العهد والحكومة و«الثنائي».. «فيض» من المعجزات والمؤامرات!

الثورة اللبنانية

عجقة خطابات حفل بها الأسبوع الماضي وهو أسبوع المئة يوم – إذا صح التعبير – في حملة تسويقية للحكومة من جهة وتوجيه رسائل سياسية ما بين مكوناتها من جهة أخرى . بدأ الأسبوع بخطاب رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي بدأ بعرض ” معجزاته ” في الوزارات التي إستلمها على مدى أكثر من عشر سنوات وفي الحكم منذ ثلاث سنوات ، حتى ليخيل للمرء أنه في حضرة ” قديس ” سياسي ، قبل أن يغمز من قناة حليفه الأبرز وشريكه في تفاهم مار مخايل حزب الله على خلفية عدم مساندته له حسب زعمه في معركته ضد الفساد التي تطال فيما تطال حليفي حليفه حركة أمل وتيار المردة بإعتبارهما من أضلاع منظومة الفساد بالبلد وجزء لا يتجزأ من تركة ال 30 سنة الماضية حسب أدبيات التيار وهو ما أستتبع بحملات واضحة وجلية من بعض نوابه ومسؤولي تياره ضد الحزب ما طرح علامات إستفهام عديدة عن حقيقة الهدف من وراء هذه الحملة وأسبابها وتوقيتها التي ربطها البعض بتصويت وزراء الحزب في الحكومة ضد معمل إنتاج الكهرباء في سلعاتا وهو المشروع الذي يتبناه باسيل ويعتبره شأن شخصي وبالتالي فإن معارضة المشروع يعتبر مسا شخصيا بموقعه.

اقرأ أيضاً: بين «مظلومية» الصيغة اللبنانية واتفاق الطائف!

مشاريع إقليمية ودولية

ولكن ما يدعو للإعتقاد بأن الأمر أبعد من ذلك وربما يرتبط بمشاريع إقليمية ودولية ترسم للمنطقة هو هذا التركيز من مسؤولي التيار ونوابه على سلاح حزب الله وهو ما يعتبر من المقدسات في خطاب حزب الله السياسي فضلا عن أنها ليست المرة الأولى التي يحصل فيها تباينات سياسية داخلية بين التيار والحزب ولم تكن الأمور تصل حد الحديث عن السلاح بهذا الوضوح ما يجعل الإعتقاد بأن وراء الأكمة ما وراءها له الكثير من المصداقية خاصة وأن المنطقة قادمة على إستحقاق تطبيق قانون سيزر فيما خص الوضع في سوريا مع ما يحمله هذا الأمر من تطبيق عقوبات إضافية قد تطال جهات حليفة أو متعاونة أو صديقة للنظام السوري سواء أحزاب أو منظمات أو حتى أشخاص، فهل يملك باسيل معطيات معينة أو يواجه ضغوطات تجعله يقفز من سفينة الممانعة بعد أن أوصلته وتياره إلى رئاسة الجمهورية.

كنا نأمل أن يتحول حراك 17 تشرين إلى ثورة لها خارطة طريقها للحل فأضحت في موقع الدفاع عن النفس وعرضة للتنكيل بناشطيها عبر إستفرادهم  من السلطة الحاكمة تارة عبر الإستدعاءات وطورا عبر قوى الأمر الواقع

اللامركزية

وبالتالي التحكم بمفاصل الوضع  السياسي في البلد خاصة وأن هذا التحول ترافق مع حديثه من غير سياق عن اللامركزية وعودة الحديث من قبل بعض الأوساط الغير بعيدة عن التيار عن الفيديرالية كخيار وهو ما دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري للرد بقوة على هذه الطروحات في خطاب غير معتاد في ذكرى التحرير ويوم القدس العالمي وعيد الفطر وكأني بهذا الخطاب جاء خصيصا للرد على باسيل وطروحاته عبر المطالبة الجديدة – القديمة بالدولة المدنية وقانون إنتخاب جديد على أساس لبنان دائرة إنتخابية واحدة وخارج القيد الطائفي مع إنشاء مجلس للشيوخ كما نص عليه إتفاق الطائف، ليتبعه بالأمس بمناسبة العيد خطاب عالي السقف وغير مسبوق بصداميته ويتجاوز ما طالب به بري لحد الدعوة للتخلي عن إتفاق الطائف وإقامة نظام جديد من المفتي الجعفري الممتاز أحمد قبلان وهو ما يعكس حجم إنزعاج الثنائي الشيعي من باسيل وتياره في الوقت الذي بقي حزب الله على صمته رغم خطاب أمينه العام في يوم القدس الذي جدد فيه خياراته الإقليمية وأكد عليها، وعلى إيقاعها طرح مقترحات حلول للأزمة الداخلية التي تعصف بلبنان وأعطى توجيهاته لكيفية مقاربة التفاوض مع صندوق النقد الدولي وغيره من المانحين إذا ما وجدوا في مقاربات بعيدة كل البعد عن واقع الحال في لبنان وما يعانيه الشعب من أزمات ومشاكل، هذه المقاربات التي حضرت أيضاً في خطاب المئة يوم الذي ألقاه رئيس الحكومة حسان دياب والذي كان وكأنه خطاب النصر العظيم على الأزمات بحيث أعلن بأن حكومته ” الرشيدة ” قد أنجزت 97 % من بيانها الوزاري في سابقة خطيرة من تجاهل وإنكار للواقع وإستغباء للناس والإستخفاف بعقولها هي التي تكتوي بنار الغلاء الناتج عن إرتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة لثلاثة أضعاف وعجز الحكومة عن القيام بواجباتها في مراقبة التجار ووقف التهريب رغم كل الإجراءات التي إتخذتها بحق بعض الصيارفة وبعض المسؤولين في مصرف لبنان وهي إجراءات أقرب ما تكون للإستعراض ومحاولة تغطية السموات بالقبوات كما يقال في ظل غياب الثقة الشعبية بهذه السلطة، خاصة وأن هذا الخطاب في بيروت جاء متناقضا مع ما كتب في صحيفة الواشنطن بوست عن إحتمال وصول المجاعة لتدق أبواب اللبنانيين قريبا إذا ما تأخر الدعم الدولي للبنان وحكومته الأمر الذي وضعنا أمام حالة دكتور جيكل ومستر هايد في مقاربة الأمور وبتنا لا نعرف من نصدق في ظل غياب الشفافية وحلول النرجسية مكانها في الوقت الذي ينزلق فيه البلد إلى منزلق خطير ماليا وإقتصاديا وسياسيا في ظل خلافات أهل الحكم التي باتت واضحة للعيان ولم يعد ممكنا إخفاءها في ظل التطورات الأخيرة خاصة مع ما يبدو من إرتباطها بإحتدام معركة الرئاسة بين سليمان فرنجية الذي حاز تنويها من رئيس تيار المستقبل سعد الحريري على خلفية مؤتمره الصحافي الأخير وخلافه الشديد مع جبران باسيل.

اقرأ أيضاً: المفتي «الممتاز».. إن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم!

عدم وضوح الرؤية

يجري كل هذا في غياب أية معارضة جدية لنهج هذه الحكومة ووسط تشتت القوى المفروض أنها تمثل المعارضة وغياب أي مشروع جامع بين أطرافها جراء إحجام البعض كالقوات اللبنانية التي تفردت بحضور لقاء بعبدا المالي والتي تحرص على عدم قطع شعرة معاوية مع العهد وسيده لإعتبارات الوضع الماروني، وتردد البعض الآخر كالحزب الإشتراكي الذي له حساباته المناطقية في الجبل التي يحرص عليها، وتخبط تيار المستقبل جراء التحديات التي يتعرض لها من داخل البيت العائلي والسني، فضلا عن غياب السند الإقليمي الجدي والفاعل لهذه القوى تبعا لغياب أي مشروع عربي، ما يجعل التغيير السياسي عبر الطرق التقليدية غير ممكن، في الوقت الذي أرخت أزمة كورونا إضافة إلى عدم وضوح الرؤية لدى مكونات حراك أو إنتفاضة 17 تشرين التي كنا نأمل أن تتحول إلى ثورة لها خارطة طريقها للحل فأضحت في موقع الدفاع عن النفس وعرضة للتنكيل بناشطيها عبر إستفرادهم  من السلطة الحاكمة تارة عبر الإستدعاءات وطورا عبر قوى الأمر الواقع ما جعل الأفق مسدودا ولو مرحليا، وهكذا لم يبق في الميدان سوى حسان وحكومته التي تنهشها الخلافات ما يدعو لطرح السؤال، هل سنشهد قريبا وبعد كل ما تقدم من عرض، تغييرا في التحالفات بين مكونات حكومة الثنائي + واحد جراء خلافاتهما ليحل التعاون مع دياب داخل الحكومة بشكل أكبر لمواجهة التيار في محاولة لتحجيم باسيل تمهيدا لإعادته إلى بيت الطاعة، أم أن الأمر لا يعدو كونه زوبعة في فنجان لا تلبث أن تهدأ وتعود المياه إلى مجاريها لأن ما يجمع هذه الأطراف من مصالح أكثر مما يفرقها خاصة وأن لا بديل جاهزا في الوقت الحاضر وهكذا تبقى بقوة الأمر الواقع؟ ليس لدينا سوى الإنتظار ومراقبة التطورات، وإن ” سيزر ” لناظره قريب .            

السابق
مستشار رئيس الحكومة يتحدث عن انخفاض كبير في السيولة.. ويحذر!
التالي
الجيش يزيل انابيب تستخدم لتهريب المازوت عند الحدود اللبنانية – السورية.. ومصادرة 30 مترا منها!