بعد فضيحة الفاخوري.. «حزب الله» يشهر «سيف» التخوين!

عامر الفاخوري

لولا كورونا لأخذت قضية عامر الفاخوري منحى آخر، أشد خطراً. المشكلة لا تنحصر بحكم محكمة ثم تهريبه إلى الخارج. نعود إلى أصل المشكلة التي يحاول المجتمع اللبناني أن يتهرب منها بحجة حماية الإستقرار والسلم الأهلي، وبعضهم محق. هل كان التواصل مع العدو الإسرائيلي زمن الحرب الأهلية عمالة وخيانة؟ وإن كان كذلك، من هي الجهة التي تواصلت مع العدو ليمدها بالسلاح؟ أين هي اليوم، والجميع يعلم أنها انقسمت إلى عدة جهات بعد اغتيال الرئيس بشير الجميل عام 1982؟ والسؤال الأهم الآن: هل الحلقة التي تسيطر حالياً على مكونات الدولة منضوية تحت مظلة تلك الجهة المُتهمة بالتعامل مع العدو الإسرائيلي؟ ومن أمَّن لها طريق السيطرة على مؤسسات الدولة ومنها القضائية!؟

اقرأ أيضاً: ..وسقط القناع عن السلطة لا الفاخوري!

لا أحد يجرؤ

طبعاً، لا أحد يجرؤ اليوم على الكلام بشكل واضح ويجيب عن هذه الأسئلة السهلة لأسباب عديدة. إذا كانت الأسباب محصورة بالخوف على العيش المشترك والسلم الأهلي ولعدم فتح ملفات الحرب الأهلية، وهذا دأب العديد من الأحزاب، كان به؛ لكن تمسك “حزب الله” بالوصولية ولغة المصالح والأولويات وتنفيذ أجندات خارجية، تجبرهم على تجاهل التاريخ حتى لا يفضح التناقضات التي رسم من خلاله تحالفاته للوصول إلى ما وصل إليه في لبنان.
 “حزب الله” لم يكتف بعدم صوغ تحالفاته ملتزماً بمبادئه التي ترتكز على مقاومة العدو الإسرائيلي، بل تعدى ذلك إلى السكوت والإكتفاء بالتنديد والإستنكار حول عدة قضايا ومنها فضيحة الفاخوري؛ وهذه قمة الإنتهازية. لو أنهم تمسكوا بمبادئهم وقَسَمِهم أمام شعبهم المؤدلج، لأعادت قضية الفاخوري تشكيل المحاور السياسية والإصطفافات والتحالفات من جديد. لكن مصلحتهم اليوم تحتم عليهم الإكتفاء في صياغة تنديد والدعوة لاستكمال المحاكمة غيابياً.

هل سيعود “حزب الله” إلى لغة التخوين من جديد اتجاه كل من يخالفه ويعارضه؟ وهي التهمة الجاهزة، والتي استخدمها في كثير من المناسبات لتثبيت ركائز سيطرته على الدولة عبره أو عبر حلفائه

العهد المترنح

أمر آخر مهم جداً، إستخدام القضية كمادة سياسية دسمة للإنقضاض على العهد المترنح ليس بمحله، لأن بعض من يدافع عن الفاخوري اليوم هو في صف المعارض للعهد بقوة. يكفي أن تعود للصور التي جمعت الفاخوري مع قادة مسيحيين من مختلف الأحزاب، وبعضهم على رأس مؤسسة للدولة على خلاف كبير مع من يدير العهد. وهذا أمر يكشف عن عنوان يلتقي عليه القادة المسيحيين الذين يختلفون في السياسة الداخلية للبلاد، لكنهم يتفقون حول عناوين غابرة قبل اغتيال الرئيس جميل عام 1982! فضيحة الفاخوري يجب أن تأخذ منحى آخر للإجابة عن الأسئلة التالية:
ما هو المقابل؟ لا أظن أن هناك عاقل في لبنان لا يوافق على صفقة مع الأميركي تكون لمصلحة وطنية جامعة وترفع المعاناة عن كاهل المواطن. من الأهمية بمكان أن لا نعطي الأميركي مسوِّغ لعقوبات إقتصادية جديدة تزيد من معاناة المواطنين. لكن، إذا كان المقابل، مصلحة شخصية تتمحور حول من له قدرة على تسهيل تهريب الفاخوري، لينقذ نفسه من لائحة العقوبات الأميركية على شخصيات سياسية، فهذه خيانة للدولة ومؤسساتها واستخدام المناصب لمصالح شخصية.

قانون العفو العام

لماذا اليوم؟ توقيت الحكم، وانتهاز التعبئة العامة التي دعت إليها الحكومة لاحتواء انتشار فيروس كورونا، هو أمر فيه من الخُبث الكثير ولا يجب أن يمر مرور الكرام، ومنافِ لمنطق الدولة وعدم تسييس القضاء والفصل بين السلطات والإستجابة لمطالب الثورة المحقة ببناء دولة العدل الحقيقية.
ما هو مصير قانون العفو العام؟ ألم يحن الوقت لإقرار قانون العفو العام الذي لا يستثني أحد! ليس هناك جريمة أكبر من العمالة للعدو الإسرائيلي وخيانة الوطن. لماذا يتم تسريع الأحكام التي تصدر بحق العميل والخائن، بينما توضع بالأدراج الملفات التي تتعلق بالموقوفين الإسلاميين وغيرهم من المظلومين!

هل سيعود “حزب الله” إلى لغة التخوين من جديد اتجاه كل من يخالفه ويعارضه؟ وهي التهمة الجاهزة، والتي استخدمها في كثير من المناسبات لتثبيت ركائز سيطرته على الدولة عبره أو عبر حلفائه. ليتدبر “حزب الله” جيداً قضية الفاخوري، حتى يعلم أن هذه اللغة أصبحت مكشوفة أمام الجميع ولا تنطلي على أحد، ولا يجوز أن يرمي بحجر وحزبه من زجاج. فإذا كان بريء من فضيحة حكم المحكمة وبالتالي تهريب الفاخوري من السفارة الأميركية إلى الخارج، لا يمكن تبرئة حليفه؛ وفي الحالتين هو في قفص الإتهام.

اقرأ أيضاً: طائرة الفاخوري تستعيد مجد «جمول»!

لا نريد العودة لملفات الحرب الأهلية حتى نعيد تعريف العمالة في تلك الفترة البائسة من تاريخ لبنان، وهذا ما يدعونا لعدم الإجابة على الأسئلة التي طرحتها في مستهل المقال. لكن ما حصل في قضية الفاخوري له تبعات خطيرة، ويؤكد أن من يدير الملفات في الداخل اللبناني لا يعبأ لأي ضوابط، أخلاقية أو مؤسساتية أو قانونية. ولحسن حظه ومنتهزاً التعبئة العامة لاحتواء تفشي فيروس كورونا، عاد للتمادي في بغيه وظلمه وتعسفه، غير آبه بشعارات الثورة التي ادعى كاذباً وبوقاحة منقطعة النظير أنه يؤيدها. يظن ذلك المتمادي أن الكورونا باقية في لبنان لتمنع التجمعات! فلينتظر، إنّا معه منتظرون.

السابق
الهلع يدب في قرى صور بعد إصابة «كورونا» في الحلوسية..«إستنفار بلدي» في برج رحال وبدياس!
التالي
من هو رئيس المحكمة العسكرية الجديد العميد علي شريف؟