نزار صاغية: الإنتفاضة تدفع نحو تغيير النصوص القانونية

القضاء

“القانون ليس للقانونيين فحسب، بل هو لجميع أفراد المجتمع. وإذا اقتنعنا أن هناك قدرة على التغيير بعد انطلاقة الانتفاضة، علينا العمل لتغيير نصوص قانونية عدة”.

هكذا افتتح المدير التنفيذي للمفكرة القانونية المحامي نزار صاغية حلقة النقاش التي نظمها تجمع المؤسسات الأهلية وتجمع على صوتك واللقاء النقابي في صيدا والجنوب في جمعية التنمية للإنسان والبيئة الأسبوع الماضي حول موضوع استقلالية القضاء ودور المواطن في تحقيق الاستقلالية.

بداية رحّب عضو تجمع عل صوتك المهندس محمد دندشلي بالحضور وأكد على أهمية أن تتحول مسألة استقلالية القضاء إلى مسألة مجتمعية تهم جميع المواطنين. ثم تحدث صاغية قائلاً: بداية يتساءل المواطن، لماذا القضاء غير مستقل؟ الجواب بسيط، لأننا نعيش في نظام متكامل، نظام سياسي قائم على المحاصصة ينسحب على النظام النقابي ويشهد هذا القضاء كثير من القضايا التي يشوبها ظلم، لكن لا تقل إلى الإعلام.

اقرأ أيضاً: حلقة نقاش بيئية تتحول إلى مساءلة لبلدية صيدا

عاد صاغية ليطرح سؤال آخر: لماذا هناك أولوية لاستقلالية القضاء في لبنان؟ أولوية استقلالية القضاء كي يشعر المواطن بالحرية، وأن يكون له دور في المشاركة العامة وهو مطمئن، وأن حريته مضمونة. لكن في نظامنا اللبناني فإن المواطن يجد حمايته بالزعيم وبالتالي فإن سبل القضاء يدفع المواطن ليكون زلمة للزعيم واستقلالية القضاء تعني أن تطبق القوانين على الجميع، لكن القوانين تقف عند نفوذ الزعماء لذلك يمكن القول أن لبنان ليس دولة قانون لأنه لا يطبق على الجميع، فكيف يمكن مكافحة الفساد إذا لم يكن هناك قاضي يحاسب الفاسد. وفي التجارب الدولة فإن أي بلد يشهد انقساماً حاداً يجب وضع القضاء فوق الجميع وهذا ما حصل في إيرلندا الشمالية مثلاً.وأعطى صاغية مثلاً عن كيفية استخدام السلطة اللبنانية لموضوع استقلالية القضاء، من خلال تجربة الرئيس إميل لحود الذي استخدم الشعار في النزاع داخل السلطة وبين أطرافها عام 1997 – 1998 وعندما حقق ما يريد بالسياسة، استغنى عن شعار استقلالية القضاء.

ثم تحدث صاغية عن خمس نقاط تتعلق بالقضاء قائلاً: أولاً، لدينا مجلس قضاء أعلى مشكل من 10 أشخاص، ثمانية أشخاص منهم تعينهم الحكومة وفق كوتا طائفية يحددها زعماء الطوائف أما الاثنان المتبقيان فيأتي ترشيحها بصفتهما من رؤساء غرف التمييز الذين يجري تعيينهم وفق المحاصصة الطائفية وبالتالي لا ضمانة حتى اللحظة بأن يكون هناك مجلس قضاء أعلى مستقل ومنتخب.ثانياً، التشكيلات القضائية، يتخرج قضاة للتعيين بعد أن يكونوا قد قاموا بواجباتهم في عدد من المحاكم، قالوا أن التشكيلات يحددها مجلس القضاء الأعلى بالتعاون مع وزير العدل منذ عام 2001 وأن التشكيلات نهائية وملزمة، لكن مرسوم التشكيلات القضائية بحاجة إلى مرسوم يوقعه خمسة أشخاص. وفي حال تمنع شخص واحد عن التوقيع تتعطل التشكيلات. وقد تعطلت 5 تشكيلات من عام 2010 – 2017. ويمكن القول أن المراكز المهمة يستولي عليها الأطراف السياسية الأساسية في السلطة.

وأهم المراكز التي يجري التنازع حولها هي قضاة التحقيق والنيابات العامة. كل هذه السياسة تجعل من أداء مجلس القضاء الأعلى مرناً، والقضاة مربوطين بالسياسيين مما أدى إلى تغيير أخلاقيات القضاء وبالتالي تغيير بأخلاقيات المحامين.

وأضاف صاغية: أما النقطة الثالثة فتتعلق بالنيابات العامة التي حولها عدنان عضوم منذ عام 2001 إلى سلطة مطلقة يمسك من خلالها بجميع الملفات ويعطي أوامره لكل النيابات العامة ويسحب من بين أيديها ما يريد من ملفات تحت حجة أنها ملفات خطرة. لقد ربط عضوم النظام القضائي بشخص واحد يحدد ما هو الخطر وما هو غير الخطر، فيصبح ملف فسادها ملفاً خطراً يجري سحبه من أيدي من يريد ويصير ملف سرقة ما قضية يمكن البت فيها.

وبعدها انتقل إلى النقطة الرابعة التي تتعلق بحق القاضي أن يكون له تجمعه أو ناديه الخاص فتحدث عن مبادرة حصلت عام 1969 قام بها القضاة عبد الباسط غندور يوسف جبارة ونسيب طربية بأن أسسوا جمعية من 90 قاضياً ونظموا ندوات ولقاءات حول استقلالية القضاء وإنسانيته. وهي الجمعية التي أوقف الرئيس سليمان فرنجية أعمالها عام 1971.وأشار صاغية إلى نادي قضاة لبنان الذي تأسس مؤخراً والذي تقدم بطلب علم وخبر في نيسان 2018 ولم يحصل عليه حتى ك2 2019 بسبب أن مجلس القضاء الأعلى ضغط لمنع إنشائه، لكن الوزير نهاد المشنوق وعندما أيقن عدم عودته إلى الحكومة منحه العلم والخبر.

وفي النقطة الخامسة طالب صاغية بتضامن أكبر من الجميع للقضاة المستقلين وأن يكون القضاء خادماً للناس وليس للنصوص القانونية.وأضاف: تقدمنا بمشروع قانون استقلالية القضاء إلى مجلس النواب وطلبنا أن يكون النقاش علنياً وهذا ما أربكهم. وختم قائلاً اليوم حان الوقت لتكون هناك دينامية واسعة بين القضاء والناس والمطلوب من المجتمع تشكيل مجموعات ضاغطة من أجل القضاء المستقل.

السابق
ما بين الأميركي والإيراني.. الصناعة اللبنانية تحتضر!
التالي
السيد علي الأمين يدعو من جنيف الى «التقارب وإبعاد شبح الحروب»!