«طوارىء» جنوبية وبقاعية تسبق الحكومة.. «كورونا» يحاصر لبنان!

الالتزام بالمنازل خوفاً من كورونا في البقاع
الاجراءات التي اعلنتها حكومة دياب تحتاج الى التزام وجدية ومتابعة لتنفيذها من قبل السلطة، في حين يتوجب على الناس التعاون والالتزام بالحجر المنزلي الالزامي لتجنب تفشي "كورونا" لان الامر ليس مزحة. (بالتعاون بين "جنوبية" و"تيروس" و"مناشير")

لبنان تحت حصار الكامل ولو اخذ مسمى اعلان حالة التعبئة العامة او الطوارىء الصحية وهي جزئية بالمعنى اللغوي لكنها كاملة بالمعنى الفعلي.

وتحت خانة حالة طوارئ صحية اعلنت حكومة الرئيس حسان دياب، التعبئة العامة لغاية 29 آذار في جلسة لمجلس الوزراء، تلت إجتماع لمجلس الاعلى للدفاع والذي نظم العلاقة والمهام والتنسيق بين الاجهزة والتي يبدو وفق مصادر متابعة انها ستكون لها “اليد الطولى” لفرض الحجر المنزلي الالزامي على كل اللبنانيين وتنفيذها بالقوة الا في الحالات الضرورية والتي لا تشمل تجمعات على الكورنيش او المطاعم او المقاهي او العزاء او الافراح او الزيارات، الطوارىء تعني مستشفى ودواء وغذاء وولادة وغيرها من الظروف القهرية.

وشملت إجراءات الحكومة “إقفال المطار وكل المرافئ البحرية والبرية والجوية، اعتبارا من يوم الأربعاء حتى 29 أذار وإقفال كل المؤسسات العامة والخاصة باستثناء المتعلقة بالغذاء والدواء وابقت على مصرف لبنان والمصارف مفتوحة”.

المطلوب الجدية والالتزام

هذه الخطوات وغيرها لن تكون ذات فعالية، اذا لم تكن جدية وفق المصادر، من السلطة اولاً ومن الناس ثانياً، حيث اظهر بعض المواطنين في العاصمة وبعض المناطق عدم جدية او اكتراث بما يجري، وكذلك اظهروا عدم وعي عندما نزلوا رجالاً ونساءً واصطحبوا معهم اطفالهم ومن دون اي مسؤولية واستخفاف بما يمكن ان يحصل معهم ومع اطفالهم من عدوى.

وتتخوف المصادر من ان تكون الخطوات الرسمية استعراضية، ولاستدرار العطف الشعبي ولجمع بعض التبرعات التي بدأت تصل من فرنسا والصين وبلدان اخرى، رغم انهما بلدان موبوءان بالفيروس، علماً ان التجربة الصينية باتت مدرسة هامة في كيفية تخطي “الكورونا”.

هناك تخوف شعبي من ان تكون الخطوات الرسمية استعراضية ولاستدرار العطف ولجمع بعض التبرعات التي بدأت تصل من فرنسا والصين وبلدان اخرى، رغم انهما بلدان موبوءان بالفيروس

وفي حين تكمن العبرة في التجربة والخواتيم، وعلى عكس العاصمة والناس التي خرجت للاستجمام في وجه “الكورونا”، كان اهل الجنوب والبقاع اكثر حرصاً وحذراً وخوفاً من الفيروس القاتل، والتزموا منازلهم باستثناء من خرج للتبضع والتموين مع توقع ازمة طويلة وشاقة مع “كورونا” وفي ظل تخوف فشل المستشفيات الخاصة والحكومية من استيعاب كل الحالات التي بلغت حد الآن 99 مصاباً وفق القيود الرسمية لوزارة الصحة رغم ان هناك ارقاماً غير رسمية تؤكد وجود ما بين 110 و120 اصابة حتى الآن ويخضع بعضها للحجر الحزبي الالزامي في الجنوب والبقاع وفي اماكن خصصت حزبياً وبلدياً لذلك.

الجنوب

جنوباً، قامت جمعية “كشافة الرسالة الإسلامية” في البلديات المتواجدة فيها بتعقيم الطرقات في حركة شعبوية اكثر منها صحية.

إقرأ أيضاً: الحكومة بين «التعبئة» و«الطوارئ».. إبحثوا عن «حزب الله»؟!

وفي بلدة العباسية في قضاء صور يقف شرطي بلدي على باب منزل لعائلة يُشتبه بإصابتها بـ”الكورونا” بمعنى انّ البلدية تنفّذ الحجر المنزلي بالقوة.

جهود فردية ومحلية للتعقيم في الشوارع
جهود فردية ومحلية للتعقيم في الشوارع

وفي بلدة الغازية في قضاء الزهراني، وزعت البلدية حقائب طبّية ومواد تعقيم بشكل مجاني على أبناء البلدة .

و في بلدة كفررمان في قضاء النبطية عقم الثوار الساحة والطرقات والبيوت بلفتة إنسانية منهم.

مستشفيات صور غير مستعدة لـ”كورونا”

وتحاول مستشفيات صور أن تظهر بأنها مستعدة لاستقبال حالات “الكورونا”، ان وجدت ولكن الحقيقة تقول ان لا حالة طوارئ ولا استنفار. وما زالت المستشفيات تعمل كما السابق.

وقال طبيب يعمل في مستشفى خاص لموقع “تيروس”، وعن التحضير لاستقبال حالات الكورونا  إن :”أي حالة تأتي إلى المستشفى تعاني من عوارض “الكورونا”، يتم التعامل معها على اساس انها رشح عادي. وبعدها يتم تحويلها للمنزل ونبلِّغ عنها البلدية مكان سكنها”. وبهذا العمل تتهرَّب المستشفى من المسؤولية وتضعها على عاتق البلدية التي بدورها تحولها إلى مستشفى رفيق الحريري او تفرض عليها الحجر المنزلي”.

ارصفة مكتظة

وامام احدى التعاونيات حيث الناس تقف طوابير لشراء مؤونة أقله لشهر للمستقبل خوفاً من فرض حظر التجوُّل.

وقالت لنا سيدة: “اشتريت اغراض للبيت بـ 600 الف ليرة، على أمل أن لا نحتاج للخروج من المنزل لآخر آذار و بالإضافة إلى الأكل والشرب لم انس المعقم،  والمطهر فأصبح الديتول و السبيرتو مطلوب كما الأرز والخبز”.

وقال رجل مُسن: “اعيش انا وزوجتي لوحدنا و أولادنا جميعهم متزوجين ويوميا يزوروننا و لكن خوفاً عليهم من الخروج آثرت ان اشتري حاجياتي حتى لا أعرضهم هم واولادهم لأي خطر”.

في البقاع

وبدا المشهد البقاعي أقرب منه الى الجدية في المعاملة مع “كورونا”، فخلال جولة لـ”مناشير”، تظهرت الصورة من خلال الشلل التام في شوارع البقاع ومحطاته الأساسية، حيث غابت كلياً الحركة إلا فيما ندر. بدءً من مدينة زحلة التي بدت خالية فعلياً، وغاب المشاة حتى عن “بولفار” المنارة، والتي كانت مقصداً لهواة رياضة المشي، أيضاً في شتورا والتي انتقلت فجأة من مشهد الازدحام الدائم كونها تعد نقطة التواصل بين المناطق البقاعية وبيروت والجنوب، إنقلب الى صورة مختلفة كل المحال والمؤسسات فيها مقفلة، محلات الصيرفة، والثياب ومحلات التلفونات.

وبحسب عامر مرتضى أن مشهد شتورا ذكر البقاعيين في حرب تموز، يوم كانت الشوارع تخلو من الناس خوفاً من قذائف الطائرات المسيرة، فأتت “الكورونا” لتفرض حجراً فعلياً لغالبية البقاعيين.

أيضاً المشهد نفسه على طول خط دمشق شتورا وطرقات الجنوب والبقاع الغربي وراشيا، كلها مقفرة، بدت أنها فعلاً  نفذت الحجر على نفسها، وبدت شوارعها خالية الا من بعض المواطنين الخارجين لشراء مواد غذائية أو خبز وأدوية.

إلتزام بقاعي بـ”الحجر” المنزلي

ويصح القول أن البقاعيين في الغربي والاوسط إلتزموا منازلهم خوفاً من إنتشار فيروس “كورونا”، الا أن هذا الواقع المستجد على البقاعيين يضعهم بين سندان انعدام فرص العمل أساسا وبين كلفة المستلزمات الوقائية والمعيشية طيلة فترة الحجر. ومع غياب جمعية حماية المستهلك بدت بعض المؤسسات التجارية والصيدليات ترفع الاسعار المستلزمات من كمامات ومعقمات بأسعار هستيرية لا طاقة لغالبية البقاعيين على شرائها، مما دفع ببعض النساء لخياطة “الكمامات” بالأقمشة ومنها بالمحارم لتجنب شرائها بعدما وصل سعر علبة الكمامات الى 50 ألف ليرة، فيما كان سعرها قبل الازمة 6 الاف ليرة.

إقفال تام في البقاع والشوارع فارغة
إقفال تام في البقاع والشوارع فارغة

تحركات أهلية

ويؤكد الناشطون والعاملون في المجال الطبي، أن الاسراع في الالتزام في المنازل وتقليل الاحتكاك فيما بين الناس يراجع نسبة انتشار الفيروس، وما يحصل في البقاع دليل عافية ووعي عند الأهالي.

وشكل عدد من الناشطين لجان طوارئ من شأنها أن تعمل على تضافر الجهود، لمساعدة الناس حتى في الامور المعيشية، فمنهم من بدأ العمل على تجميع الاحصاءات للعائلات الأكثر فقراً وذوي الدخل المحدود.

“الدولة غائبة وعاجزة وإن انتظرناها يعني ذلك العواض بسلامتكن” على حد تعبير الناشطة وصول غنيم لـ”مناشير”، والتي أكدت أن “الحراك مستمر باتجاه تأمين المستلزمات الوقائية للناس، وامكانية جمع مساعدات عينية للمواد الغذائية خاصة للناس الفقراء”.

السابق
بعد التسريب والنفي.. المصارف تُقفل أبوابها غدًا!
التالي
واثق الخطوة يمشي.. «كورونا»!