ليلة إنقلاب حزب الله على «حكومته».. إبحث عن الإنتخابات!

رئيس الحكومة حسان دياب
منذ اليوم الأول لدخول حكومة الدكتور حسان دياب نادي رؤساء الحكومات وهي متهمة بكونها حكومة حزب الله ، ولكنها كانت في واقع الحال كذلك ، فالرجل لم ينتخب رئيساً للحكومة اللبنانية بإرث عائلي سياسي تاريخي كما هو حال بعض من سبقوه ، ولا جاء رئيساً بدعم كتلة برلمانية خاصة ولا حزب سياسي خاص كحال البعض الآخر ممن تقدموه.

الرجل جاء بناءً على اقتراح من وراء الستار من رئيس الجامعة الأمريكية كونه نائباً لرئيسها لحسابات خاصة كان يتوقعها رئيس الجامعة الأمريكية يقال : إنه تراجع عنها لاحقاً، فوجد الثنائي الشيعي في الدكتور حسان دياب ملاذاً من الفراغ الحكومي بعدما عجز الثنائي الشيعي عن تدجين الرئيس السابق سعد الحريري للمرحلة المقبلة ، فما كان من حزب الله وحلفائه إلا أن دخلوا بقوة باسم الدكتور حسان دياب ليضعوه في بوز المدفع في مواجهة الأزمات التي تعصف بالبلاد وفي مواجهة المجتمع الدولي الذي كان وما يزال لا يريد حكومة يشارك فيها حزب الله، وبدأ حزب الله يعمل وبعض الحلفاء – لا كلهم – على سد الثغرات وستر العورات، حتى اتسع الفتق على الراقع ، ولم يعد بالإمكان المضي في التركيبة الحكومية بعدما تضعضعت بالاستقالات المتتالية على أثر فضيحة انفجار نترات الأمونيوم في مرفأ العاصمة بيروت ، فقامت قوى حزب الله الحليفة بسحب اليد والغطاء عن الحكومة هرباً من مواجهة مع الشارع الغاضب لتقع الحكومة بذلك في المحظور وتتراجع عن المواجهة وتلقف كرة النار وتحمل المسؤولية .. هذا في ظاهر الحال .. 

اقرأ أيضاً: زيارة هيل على وقع إنفجار بيروت.. ودوي العقوبات وترسيم الحدود!

حسابات الثنائية الشيعية 

 ولكن الواقع والوجدان يُخفي خلاف ذلك، فحسابات الثنائي الشيعي الانتخابية لعبت الدور الأكبر في إسقاط حكومة حزب الله، والسبب هو طرح الرئيس حسان دياب الانتخابات المبكرة دون مشورة قوى حزب الله الحليفة التي وضعته في منصبه الحكومي، مما أدى إلى أن تفتح عين التينة عليه النيران المباشرة بالدعوة لجلسة المساءلة في المجلس النيابي، فكأنما كان الثنائي الشيعي يريد إفهام الرئيس دياب أنه خرج عن سلطة أسياده بطرح الانتخابات المبكرة التي هي مطلب أساسي للحراك الشعبي وقوى انتفاضة 17 تشرين، كون الانتخابات متوقع لها أن تطيح برؤوس كبيرة هذه المرة على وقع التحركات الشعبية الرافضة والأزمات الخانقة التي لم تتمكن الطبقة السياسية الحالية الحاكمة من أن توجد لها حلولاً. 

 فحزب الله وحلفاؤه كانوا وما يزالون بعد انتفاضة 17 تشرين يخافون من حجم التحركات الشعبية المعارضة لرموز السلطة الحالية ، هذه التحركات التي تمكنت من حشد ثلث الشعب اللبناني في الداخل والخارج بطريقة عفوية حيث بلغ تعداد المشاركين في التظاهرات قرابة المليوني شخص بحسب الإحصاءات التخصصية التي قامت بها جهات محايدة متابعة لتطورات انتفاضة 17 تشرين.  

الخوف من الانتخابات المبكرة 

فهذا الخوف من الانتخابات المبكرة قبل ترتيب تحالفات انتخابية جديدة وقانون انتخابي جديد يضمن بقاء رموز الفساد في السلطة هو الذي دفع الثنائي الشيعي لرفع الغطاء عن حكومة الرئيس حسان دياب ليجد الرجل نفسه وحيداً في مواجهة الشارع من جهة والمجتمع الدولي من جهة أخرى ومواقف داعميه السلبية من جهة ثالثة، فوجد أن بقاءه في رأس السلطة التنفيذية سيكون انتحاراً أمام هذا الواقع، والحال أن الرئيس نبيه بري استغل هذا الحدث لترتيب بعض تحالفاته الانتخابية المقبلة مع حلفائه السابقين في زمن الترويكا وما بعدها وما قبلها ، طمعاً في تحقيق تقدم – ولو نسبي محدود – في أي جولة انتخابية مقبلة، وحزب الله سيستفيد بالتبع والطبع من هذه التحالفات بطريق غير مباشر من خلال تحالفه مع حركة أمل والتيار الوطني الحر. 

ويبقى  حسان دياب ضحية التحالفات الانتخابية الموعودة للثنائي الشيعي الذي قدمه قرباناً لإرضاء حلفاء الانتخابات والمجتمع الدولي بطريق مباشر وغير مباشر

وهكذا ستعمد قوى السلطة الحالية إلى محاولة استغلال حدث استقالة الحكومة وما ترافق معها من تطورات عقب انفجار مرفأ بيروت  ستحاول هذه القوى جاهدة من الآن لتجميع قواها محاولة خوض انتخابات قادمة بنفس العقلية السابقة ومحاولة انتاج نفس الطبقة السياسية التي أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه، وكل ذلك يجري رغم كل ما تراه هذه الطبقة من تحركات شعبية مناهضة لسياساتها!  

اقرأ أيضاً: بين جدار برلين و حائط «حزب الله»!

وكل هذا قد يتحقق لقوى السلطة ورموزها ما لم تأتِ مفاجآت نتائج التحركات الشعبية المطلبية على وقع انتفاضة 17 تشرين داخل لبنان وخارجه ما لم تأتِ هذه التحركات بما لم يكن في حسبان رموز السلطة الحالية في صناديق الاقتراع هذه المَرَّة التي قد تكون النتائج فيها مُرَّة . 

 ويبقى  حسان دياب ضحية التحالفات الانتخابية الموعودة للثنائي الشيعي الذي قدمه قرباناً لإرضاء حلفاء الانتخابات والمجتمع الدولي بطريق مباشر وغير مباشر، وهكذا هو دأب الثنائي الشيعي عندما يبيع المواقف والأشخاص والمبادئ أمام مصالحه الضيقة كما هو حال جميع طباخي السياسات في لبنان ..  

السابق
زيارة هيل على وقع إنفجار بيروت.. ودوي العقوبات وترسيم الحدود!
التالي
هزة أرضية وثوران بركان.. ماذا ينتظر لبنان الأحد؟!