أمير الكويت.. رحيل عراب لبنان و «الطائف»!

الشيخ صباح جابر الصباح امير دولة الكويت

برحيل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ، يفقد لبنان وهو في أحلك ظروفه ، واحدا من أكبر وأوفى وأنبل الأصدقاء الذي لم يألو جهدا على مدى تاريخ الأزمة اللبنانية الممتد منذ العام 1975 تاريخ إنفجار الحرب ” الكونية ” على أرضه ، لإصلاح ذات البين بين اللبنانيين أنفسهم بداية ، وبينهم وبين الفلسطينيين تارة ، وبينهم وبين السوريين تارة أخرى حتى بات الشيخ صباح يعد بحق واحدا من ” أهل البيت ” من حيث معرفته بدهاليز وسراديب السياسة اللبنانية وتعرجاتها وزواريبها الطائفية والمذهبية ، وكذلك إرتباطاتها الخارجية من أين تنبع وأين تصب . 

منذ تفتح و عينا السياسي ونحن نسمع بوزير خارجية الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح الذي قضى في هذا الموقع 40 عاما بحيث بات عميدا لوزراء الخارجية في العالم ، تخللها أحداث عربية ودولية كبرى ما أكسبه خبرة وحنكة دبلوماسية قل نظيرها وضعها والحق يقال في خدمة قضايا بلده وأثمرت بعد إحتلال  الكويت تعاطفا دولياً معها في وجه النظام العراقي يومها ترجم بتحالف دولي قادته أميركا لتحريرها . 

على المستوى اللبناني لم تبخل الكويت بالمساهمة بأي جهد للتسوية منذ بدايات الحرب سواء بمجهود فردي أو جماعي عبر جامعة الدول العربية ، ومن ينسى الجهود المستمرة لها مع المملكة العربية السعودية عبر سفيريهما إذا لم تخني الذاكرة الكويتي عبد الحميد البعيجان والسعودي علي الشاعر اللذان كادا يقتلان عندما تعرضت مروحيتهما لإطلاق نار في أحد الأيام من عام 1978 ، وكذلك لم تبخل الكويت يوما على لبنان بالمساعدات سواء لتضميد جراح الحرب الأهلية أو نتيجة الإجتياحات الصهيونية المتكررة على لبنان ، كانت الكويت بتوجيه من الشيخ صباح الأحمد خير سند للبنان في السراء والضراء ، في الحرب كما في السلم ، وأن ننسى ، لن ننسى دور الشيخ صباح في ترؤس اللجنة السداسية العربية إبان حرب ” التحرير ” التي أعلنها يومها الجنرال ميشال عون ضد الوجود السوري والتي إجتمعت بكل الأطراف يومها بما فيها عون نفسه وكادت أن تصل لإتفاق وأصدرت تقريرها الذي رفضه النظام السوري كعادته يومها في رفض كل ما هو في مصلحة خروج لبنان من أزمته ما نسف المهمة وإنتهت ليحل محلها اللجنة الثلاثية العربية المكونة من السعودية والجزائر والمغرب التي شكلها مؤتمر القمة العربي الطارئ الذي إنعقد في الدار البيضاء لمناقشة التطورات في لبنان ، هذه اللجنة التي نجحت بعدها في عقد مؤتمر الطائف الذي إنبثق عنه وثيقة الوفاق الوطني التي أنهت الحرب الأهلية ، وبهذا يكون الشيخ صباح أحد ” المؤسسين ” إن لم يكن من مهندسي إتفاق الطائف الذي يتعرض في لبنان ومنذ جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى محاولة ” إغتيال ” هو الآخر وإلغاء تارة عبر إتفاق الدوحة وتارة عبر الحديث عن مثالثة وطورا عن مؤتمر تأسيسي جديد . 

إن غياب الشيخ صباح في هذه الظروف العربية العصيبة يشكل ضربة لما تبقى من عمل عربي مشترك على قلته ، وفي ظروف تحتدم الصراعات في المنطقة والتغيرات في منطقة الخليج جراء تسارع التطبيع مع إسرائيل ، قد تكون المنطقة على أبواب تطورات غير مريحة ، هو  الذي لطالما حاول بحنكته وحكمته ونقاء سريرته أن يجنبها دائما الأسوأ ، ولعل من آخر إنجازاته أنه منع إنزلاق منطقة الخليج إلى أتون الحرب جراء ما كان مخططا له من عمل عسكري ضد قطر قبل حصارها وهو ما كان قد أعلنه بنفسه بعيد أحد إجتماعاته مع الرئيس الأميركي ، وإن كان لم يوفق في إنهاء هذا النزاع بصورة نهائية قبل وفاته ، ولكن هذا لا يقلل من قيمة جهوده الخيرة ، ومن نبل موقفه من النزاع حيث حافظ على علاقات بلاده مع كل أطراف الأزمة ولم يتخذ جانبا ضد آخر ، وبغيابه اليوم تفقد المنطقة العربية والخليجية خاصة صمام أمانها على أمل أن يراجع قادة المنطقة مواقفهم ويعودوا إلى لغة الحوار بينهم التي لطالما دعا إليها الراحل الكبير وكانت درعا لهم وللمنطقة ويستعيدون عبرها وحدتهم التي وحدها الكفيلة أن تحميهم من كل طامع . 

رحم الله الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ، وحمى الله الكويت والمنطقة من كل شر . 

السابق
Netanyahu Warns of Another Eminent Explosion in Beirut and Hezbollah Respond!
التالي
حرب «ناغورنو كاراباخ».. أذربيجان الشيعية العصية على ولاية الفقيه!