بلد الطوابير.. النظام السوري يسجن المواطنين على دور رغيف الخبز!

خبز سوريا

قالها وديع الصافي قبل عقود: “أنا من بلد الحكايات المحكية عالمجد، المنبية عالألفة”، ويا ليتها صدقت الأغنية في مخيلة السوريين الذين يواجهون اليوم واقعاً ملبداً بالسواد تحت ظل نظام جائر قتل وشرد ونكّل وهجر وبقي على رأس هرم السلطة مغتراً بنفسه يذّل المواطن في أبسط حاجاته اليومية “الخبز”.

الطوابير في سوريا مصطلح ليس بجديد، بل هو قديم قدم نظام الأسد الأب، حيث تمكّن حافظ الأسد من تجنيد الشعب السوري في ظل نظام البعث، مبتدئاً ذلك بمفهوم “الطليعة” في مرحلة التعليم الابتدائي حيث يقف الطلاب خلف بعضهم ويسيرون في صف منتظم متجهين نحو “معركة افتراضية”، تلا ذلك التجنيد للشباب بإدراج مفهوم التربية العسكرية في المرحلتين الإعدادية والثانوية بترهيب الطالب وزراعة مفهوم البدلة العسكرية في ذهنه والرتل العسكري الذي يبدأ صباح كل يوم في المدرسة بإيعازات مستقاة من الاوامر العسكرية ولا ينتهي حتى انتهاء الدوام الرسمي بنفس الطريقة.

لم يمكن لدى الطالب السوري ليختار الرفض في مدارس الأسد، فمفهوم “الطابور” سيتحول لديه إلى عادة يومية يشاهدها في البداية لدى والديه، حين يقف والده على طابور المؤسسة التموينية للحصول على حصة العائلة من السكر أو الرز أو الزيت.

إقرأ أيضاً: إعلامية موالية للأسد: روسيا تتفرج على حرائق سوريا دون أن تتدخل!

وسينتقل الشاب ليعيش الطوابير المبكرة في حياته على باب التسجيل في الجامعة، وعلى أبواب المصارف ومراكز التبرع بالدم وهكذا حتى يتماهى دماغه مع فكرة الطابور وتصبح جزء مسلّم من تفاصيل حياته اليومية.

لكنّ المؤسف أكثر أن يعيش المواطن هذه الطوابير دون أي قدرة على التمرد، فهو ماثل اليوم أمام نظام مجرم غير قابل للتغيير أو التبديل الجزئي، فالتسوس نخره حتى العظام، وجزء من الشعب رضي بالبقاء تحت ظل النظام بكل سوءه بدلاً من العيش في المجهول أو خيم النزوح.

ومع اشتداد الضغط على نظام الأسد من قبل الدول الغربية ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية بفرض عقوبات اقتصادية، وشبه تخلي متصاعد في وتيرته من قبل حلفاء الأسد ولا سيما الروس، وجدَ النظام نفسه أمام مرحلة جديدة من الطوابير التي ستخترق حياة المواطن وتلهيه عن التفكير بالتمرد أو الرفض للواقع المُعاش، فطابور البنزين لا يقل قصراً عن طابور المازوت، حاله حال طابور السكر وطابور الدخان وهكذا حتى وصلت الأزمة إلى مخصصات الخبز وبدأت الطوابير الأكثر قهراً.

إقرأ أيضاً: من البستان إلى العرين.. أسماء الأسد تستولي على أكبر جمعية لرامي مخلوف في سوريا!

ليستمر الفصام وحالة الإنكار بين تصريحات المسؤولين في دوائر النظام والواقع المتردي لدرجة السو البالغ، فبعد انتشار صورة لطوابير على فرن للخبز يحتجز فيها المواطنون ضمن خيمة تحوي أسلاك شائكة، رفض مدير مخابز دمشق التعليق لإذاعة محلية على الصورة واكتفي بالقول إن هذه الطريقة هي لتنظيم الدور والفصل بين الرجال والنساء وجنود الجيش، كما أشار إلى أن ثقافة الدور غير موجودة في البلاد حسب تعبيره.

إذاً الدور ثقافة لا يفقهها المواطن السوري، ونظام الأسد هو المعلم الذي يمسك العصا لصناعة ثقافة الدور، فالنظام الذي لا يشبع مواطنيه ولا يقدم لهم أدنى مقومات الحياة يفصّل عصا الاستبداد على مقاسه ويعيد السوريون إلى الحياة البدائية كما تقول أغنية لفنانين مواليين خرجت من عمق النظام بعنوان سجّل أنا سوري.. تقول كلماتها “الهجرة هي حلمي والسفر دكتوري”.

السابق
محاصصة مذهبية وحزبية.. لقاء تشرين للمنظومة السياسية: فاض الكأس عفنًا!
التالي
أزمة خبز مجددا؟؟.. «اتحاد أفران لبنان» يهدّد بالتوقف عن العمل في هذا التاريخ!