«الحزبية» الحاكمة تحتكر ذهب لبنان الأزرق!

مكان انعقاد المفاوضات اللبنانية الاسرائيلية حول الحدود البحرية
مصطلح الذهب الازرق اطلقه علماء الغرب حديثا على المياه العذبة التي لا حياة من دونها، والتي تحولت الى سلعة بفعل التجاذبات السياسية، فتدخلت الدول الراقية من اجل لجم التلاعب بالأمن المائي للشعوب، لتعلن المياه هي حق طبيعي للشعوب.

يشهد العالم في نصف القرن الأخير موجة من المواجهات بين شعوب مجموعة من الدول وبين محاولات الخصخصة الاقتصادية القاتلة التي يروج لها الرأسماليون محاولين تحويل كل شيء إلى سلعة، وجاهدين في جعل العالم بأجمعه سوقاً استهلاكية تجارية كبرى لكل ما يحتاجه الناس. 

 ومن بين الأمور التي يسعون إلى جعلها مادة في السوق الاستهلاكية التجارية هي : ” الماء ” الذي بدأوا يعبرون عنه بالذهب الأزرق في أدبياتهم الاقتصادية من خلال الترويج للتجارة به وبيعه وشرائه، في حين تسعى المنظمات الحقوقية في الدول المتحضرة لجعل الماء مباحاً لكل بني الإنسان عبر إباحة ملكيته لكل الناس، حيث أطلق الاتحاد الأوروپي مؤخراً حملة عالمية دعائية حول المياه تحت شعار: ” المياه للجميع، في كان زمان، في كل مكان “. 

فرنسا تمنع خصخصة المياه 

 وقد انطلقت قبل ذلك لهذا الغرض حملات في فرنسا لرفض خصخصة المياه وجعلها تحت إدارة القطاع العام بهدف توفير هذه المادة الحيوية لكل أبناء الشعب الفرنسي، وبعد نضال زاد عن خمس عشرة سنة تمكنت الهيئات الحقوقية في فرنسا من منع خصخصة المياه ومنع وقوعه سلعة بيد تجار الذهب الأزرق.  

اقرأ أيضاً: عصام خليفة يكشف عن أخطر ما في مُفاوضات الترسيم:إسرائيل تُريد تغيير الحدود!

     ولبنان كبلد متعدد الطوائف ويميل نظامه لتبني العلمانية ويدعي سيره على نهج التقدمية والرأسمالية وتوجهات الدول المتحضرة في الغرب والشرق، ولديه نسبة عالية من المثقفين بثقافة العصر، هذا البلد يعيش قمة الجهل في أنظمته لجهة النظر في الحاجات الإنسانية التي يأتي توفير المياه لأفراد الشعب من أولوياتها. فهو البلد الغني بالأنهار والينابيع والعيون، والأغنى بالثروة المائية قياساً على دول المنطقة، ولكن جميع أفراد شعبه والنازحين واللاجئين والمهجرين إليه يحتاجون على مدار السنة لشراء مياه الشرب والخدمة على حد سواء وبنسب تتفاوت بين منطقة وأخرى وبين حي وآخر وبين بناية وأخرى، وهذه معضلة حقيقية، وتزداد صعوبة عندما وصل سعر ليتر مياه الشرب قبل سنوات بما يوازي ليتر البنزين أو بقية أصناف الوقود، وهذه مأساة حقيقية في لبنان كافية لقلب النظام والثورة على الحكم والحكومة والحاكمين والسياسة والسياسيين .. 

الاحزاب الحاكمة متورطة في احتكار المياه 

 ولكن الحزبية الحاكمة في لبنان والمشاركة في صفقات الخصخصة هي المانعة من حركة الشعب، فقادة الأحزاب اللبنانية الذين يملك عدد منهم شركات كبرى لتكرير المياه، هم وراء لجم الشارع عن النهوض، لذلك يتحملون كل المسؤولية عن مظلومية كل المتضررين من هذه السياسات، فتجارة الذهب الأزرق هي من التجارات الرائجة في لبنان في العقود الأربعة الأخيرة إلى درجة يمكننا القول: إن المياه اللبنانية تحولت إلى نهج الخصخصة عملياً دون تقنين رسمي لهذه الخصخصة!  

فالدولة لوحدها تتقاضى شهرياً من كل بيت حدود ثلاثين ألف ليرة لبنانية شهرياً كبدل عن خدمتها لشبكة المياه دون صيانة حقيقية من الدولة لهذه الشبكة ودون منعها من التعديات المحمية على هذه الشبكة من تابعي الأحزاب والسلطات المحلية، وهذا البدل الذي تتقاضاه الدولة قابل للزيادة هذه الأيام لو حكمت البلد سلطة جديدة تعتمد ما يسمى بالإصلاح الضريبي أو نظام ضريبي عصري كما يحلو للبعض تجميله حينما يتحدث عنه. 

 ويضاف إلى بدل شركة مياه الدولة هناك نفقات مياه الشرب ومياه الخدمة تذهب للشركات الخاصة، لأنها ضرورة ملحة لكل بيت لبناني بسبب عدم صلاحية مياه الدولة للشرب وبسبب انقطاعها في الصيف والشتاء بنسب متفاوتة مما يعوز اللبنانيين لشراء مياه الشرب والخدمة على الدوام وفي مختلف المناطق اللبنانية وبدرجات متفاوتة أيضاً، مما يعني أن متوسط ما قد تحتاجه أكثر العوائل اللبنانية من مصاريف المياه الشهرية قد يصل إلى حد اقتطاع ثلث الحد الأدنى للأجور تقريباً إن وُجدت أجور في هذا الظرف الاقتصادي والمعيشي العصيب الذي يمر به البلد ..  

فمن يتحرك ليعيد الحقوق الإنسانية بهذه المادة الحيوية لجميع أفراد الشعب اللبناني على الطريقة الفرنسية في أضعف الإيمان؟  

ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود ..  

السابق
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الاثنين في 19 تشرين الأول 2020
التالي
وزير لبناني يعلن اصابته بـ«كورونا».. من هو؟