تفاهم نيسان.. يوم أجاز «حزب الله» التعامل مع إسرائيل!

مجزرة قانا
نعيش في هذه الأيام ذكرى عملية عناقيد الغضب الحاقدة التي شن فيها العدو الصهيوني في نيسان عدوانه الآثم على قرى وبلدات ومدن الجنوب اللبناني، هذا الجنوب الصامد في وجه التحديات بكل أطيافه وفئاته وأحزابه وقواه السياسية والمجتمعية وطوائفه وأديانه، فلا يحق لأحد أن يحتكر إنجازاً في هذا الجانب ...

وفي زمن الأزمات المالية والصحية وخصوصاً في العصر الكوروني، وفي الوقت الذي يكافح فيه اللبنانيون للدفاع عن حقوقهم المشروعة ويناضلون للحيلولة دون ضياع جنى أعمارهم بسياسة المصارف التجارية الظالمة، لا بد من النضال – أيضاً – للحد دون ضياع جنى أعمارهم في سنوات الكفاح ضد الصهيونية وعدوانها والاحتلال الإسرائيلي واجتياحاته المتكررة للبنان والذي يحاول البعض أن يلغي أي دور لغيره في هذا الجانب في إعلامه وبرامجه الثقافية والتعبوية ونشراته الإخبارية!

اقرأ أيضاً: تفاصيل سرية تنشر للمرة الأولى: هكذا أنهت الديبلوماسية الفرنسية «عناقيد الغضب»!

عدوان نيسان

وفي عدوان نيسان وعناقيده الحاقدة عام 1996، انتهت المعركة بمجازر المنصوري والنبطية وقانا الجليل وغيرها من النقاط الساخنة، ليتفاهم حزب الله وإسرائيل على قواعد جديدة من الاشتباك يتم فيها تحييد المدنيين نظرياً، والتركيز على المواجهات العسكرية بين الجنود والنقاط التي تتمركز فيها القوى المسلحة، وقد يكون بهذا التفاهم قد توقف عدوان حرب نيسان يومها، ولكن هذا التفاهم لم يمنع من استهداف المدنيين من قبل الطرفين في جولات الحروب اللاحقة، فهو لم يصمد طويلاً ليخالف الطرفان بعدها قواعد اللعبة في الحروب اللاحقة بحيث لم يتمكن التفاهم من حماية المدنيين!

ففي حرب تموز 2006 تجاوز الجميع قواعد اللعبة، كما تم تجاوزها في أكثر من محطة..

تفاهم نيسان: أول اتصال بين حزب الله وإسرائيل

وهنا سؤال مفاده: ما دام التعامل مع إسرائيل حرام وإسرائيل شر مطلق في الثقافة التي أسسها مؤسس المقاومة الإمام المغيب السيد موسى الصدر، كيف تجاوز حزب الله ثقافة المقاومة بإبرام تفاهم نيسان الذي لم يتمكن من تحييد المدنيين في الحروب والخروق  اللاحقة؟ بل استفادت منه إسرائيل فقط بفتحها باب التفاوض غير المباشر مع لبنان بواسطة حزب الله! وقد تطورت المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين إلى مفاوضات علنية في أكثر من ملف في فترة لاحقة، كملف استرداد جثامين شهداء المقاومة بعد تحرير عام 2000، وملف تبادل الأسرى في عملية سمير القنطار ورفاقه الشهيرة، ولا ندري شيئاً عن أخبار مفاوضات سرية قد تكون قد جرت وراء الكواليس في ملفات أخرى سياسية وأمنية وعسكرية!

ما دام التعامل مع إسرائيل حرام وإسرائيل شر مطلق في الثقافة التي أسسها مؤسس المقاومة الإمام المغيب السيد موسى الصدر، كيف تجاوز حزب الله ثقافة المقاومة بإبرام تفاهم نيسان؟

والذي يثير حفيظة المتتبع، هو لو أن أحداً غير حزب الله تواصل مع العدو بنفس الأسلوب لرجمه الحزب برجم العمالة، وهدم عليه بنيانه، ولفتح له ملفات الخيانة العظمى، فباء حزب الله تَجُر وباء غيره لا تجر!

اقرأ أيضاً: ذكرى مجزرة #قانا: وصمة عار دولية.. وجرحٌ لم يلتئم

ونحن لا نشجع على التواصل مع العدو بشكل من الأشكال، ولكن المستغرب والعجيب هو إقدام حَمَلَة ثقافة المقاومة على التعامل مع العدو بوجه من وجوه التعامل، في الوقت الذي يصدرون فيه لائحة يخونون فيها مجموعة من منتقديهم من أصحاب الرأي والمنبر والقلم متهمين إياهم علناً بالعمالة والخيانة، وصولا الى الفضيحة الشهيرة التي حدثت الشهر الماضي، باطلاق سراح العميل عامر فاخوري وتسليمه للسفارة الاميركية التي أجلته بواسطة طائرة هليكوبتر تحت سمع وأبصار حزب الله وحلفائه الشركاء في حكومة لونه الواحد!

 فحتى متى يبقى الكيل بالمكيالين في ثقافة دعاة المقاومة الشريفة والنزيهة؟!

السابق
ما هو «الدور الخطير» الذي قام به الحريري بطلب من دمشق؟
التالي
شَغَل العالم واعتُبِر الحل الأسلم.. كيف نُطبّق «التباعد الاجتماعي» في زمن كورونا؟!