فضيحة «كورونية» مدوية: إيران نشرت الفيروس في دول الشرق الأوسط بينها لبنان والعراق؟!

صورة طائرة تابعة لـ"ماهان إير" (رويترز)
هذا المقال هو ضمن ملف "فيروس كورونا: جائحة تمتحن الأرض" من موقع "جنوبية" المهتم بنقل كواليس التطورات التي يحدثها فيروس كورونا المستجد حول لبنان والعالم. تبحث في التحليلات التي ترافق عمل الحكومات وخلفيات الأحداث التي استجدت في المشهد العالمي على وقع انتشار وباء كوفيد 19 .

تتزايد الأدلة يوماً بعد يوم أن إيران، وعبر إحدى الشركات التابعة للحرس الثوري، ساهمت بانتشار وباء كورونا في الشرق الأوسط. بالتأكيد أنها ليست السبب الوحيد، لكن بيانات جديدة كُشفت في تحقيق جديد ربطت بين الصين وإيران ولبنان وسوريا والعراق بشكل أكيد وبأن الشركة نقلت الحالات الأولى المسجلة رسميا بفيروس كورونا إلى كل من العراق ولبنان وربما سوريا.

في التحقيق الذي أجرته قناة “بي بي سي عربية”، ورد المزيد من الأدلة التي تشير إلى خرق شركة “ماهان إير” للحظر الجوي والرحلات إلى عدد من البلدان كالعراق ولبنان وسوريا والصين، وحتى من وإلى طهران نفسها الأمر الذي ساهم بانتشار الوباء بشكل أسرع.

وفي التفاصيل التي بنيت على مصادر خاصة وتحليلات لبيانات مئات الرحلات الجوية بحسب ما تقول “بي بي سي”، إنه في 31 كانون الثاني، أعلنت إيران رسميا وقف جميع الرحلات الجوية الروتينية من وإلى الصين للحد من انتشار الفيروس، لكنها سمحت في الوقت عينه بقيام الإحتفالات الدينية وعقد الانتخابات التشريعية.

بعد يومين من الإعلان قام النائب مهرام برسايي بنشر التغريدة يكتب فيها “ما زلنا نشهد وصول مسافرين صينيين من مطارات حول العالم عبر خطوط جوية إيرانية خلافا للحظر الحكومي”. وفي اليوم نفسه قام السفير الصيني في طهران تشانغ هوا بنشر صورة اجتماع بينه وبين مدير شركة “ماهان إير” عرب نجاد أعلن فيها أن الشركة ترغب في مواصلة التعاون مع الصين.

تعدّ ماهان إير أكبر شركات الطيران في إيران وتتبع القطاع الخاص. تملك الشركة 55 طائرة وتنقل 5 ملايين مسافر في العالم وتطير إلى 66 دولة. في عام 2011 فرضت أميركا عليها عقوبات عليها متهمة إياها بنقل سلاح ومسؤولين في الحرس الثوري بينهم الجنرال قاسم سليماني الذي نقلت جثمانه من العراق الشركة نفسها على متن احدى طائراتها.

خرق “ماهان إير” مستمرّ

تظهر مئات البيانات التي حللتها هيئة الإذاعة البرطانية أنه من 31 كانون الثاني حتى 20 نيسان، كانت “ماهان إير” هي شركة الطيران الوحيدة التي تقوم بتسير رحلات جوية مباشرة من إيران إلى الصين. وبعد تعرضها لانتقادات ردت الشركة بصور على موقع “weibo” الصيني انها تنقل مساعدات.

لكن في تحليل المزيد من البيانات، تبين أن 6 من هذه الرحلات استخدمت لنقل المساعدات و4 أخريات لإجلاء مواطنين إيرانيين من الصين. وتم تسيير 157 رحلة أخرى بعد ذلك “وبهذا تكون إيران قد سمحت بخرق الحظر”، تقول “بي بي سي”.

في 27 فبراير قام موظفو “ماهان إير” بالإعراب عن قلقهم من عدم خضوعهم للحجر الصحي بعد عودتهم من الصين، وقالوا أنهم أجبروا على الإستمرار في السفر على متن رحلات أخرى لا بل أكثر من ذلك، نشرت “بي بي سي”  نسخة من اتفاقية عدم الإفصاح لموظفي “ماهان إير” والتي تهددهم بالملاحقة القانونية في حال تحدثوا علنا عن مخاوفهم.

ونقلت القناة الدولية عن مصدر في شركة “ماهان إير” قولخ أنه خلال تلك الفترة ظهرت اعراض الاصابة بالفيروس “على أكثر من 50 شخصا من أفراد طاقم الطيران ولم يتم إمدادهم بمعدات الحماية اللازمة”.

 يرتدي قناع وجه وقفازات وهو يحمل أمتعته لدى وصوله إلى مطار رفيق الحريري الدولي (رويترز)
يرتدي قناع وجه وقفازات وهو يحمل أمتعته لدى وصوله إلى مطار رفيق الحريري الدولي (رويترز)

لبنان والعراق: “ماهان إير” والحالات الأولى

لم تقتصر رحلات الشركة على الصين فقط بل توجهت أيضا إلى لبنان والعراق وسوريا.

في لبنان، تقول “بي بي سي”، تم الإبلاغ عن أول حالة إصابة بالفيروس في 21 شباط. كانت لهذه السيدة التي تبلغ من العمر 41 عاما والتي عادت من رحلة حج في مدينة قم التي تعتبر مصدر انتشار الوباء.

في العراق كانت أول حالة تسجل رسميا في 24 فبراير هي لطالب إيراني كانت في طهران في 18 شباط أي في ذروة تفشي المرض.باستخدام مزيح من بيانات الرحلات مع حديث مصادر خاصة في لبنان والعراق، تبين أن الطالب الإيراني كانت على متن الرحلة رقم W55062 المتوجهة من طهران إلى النجف في 19 شباط.أما السيدة اللبنانية فكانت على متن الرحلة رقم W51152 في اليوم التالي المتوجهة من طهران إلى بيروت، أي في 20 شباط. وبالطبع، إن هاتين الرحلتين تتبعان “ماهان اير”.

ولا شك، أن الطائرة الإيرانية أدت إلى أزمة سياسية في لبنان، إذ أعلن عدد من القادة السياسيين هجوما كبيرا على وزير الصحة حمد حسن الذي أعلن أن وقف الرحلات من إيران يحتاج إلى “قرار سياسي”.

سوريا ودول أخرى

في 8 آذار، منعت سوريا رسميا الرحلات الجوية الروتينية من وإلى إيران ولكن بيانات رحلات الطيران تظهر أن 8 رحلات جوية تابعة لشركة “ماهان إير” جاءت خرقا لحظر السفر.وفي 22 آذار أعلنت الحكومة السورية عن وصول أول حالة مصابة بفيروس كورونا وقالت أنها امراة عادت من الخارج دون تحديد الدولة.  

هذا وتكشف “بي بي سي” أن “ماهان إير” سيّرت أيضا، وبفعل الدعم الذي تحصل عليه من الحرس الثوري، 37 رحلة إلى دبي و19 إلى تركيا و18 رحلة اخرى مخالفة حول العالم.

لماذا تصرفت “ماهان إير” على هذا النحو؟

تحقيق “بي بي سي” أتى بمعلومات إضافية إلى تحقيق آخلا أجرته مجلة “فورين بوليسي” حول الشركة. وقالت المجلة حينها ان ما زاد من الشكوك “هو التصريحات المتضاربة والمعلومات الخاطئة التي تأتي من المسؤولين ومديري شركات الطيران”.

وكشف التحقيق الذي نشرته “فورين بوليسي” في نهاية شهر آذار الفائت، أنه يُشتبه أيضًا في أن  “ماهان إير” قد قامت بنقل مواطنين صينيين في رحلات الشحن المفترضة. وتستند إلى قول نائب وزير الصحة علي رضا ريسي إن الدراسات الوبائية أظهرت أن أصول وباء كوفيد 19 في مدينة قم ترتبط بشكل واضح ومحدد بالعمال الصينيين وطلاب الجامعات.

أما لماذا تصرفت الشركة على هذا النحو فترجعه المجلة إلى سبب رئيسي: حاجة إيران الضخمة لإرضاء الصين في مواجهة الأزمة الإقتصادية.

وأضافت  إن قضية ماهان إير هي أحد أعراض اعتماد إيران المفرط على الصين – وهي بحاجة لإرضائها. لقد أدى هذا الوباء إلى عزل إيران بطريقة لم يكن الضغط العسكري والدبلوماسي والاقتصادي قادرًا عليها”.

وتابعت “على الرغم من أن التجارة الثنائية انخفضت بأكثر من الثلث بين 2018 و 2019 ، وتضاءلت صادرات النفط الإيرانية إلى الصين بأكثر من 82 في المائة بين نيسان وتشرين القاني 2019 ، إلا أن الصين لا تزال أهم شريك تجاري وعميل لإيران في النفط والغاز”.

ووفقاً لنائب آخر لوزير الصحة، رضا مالك زاده، كانت العلاقات الاقتصادية الثنائية من بين أسباب الرحلات الجارية إلى الصين.

فيديو “بي بي سي”: كورونا عبر الجو