الإتصالات الحكومية تُزخم بعد المحكمة وغياض لـ«جنوبية»: الأساس الحياد.. والحزب يعتصم بالصمت

وليد غياض المسؤول الاعلامي لبكركي
حالة من الغليان يعيشها لبنان على كل الاصعدة الشعبية والسياسية والاقتصادية والصحية، فشعبيا لا يزال اللبنانيون ولاسيما سكان المناطق المتاخمة لمرفأ بيروت يحاولون لملمة أحزانهم وشهدائهم وأضرارهم التي خلفها الانفجار.

سياسياً هناك حالة “عدم إكتمال” للأفكار والمبادرات التي أُطلقت بعد إنفجار المرفأ من قبل الفرنسيين والاميركيين، ولم تجد إلى الآن ترجمة عملية لها في قاموس القوى السياسية المعنية بتشكيل الحكومة، لا بل على العكس دخل عامل ضغط إضافي على عملية التشكيل بعد أن أعلن البطريرك الماروني ما بشارة بطرس الراعي من الديمان اليوم (الاثنين) “مذكرة لبنان والحياد الناشط” والتي دعا فيها إلى “عدم دخول لبنان في تحافات ومحاور وصراعات سياسية وحروب إقليمية ودولية وإمتناع أي دولة في التدخل في شؤونه”.

أما إقتصاديا وصحيا فحدث ولا حرج سواء لجهة نسب البطالة والركود والغلاء الفاحش أو على مستوى إصابات الكورونا التي هي في إرتفاع يومي مستمر، ناهيك عن قرار المحكمة الدولية في قضية إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري و ما يتركه من ظلال على الساحة الداخلية.

الحياد لإمتصاص السخونة

كل هذه السخونة التي تعانيها البلاد والعباد لم تستطع أن تحرك الاتصالات  اللبنانية الجارية لتشكيل الحكومة قيد أنملة، بل على العكس لا زالت الاوضاع على حالها منذ نحو أربعة أيام بالرغم من التشدد الدولي (فرنسيا وأميركيا) بأن المطلوب هو حكومة حيادية، فحين زار كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون و مساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد هيل لبنان ، تحدثوا بالفم الملآن بأن مساعدة لبنان للخروج من أزمته تقترن بقيام حكومة حيادية وإصلاحات حقيقية و ليس مجرد وعود فارغة كما كان يحصل سابقا.

اليوم و بالرغم من زخم المساعدات الدولية عقب إنفجار مرفأ بيروت لا يزال ناشطا لكن من غير المحبذ (غربيا) ان يتواصل زخمه في ظل حكومة تصريف أعمال سقطت بفعل هذيانها في الملفات المصيرية وإهمالها في موضوع إنفجار المرفأ، والاهم أنها مصنفة دوليا بأنها حكومة “حزب الله” الذي يمسك بزمامها بمباركة حليفه رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر “المغضوب عليهم أميركيا”، فما السبيل إذا لتحقيق هذه المعادلة؟

مذكرة الحياد ستؤخذ بعين الاعتبار أثناء المشاورات لتشكيل الحكومة لأن الجميع يشعر بالحاجة لتطبيقها

قد تكون مذكرة البطريريك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إحدى الاجابات على هذا السؤال، إذ يشرح المسؤول الاعلامي وليد غياض  ذلك بالقول:” لا شك أن مذكرة الحياد ستؤخذ بعين الاعتبار أثناء المشاورات لتشكيل الحكومة لأن الجميع يشعر بالحاجة لتطبيقها، وهناك شبه إجماع لبناني وحاجة دولية حولها كمدخل لإستعادة ثقة الاسرة الدولية بلبنان وكونها مخرج لكل الاطراف وليس لفئة معينة أو موجهة ضد أحد، فأما نريد العيش متساوين تحت راية الدولة أو أننا سنستمر في العيش في مزارع و الشاطر بشطارته “.

يذكّر غياض أن “مفهوم الحياد الذي طرحه الراعي كان قبل إستقالة حكومة الرئيس حسان دياب، والحياد هو جزء من الميثاق الوطني، وما فعله البطريرك الراعي هو إعادة طرحها وتفعيلها بعد ان أصبح حاجة ملحة بسبب الازمات الكثيرة التي يتخبط فيها لبنان والحصار العالمي الواقع عليه”.

ويضيف:”إنفجار بيروت أتى مع كل الالام والوجع للّم شمل الاسرة الدولية حول لبنان إغاثيا وإنسانيا وليس سياسيا وهذا ما قالوه صراحة، وجميع الدول تميز بين السلطة الحاكمة والنظام وبين الشعب وأزمة السلطة لا تزال قائمة”.

حزب الله : إستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان 

يسود تكتم شديد بين نواب ووزراء حزب الله حول الإتصالات الجارية لتشكيل الحكومة، ويقول مقربون من الحزب أن “معاون الامين العام للحزب الحاج حسين خليل هو من يدير هذه المفاوضات التي لها تشعبات فرنسية وأميركية وإيرانية كما أن للقوى الداخلية شروطها لتشكيل الحكومة”، لافتين إلى أن ” زيارة الرئيس الفرنسي  إيمانويل ماكرون في أول أيلول المقبل قد تكون مناسبة للتسريع التفاهم على تسوية ما لكن لا يمكن أن تتشكل حكومة من دون حزب الله، وعلى الرئيس الفرنسي إكمال المبادرة التي أطلقها في قصر الصنوبر (جمعه لرؤساء الاحزاب اللبنانيين)  إذا قبل الاميركيون  بحكومة تسوية فيها حلفاء لحزب الله”.  

لا يستبعد هؤلاء المقربين من أن “تكون زيارة ماكرون عامل يؤخذ بعين الاعتبار لتسريع إطلاق الاستشارات النيابية ولكن هناك قوى محلية يجب أن تتوافق على شكل الحكومة وبرنامجها المقبل، وهذا يعني أن هناك عقبات يجري العمل على تذليلها فهذا لا يمنع تأخير الاستشارات الى ما بعد زيارة ماكرون فهناك عامل محلي يتحكم في تشكيل الحكومة و لو أنه يؤخذ بعين الاعتبار البعد الاقليمي والدولي والدور الفرنسي وإهتمامه وبالتالي  فعامل الوقت مفتوح”.

القوى السياسية لم تتفاهم بعد على نقطتين أساستين هما شكل وبرنامج الحكومة

ماذا عن عدم حماسة رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر لترؤس الرئيس سعد الحريري للحكومة المقبلة؟ يجيب المقربون:”الموضوع ليس مرتبطا بقبول الرئيس عون برئاسة سعد الحريري للحكومة بل أن القوى السياسية لم تتفاهم بعد على نقطتين أساستين هما شكل وبرنامج الحكومة والرئيس عون لن يكون عقبة اذا حصل هذا التفاهم لأنه يريد حكومة يمكنها ان تعمل و من دون فيتوات ولا تعقيدات و شروط غير قابلة للتطبيق”.

زوار بعبدا :الصورة غير واضحة

تتقاطع نظرة بعبدا و تيار الوطني الحر حول الحكومة المقبلة مع نظرة حارة حريك، إذ ينقل زوار بعبدا لـ”جنوبية” أن “رئيس الجمهورية سيتعامل مع هذا الملف وفقا لمقتضيات الدستور أي ما تسميه الكتل النيابية بعيدا عن رغباته وآرائه الخاصة، علما أن إتصالاته الجارية حاليا مع الافرقاء السياسيين هي حول ثلاث نقاط وهي هوية رئيس الحكومة وشكل وبرنامج عملها، وإلى الان الصورة غير واضحة وربما يلزمها المزيد من الوقت لتتبلور،علما أن المشاورات المكثفة مع رئيس المجلس نبيه بري لم تنجح في التوصل إلى المبتغى المطلوب”.

زوار عين التينة: الحكومة بعد قرار المحكمة

في المقابل فإن زوار المقربين من عين التينة يلخصون لـ”جنوبية” المشهد الحكومي على الشكل التالي:” خلال هذا الاسبوع لا جديد سيجل على صعيد الاتصالات الجارية، لأن الانظار تتجه إلى الحكم الذي سيصدر عن المحكمة الدولية في قضية إستشهاد الرئيس رفيق الحريري وتداعياتها على الصعيد الداخلي و إعداد العدة لتطويق لكل ردات فعل يمكن أن تجري على الارض، و بعد أن تهدأ الامور سيتم البحث في شكل الحكومة و برنامجها لأن هوية رئيس الحكومة باتت محسومة وهو إما سعد الحريري وإما من يسميه ولا أحد آخر”. 

السابق
نصرالله يُعلن طريقة إحياء مراسم عاشوراء.. ويُحذّر: كورونا خرج عن السيطرة!
التالي
علي الأمين عشية الحكم بجريمة 14شباط: تشكيل الحكومة لا علاقة له بقرار المحكمة!