الصحافة الفنية تلهث خلف الموسم الرمضاني بنفس مقطوع!

باسل خياط

يبدو أن الموسم الرمضاني الحالي ترك ثقله على كافة القطاعات المتعلقه به، فلم يتوقف الأثر عند الحلقات المجتزأة وتأجيل عدد من الأعمال، بل تعدى ذلك لصالح تورط الصحافة الفنية في عدم قدرتها على مواكبة الموسم الدرامي، ليس لضخامته وكثرة تنوعه بل لضعف المادة المقدمة والتي قد لا ترتقي في مرات كثيرة إلى خانة النقد.

فما أن تبحث في المواقع الفنية حتى تجد نضوباً في المواد النقدية التي تحلل أكثر من 80 عمل درامي وصل للشاشات العربية، ورغم العدد المتوسط للإنتاجات لكن كم مسلسل منها صنع حالة جماهيرية في العشر الأول من الموسم، يأتي الجواب: ولا عمل!

هكذا تخرج الصحافة الفنية من سباقها المعتاد الذي تحاسب به الفنان وتحلل الحبكة وطريقة الإخراج، إلى اكتفاء عدد من مشاهير المجال في التغريد عبر تويتر للحفاظ على ماء الوجه أمام نجوم الصف الأول الحاضرين منهم والغائبين.

تحولت حسابات صحفيين إلى منابر لتوطيد العلاقات الشخصية مع الفنانين أكثر من ممارسة الدور المطلوب بالنقد

وهذا ما دفع مدير التسويق الرقمي في شركة الصباح زياد الخطيب للتغريد “وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر” إشارة إلى أعمال شركة الصباح الثلاثة التي أجل عرضها في الموسم الرمضاني، لأن الخطيب يوقن كما شركته أن العمل الدرامي بات اليوم بحاجة إلى حملة تسويق في مواقع التواصل تجعل منه حديث الصفحات حتى لو كان هش إخراجياً، وهذا ما يتكفل به حضور اسم كتيم حسن أو نادين نجيم أو سيرين عبد النور في العمل، او إسناد الشارة الغنائية لصوت متل إليسا أو شيرين.

إلا أن المعادلة المنقوصة في رمضان 2020 أبعدت الصحافة الفنية عن السؤال الحقيقي حول الحال التي وصلت إليه الدراما وكأنها تعاني من فيروس يهدد بقائها بالقوالب التقليدية لصالح ظواهر جديدة تدفع المنتجين للتضحية بالشكل الرمضاني للمسلسل إلى قوالب المنصات الرقمية، وهذا ما يفسر قبول المنتج إياد الخزوز بعض مسلسلي “النحات” و “الساحر” كـ15 حلقة فقط لكل منهما رغم عرضهما داخل السباق الرمضاني.

إقرأ أيضاً: أخطاء الحلقات الأولى.. حين تخطت المبالغة واقعية الأداء!

من ناحية ثانية يتحول بعض الصحفيين في الموسم الرمضاني إلى مصدرين للطاقة السلبية حول فشل الصناعة الدرامية بدل من معالجة أسباب تراجعها وتحليل ذلك مع كتاب ومنتجين ومخرجين، فيطلق الهجوميون منهم رصاصة الرحمة على الأعمال منذ بداية العرض ناسفين جهد مئات الأشخاص الذين يعملون في المسلسل حتى يصل إلى النور.

وهنا يظهر الخلاف بين التعامل مع المادة الدرامية كمنتج استهلاكي يشارك في صناعته العشرات من أجل ربح مادي فقط، وبين كونه عملية تراكبية بحاجة لتلاؤم كافة العناصر والحفاظ على تماسك المشروع حتى لو تعرض لعقبات إنتاجية كالتي حدثت أمام المنتجين في أزمة كورونا، وهذا ما دفع كتاب صحفيين للقول أن خيار تأجيل العرض الرمضاني كان أفضل لإعطاء المسلسل وقت أطول للنضج.

فشلت الصحافة الفنية العربية في تشكيل حالة ضغط على المنتجين لتصويب الدفة

ومع اقتراب الموسم الدرامي من نصفه، تلوح بعض الأعمال الدرامية بانتهاء حلقاتها في حين تفشل أعمال أخرى في إقناع الجمهور لاستمرار المتابعة، وتبقى الصحافة الفنية التي تشكل الحديقة الخلفية للفن بمواد الرأي منقوصة التأثير في تشكيل حالة ضغط على المنتجين لتصويب الدفة، فاللهاث لكسب رضا نجم أو مخرج بات هاجس يعوق دون حفاظ الصحفي على حيادية نحن بأمس الحاجة إليها اليوم لعدم الغرق أكثر في هيمنة “نتفلكس” على رؤية الصناعة الدرامية العربية الممتدة لأكثر من خمسة عقود.

السابق
مخيم النيرب في حلب تحت الهيمنة الإيرانية.. أسماء جديدة للشوارع والمدارس!
التالي
فضيحة «كورونية» مدوية: إيران نشرت الفيروس في دول الشرق الأوسط بينها لبنان والعراق؟!