برقية «تهنئة» إلى «جلاد البلاد»!

الثورة اللبنانية

“مبروك عليك  البلاد”. فزت بها كاملة، من اولها الى اخرها، بالحرب والسلم، بالعسف والخطف والنسف والنهب والسطو، والاغتيال، وكله مدرج في باب الاجتهاد ومشتقاته.  مبروك عليك البلاد بدل ان تكبر في زمانك، صغرت بين يديك !صارت كرة، تتقاذفها، تارة بين لبنان و دمشق، وتارة بين اليمن وبغداد، وكثيرا ما اصابت البيوت في بيروت، فتشظى قلبي، ولبس اهلي السواد، يبدو ايها الرجل ، انت مغرم بالحداد  فمبروك عليك البلاد. صارت  في زمانك دكانا للخردة، وسوقا للندرة  كسوق الاحد ،  لبيع مقتنيات البيت، من انية وثياب وكتب واغنيات، وليس من شار، وليس من احد، جعلتها اشبه بما  بقي من ذكرى: صورة لنا على الجدار نبدو فيها كأننا غرباء! 

اقرأ أيضاً: «لبنان الأسود» بعيون خارجية: الدولة الأولى في التضخم المفرط شرق أوسطياً!

ابقيتها  لي ، لانها لاتنفعك،  ليس لحرصك على ما بقي من زمان اهلي، وماذا تفعل بصورة لا نفع بها ولا تباع في سوق المقايضة؟مبروك عليك البلاد. صارت في زمانك ملاذا للمشعوذات، قارئي الكف والطالع والغيب. لمنتظري المعجزات، للص يختبىء في ثوب زعيم او رئيس  ، او فقيه او  عامل خير، وما شاكل  من احتمالات انتحال في الشخصية، والهوية، وكله ياتي في باب  الجهاد والاجتهاد .مبروك عليك البلاد.

بروك عليك البلاد بدل ان تكبر في زمانك، صغرت بين يديك !صارت كرة، تتقاذفها، تارة بين لبنان و دمشق، وتارة بين اليمن وبغداد

بيروت بدون مدينة ورصيف

في زمانك صارت بيروت  بدون مدينة ورصيف صارت مقهى بدون كرسي، وفرنا بدون رغيف متجرا بدون تجارة، بنايات شاهقات بدون عمارة ، بحرا وبحّارا بدون  منارة وحارات وصبية  بدون حارة وجهات  بدون جهة واشارة وصارت مدرسة بدون اولاد مبروك عليك البلاد .صارت في زمانك صبحا بدون فيروز  وليلا بدون قمر   وحانة بدون خمر . وكأسا بدون  نديموطريقا بدون وصول وحزبا  بدون رفاق: ماركسيا بدون ماركس   عروبيا بدون عرب،يمينيا بدون يمين يساريا  بدون يساروكنّا نسير الى الامام، فجئت فامرت الكتيبة :در الى الوراء فكل الوطن الى الوراء دار، وصرت كالمستجير من الرمضاء بالنار . وصارت القدس التي قتلت اهلي  لاجلها  رهينة  خاطفين ، او اكثر: اشكنازي ، وفارسي   واحيانا تركي ،  اوافغاني منتحل صفة فلسطيني، وصرت بلا اهل  بلا جيرة ر،  بلا صحبة ،بلا بيت ، بلا ديار. وصرت حنجرة بدون صوت، وميتا بدون موت اعفني بالله عليك، من سخطك وحقدك وشرهك ومرضك وغيبك وصورك وصوتك، وهذياناتك، وصدقك وكذبك، ارحمني، تعبت منك، تعبت من الهتك وتاويلاتك، حتى الله تعب منك،ارجوك ارحم بلادي واولادي واحفادي…

اقرأ أيضاً: وزيرا «صحة» حزب الله.. فضائح فساد بالجملة من البشر إلى الدجاج!

ماذا اقول لك ؟ مبروك عليك البلاد  ؟من بقي فيها  صار متسولا او منتحرا او متهما، وهذا الذي لا ملامح له  “صاحب السراي الكبير”، الذي احتله مؤخرا، نتيجة عطب بليغ في التاريخ، والذي لا يعرف ان احدا ليس اكبر من بلده، ولم ينتبه انه صَغُر َاكثر الذي سُميَّ قبل مائة من السنين لبنان الكبير .وذلك المُشفق عليه الجالس في القصر العالي، يبدو لا يبالي، او  يبدو، لم يرسلو اليه التقرير  الاخير :أن علينا وعليه وعلى الوطن السلام… 

السابق
واشنطن انتقلت الى إستراتيجية «القوة الخفية الذكية».. حطيط لـ«جنوبية»: إيران سترد مباشرة!
التالي
هكذا «يسري» الفساد في سد بسري!