثفة لعملياتهم المالية والمصرفية؟

هل أراد باسيل من تركيزه على مسؤولية حزب الله  تحميله المسؤولية الأخلاقية؟


وهل كانت مقصودةً الفسحةُ التي تركتها الإدارة الأميركية أمام باسيل للتخلص من العقوبات، وهي التحاكم أمام القضاء الأميركي الذي يملك وحده حق إبطال مفعولها، لجعله يعيد النظر في سياسته وعلاقته بالحزب، على رغم الكلام الكثير الذي حشا به طيات خطابه المفيد عكس ذلك، والذي تعلم الإدارة الأميركية أنه ليس بيت القصيد ولا يؤخر شيئًا ولا يقدمه، بل تنتظر أفعالًا ظهر أول إرهاصاتها سريعًا في الخطاب نفسه، في سيناريو يشبه سيناريو “أخيه اللدود” نبيه بري مع العقوبات ومسارعته بعدها إلى ترسيم الحدود، إذ سارع باسيل إثر إعلانه أنه لن يترك حزب الله إلا “لأسباب داخلية تتعلق بنا وبمصلحة البلد”، إلى القول: “لكن البلد يحتاج الى إصلاح حقيقي ولا يمكننا أن نكمل هكذا. اتفقنا أخيرًا على إجراء مراجعة وإعادة نظر في وثيقة التفاهم كي نطورها ونقدم لجمهورنا وللناس والبلد الخير”؟وما هي السياسة التي سيتبعها الرئيس ميشال عون بعد أن لاحت أماراتُ تلاشٍ محتمل للأمل الأخير بإنقاذ لبنان اقتصاديًّا، تمثلت بمغادرة السفيرين السعودي وليد البخاري والإماراتي حمد الشامسي لبنان إلى بلديهما من دون تحديد الأول أسبابها رسميًّا وموعد العودة، ومن دون تحديد دولة الثاني اسم سفيرها الجديد بعد الشامسي، الذي استلم مهام جديدة سفيرًا لدولته في مصر، وخصوصًا بعد إعطاء الدولتين الفرصة الأخيرة لحكومة إنقاذ من غير الحزبيين وخيبة أملهما نتيجة الضغط الذي مورس على الحريري لفرض حكومة محاصصة تهيمن عليها الأحزاب من جديد، وعلى الأخص “حزبُ الله”؟ وأي إنقاذ مستحيل للبنان يدور في رأس العهد من دون دول الخليج مع يقينه ويقين الجميع بأن لا مساعدات للبنان ولو صغيرة في ظل الانسحاب الخليجي منه، وإثر رفض القائمين على الحكم في لبنان إبداء أي بادرة حسن نية تجاه مؤسسات المجتمع الدولي، بعد تفشيلهم البنك الدولي ثم القضاء على الخرق الفرنسي عبر المبادرة الفرنسية التي فتحت كوة أملٍ في جدار العزل الدولي، حتى وصل المطاف بهم إلى شركة التدقيق المالي “ألفاريز أند مارسال” بعد رفض حاكم مصرف لبنان إمدادها بأي معلومات، بل وحتى إعطاءها مكانًا داخل المصرف لممارسة عملها..

 أي إنقاذ مستحيل للبنان يدور في رأس العهد من دون دول الخليج؟

ويشرح أستاذ القانوني الدولي ورئيس منظمة «جوستيسيا» الدكتور بول مرقص الحقوقية لـ”جنوبية”، أن “مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (أوفاك) ليس محكمة بل هو إدارة رسمية في وزارة الخزانة الأميركية ويتم الاعتراض أمامها في مرحلة أولى، ومن ثم يمكن اللجوء إلى القضاء في حال لم يرفع المكتب العقوبات”.

وفي رده عن سؤال هل يستطيع الرئيس بايدن رفع العقوبات عن باسيل، قال: “طالما أن الاسم هدف العقوبات قد أُدرج فتجب المباشرة بالإجراءات الآيلة إلى حذف هذا الاسم بناء على معلومات ذات مصداقية يقدمها المتضرر، ولا يستطيع حتى الرئيس التدخل إلا في حال تهديد الأمن القومي الأميركي، وهو ما لا ينطبق بالطبع على حالة باسيل”.

مرقص لـ «جنوبية»: لا تتدخل ادارة الرئيس الأميركي لرفع اي اسم  إلا في حال تهديد الأمن القومي

وتابع: “وعليه، فإن على باسيل التقدم إلى وزارة الخزانة أولًا ثم إلى القضاء كما أسلفنا. أما وزارة الخارجية، فإنها شريكة مع وزارة الخزانة بسبب أن قرار العقوبات مستند إلى قرار ماغنتسكي الذي يتعلق بمعاقبة الفاسدين في الخارج، لكن الدور الأهم والأساسي يبقى لوزارة الخزانة”.

الخبير الدستوري بول مرقص
الخبير الدستوري بول مرقص

ماذا ينتظر لبنان؟

أي مستقبل ينتظر لبنان؟ على الأرجح لن يكون تشكيل الحكومة وشيكًا، فكما جمد حزب الله التشكيل حتى جلاء نتائج الانتخابات، سيفرمل التشكيل لأشهر أخرى حتى جلاء موقف الرئيس الجديد وإدارته وفريق عمله من إيران، والتصرف بعدها على ضوء هذا، فإن كانت تسير وفق أهواء “الحزب الإلهي” تتشكل الحكومة بسرعة قصوى، في حال لم يعتذر الحريري عن التشكيل، وإذا اعتذر فإن البديل سيكون أخاه بهاء المقرب من بايدن، والذي هنأه عقب فوزه بتغريدة عبر “تويتر” مرفقةٍ بصورة تجمعه وبايدن يقول فيها: “أبارك للرئيس المستقبلي للولايات المتحدة الأميركية جو بايدن، وأتمنى له الأفضل”، وإن غدًا لناظره قريب.

السابق
سيرين عبد النور عضو في لجنة تحكيمThe Masked Singer!
التالي
«كورونا» لبنان الى انخفاض طفيف.. كم بلغ عدد الاصابات والوفيات؟