بين سـعـد وبـهـاء و«الأشقاء».. من يحفظ الإرث؟!

سعد وبهاء الحريري
لا اعرف لماذا يُحمّل انصار تيار المستقبل أنفسهم، مسؤولية الحفاظ والدفاع عن إرث الشهيد رفيق الحريري الذي تمّ ربط اسمه منذ اغتياله، باسم ابنه سعد - النائب ورئيس وزراء لبنان لعدة مرات، والذي تمّ اختياره ليكون خليفةّ لوالده في العمل السياسي - بينما غاب بقية ابنائه عن المشهد السياسي والاجتماعي والانساني والاقتصادي والاحتفالي والانتخابي، وكأنهم أشباح لا وجود لهم، أو كأن صلة الرحم وعلاقتهم برفيق الحريري الأب، قد انتهت بعد اغتياله وتقاسمهم ثروته.

وللعلم، لرفيق الحريري 5 اولاد يحملون الجنسية السعودية، وهم : بهاء الدين وسعد الدين من زواج اول (العراقية نضال بستاني) وأيمن وفهد وهند ، من زواج ثانٍ (الفلسطينية – الأردنية نازك عودة). وللتذكير ، فقد ترك رفيق الحريري لأبنائه مؤسسات ناجحة وثروة طائلة تقارب ال 18 مليار دولار، تمّ توزيعها على افراد أسرته بعد استشهاده في العام 2005 ، وحوّلت كل واحد منهم الى ملياردير في سنّ الشباب.فقد أدرجت مجلة فوربس ابنته هند ، في قائمة أصغر بليونيرات العالم . وكذلك تمّ تصنيف إبنيه أيمن وفهد من ضمن لائحة أغنى عشرة شباب في العالم. واحتل بهاء وسعد، مراتب متقدمة من بين أغنى أغنياء العالم، ضمن قائمة مجلة فوربس. وتقدر ثروات الابناء الخمسة، بعدة مليارت من الدولارات، وهي في تزايد مستمر . ولا ننسى زوجته نازك المرأة الثرية جداً التي تعيش في قصرها في باريس.

اقرأ أيضاً: لا قيمة لتحركات «أنصار بهاء»..الرياض تنصح بالتهدئة!

الرجل العصامي

فما الذي فعله أبناء رفيق الحريري الذين يعيشون جميعاً خارج لبنان، طوال الـ15 سنة الماضية، للحفاظ على إرث أبيهم وحلمه ومسيرته وزعامتة وبيئته الحاضنة وحزبه، ولتأمين ديمومة مشروعه واستمراريته؟ وكيف استثمروا الأموال التي ورثوها عن أبيهم، ذلك الرجل العِصامي الطَموح الذي جمع ثروته باجتهاده وذكائه؛ والذي علّم اكثر من 30 الف طالب لبناني على نفقته، في ارقى جامعات العالم، كي يكونوا جيشه المثقف والرافعة الاساسية لمشروعه الحضاري الذي كان يحلم بتنفيذه في لبنان الذي كان  خارجاً للتو ، من ويلات الحرب الأهلية المدمرة التي لم تبقِ ولم تذر؟ 

ما الذي فعله أبناء رفيق الحريري الذين يعيشون جميعاً خارج لبنان، طوال الـ15 سنة الماضية، للحفاظ على إرث أبيهم وحلمه ومسيرته وزعامتة وبيئته الحاضنة وحزبه

ماذا فعلوا كي يحافظوا على انجازاته ويضمنوا استمرار ذكراه الطيبة كرجل محلي وعالمي وصاحب رؤيا ومشروع وخطة؟ هل دعموا بأي شكل من الأشكال، ساحته الشعبية وبيئته السُنيّة التي اصابها الاحباط واليأس، ودقّ ابوابها الفقر والجوع؟ هل نفذوا أي مشروع تنموي يخلّد ذكرى والدهم الذي قُتل مظلوماً، تجعله يرضى عنهم من سمائه العليا؟
الجواب: كلا … لم يفعلوا أي شيء . بل ان بعضهم باع حصته من الاراضي والمباني التي ورثها، وقبض ثمنها، وترك لبنان وذهب ليعيش في الخارج، وراح يراكم ثرواته بعيداً عن هموم وطنه وازماته، وكأن رفيق الحريري لم يمرّ من هنا، ولم يحلم هنا، ولم ينجز هنا، ولم يُستشهد هنا ، ومثواه الأخير ليس هنا.

أوساخ السياسة اللبنانية

وهل يعقل أنه لم يسبق لأحد من مناصري تيار المستقبل، ان رأى أحداً من ابناء زعيمهم – المؤسّس، أو قابله في أي مناسبة من المناسبات، حتى تلك التي تخصّ والدهم؟ وهل من الطبيعي انه لم يقرأ لهم أحدٌ، أي بيانٍ أو تصريحٍ او موقفٍ يطالبون فيه بالعدالة والقصاص لمًن سفك دم أبيهم؟
يقال أن أيمن الحريري قد دفع في العام 2014، مبلغ 3.2 مليون دولار ثمناً للعدد الأول من مجلّة “سوبرمان”؛ وأنه دفع مبلغاً غير معلوم، كي يظهر في فيلم “سوبرمان ضدّ باتمان”، ككومبارس في خلفية أحد مشاهد الفيلم!

عندما تندلع المعركة بين الأخوة داخل البيت الواحد، وتتخذ طابع الصراع الشخصي على وراثة الزعامة السُنّية، لا يكون لأحلام الناس الموجوعة مصلحة أو علاقة بهذه المعركة

وهكذا.. يبدو أن رجال الأعمال والبيزنس، قد فضّلوا أن ينأوا بأنفسهم عن أوساخ السياسة اللبنانية، وأن يقطعوا علاقتهم بماضي والدهم، وأن يرموا مسؤولية الدفاع عن مظلومية رفيق الحريري، على عاتق بعض اللبنانيين الذين يعتبرونه رمزاً وطنياً كبيراً وشخصية كاريزمتية استثنائية لن تتكرر. فهل اللبنانيون ملكيون اكثر من الملك؟ ولماذا يتعلقون برفيق الحريري أكثر من تعلق ابنائه به؟ وهل لبنان بالنسبة الى ابناء رفيق الحريري، وطن ام مجرد ارض للاستثمار؟ وهل الحريرية السياسية مشروع سياسي أم مجرد “ترِكة” عائلية صودف انها كانت من نصيب سعد في يوم من الأيام، وجاء اليوم مَن ينازعه عليها، ويعلن أحقيته فيها؟!

اقرأ أيضاً: البخاري يُبدد حماسة 8 آذار لبهاء الحريري..«العباءة السعودية» تُظلل سعد!

عندما تندلع المعركة بين الأخوة داخل البيت الواحد، وتتخذ طابع الصراع الشخصي على وراثة الزعامة السُنّية، لا يكون لأحلام الناس الموجوعة مصلحة أو علاقة بهذه المعركة. فاذا كان “السُنّة” الذين تتمّ المنافسة على تزعّمهم وكأنهم مجرد ” ترِكة” لآل الحريري، قد دخلوا عصر الإحباط والمظلومية بفضل التنازلات المؤلمة التي أقدم عليها سعد الحريري على حساب حاضنته الشعبية والطائفية؛ وإذا كان الصراع بين الأخوة، سيتحول الى شرخٍ أو جُرحٍ نازفٍ إضافي في سِجّل السُنّة، فإن لسان حال هؤلاء السُنّة المقتولين حتى النخاع، يقول: ليس لجُرحٍ بميتٍ إيلام.. فتصارعا قدر ما تريدان.. فربما تبكيان غداً كالنساء، موقِعاً لم تحافظا عليه كأبناءٍ لرجلٍ عملاق بحجم رفيق الحريري.

السابق
النفط القادم من الشرق.. إيران تنقّب في سوريا والرسائل جماعية!
التالي
من الهرمل الى دولة خليجية..300 ألف حبة «كبتاغون» في قبضة «المعلومات»!