الحكومة العراقية المقبلة أمام انسداد سياسي

نساء العراق
يحاول الرئيس المكلف الانفراد بتشكيل مجلس الوزراء.

يبدو أن حالة الانسداد السياسي التي يمر بها العراق، لن تشهد انفراجاً بعد تكليف محمد توفيق علاوي بمهمة تشكيل الحكومة المقبلة، بل إن ما يحصل من خلافات متصاعدة تسبب بانشقاقات على مستوى الطبقة السياسية.

حكومة الأصدقاء

لا تزال التسريبات بشأن شكل الحكومة المقبلة، وأطراف التفاوض مع رئيسها المكلف، سيدة الموقف. إذ لم يعلن حتى الآن عن المسارات التي ينتهجها علاوي لاختيار حكومته.

في السياق ذاته، قال مصدر سياسي، رفض الكشف عن اسمه، إن “الخلافات كبيرة في ما يتعلق بالحكومة المقبلة وعلى عدة مستويات، أولها أن تحالف الفتح بات يعتقد أن مقتدى الصدر سينفرد بتشكيل الحكومة”.

وأضاف لـ”اندبندنت عربية”، “المستوى الآخر من الخلافات هو دخول السياسي عزت الشابندر من خلال تحالف الفتح على خط محمد توفيق علاوي، ما أدى إلى حصول مشكلتين مع القوى الكردية والسنية”.

وتابع أن “الإشكالية مع القوى السنية هي مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، لأن الشابندر يحاول تفتيت الموقف السني تجاه الحلبوسي، ويستقطب سنة آخرين في الحكومة المقبلة وإعطاءهم وزراء لإضعافه”.

وأشار إلى أن “الشابندر متشدد بعدم التنازل للقوى الكردية، ما تسبب باستياء مسرور البارزاني وأدى إلى احتمال أن يذهب في تحالف مع الحلبوسي”.

ولفت إلى أن “علاوي يحاول أن ينفرد بتشكيل حكومة شللية من رجال الأعمال المحيطين به، وأنه يدرس تسليم وزير الكهرباء الحالي لؤي الخطيب وزارة الكهرباء مرة أخرى أو النفط، لأنه صديقه”.

وكشف عن أن “الأميركيين وعدوا علاوي بدعم كبير من قبلهم لحكومته وللعراق”، مبيناً أن “أميركا تعتقد بأن علاوي مرشح مثالي، لا يمكن أن يتسبب بتوتر مع الولايات المتحدة”.

وختم “هناك اتفاق بين القوى الشيعية الرئيسة على إمرار حكومة علاوي وإن قدموا كل التنازلات الممكنة. لكن إدارة الاتفاق مع القوى السنية والكردية هي التي ستعرقل تشكيل الحكومة”.

في غضون ذلك، قال الصدر، في تغريدة على “تويتر”، “نسمع بضغوط حزبية وطائفية لتشكيل الحكومة المؤقتة، فهذا يعني ازدياد عدم قناعتنا بها، بل قد يؤدي إلى إعلان التبرؤ منها، بعدما اضطررنا للسكوت عنها”.

اقرأ أيضاً: منظومة عراقية من مليشيات إيران تضخ لها الأموال.. مطارات وحقول نفط و4 بنوك!

حصة بـ”الفساد”

اتهم القيادي في جبهة الإنقاذ، أثيل النجيفي، الثلاثاء 11 فبراير (شباط)، السنة الذين يطالبون حكومة علاوي بحصة، بأنهم “يطالبون بحصتهم من الفساد والمنافع الشخصية”.

وأضاف “جمهور السنة كما هو جمهور الشيعة يريد انتخابات نزيهة وقانوناً يحصّلون عبره حقوقهم، ولن يجنوا فائدة من حصول فاسد على منصب ليوزع منافعه على المنافقين من حوله”.

حقوق دستورية للإقليم

وكان رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور البارزاني أكد، في بيان بعد لقائه وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم، أن “الطرفين اتفقا على ضرورة أن تكون للحكومة الاتحادية المقبلة علاقات جيدة مع إقليم كردستان ودول الجوار والمجتمع الدولي”.

ونقل البيان عن البارزاني قوله إنه “يدعم حكومة تلتزم بالحقوق الدستورية لإقليم كردستان”.

فيما كشف النائب عن الجماعة الإسلامية سليم شوشكي، الثلاثاء، رفض علاوي مرشحي الأحزاب الكردية، مشيراً إلى أنه “خاطب الأحزاب الكردية بعزمه اختيار مرشحين مستقلين”.

مرحلة العجز

وعلى الرغم من إعلان غالبية الكتل السياسية عدم رغبتها في تسلم مناصب حكومية في المرحلة المقبلة، إلا أن الحراك السياسي يسير باتجاه المفاوضات حول الحصص لكل كتلة سياسية.

وقال الباحث في الشأن السياسي أحمد الشريفي، إن “علاوي دخل في مرحلة العجز عن إيجاد آليات تقنع الأطراف السياسية التي باتت متخاصمة. وهذا سيؤدي إلى مسألتين، إما انسحابه أو الذهاب باتجاه عقد مؤتمر صحافي وإحراج تلك الكتل”، معبراً عن اعتقاده بأن “مكاشفة الشارع العراقي بهذه الأمور غير متوقعة”.

وأوضح لـ”اندبندنت عربية” أن “المدة الدستورية البالغة 30 يوماً ستنتهي من دون أن يقدم علاوي شيئاً”، مردفاً “لا اتفاقات حتى الآن على عمر الحكومة المقبلة، وهل ستكون مؤقتة أم دائمة”.

وأشار إلى أن “الأمور تبدو ذاهبة باتجاه حكومة طوارئ”. وبين أن “حالة العجز هذه قد تعطي فرصة لتدخل المجتمع الدولي لتشكيل حكومة طوارئ، على اعتبار أن القوى السياسية فشلت في أداء مهامها في إدارة الدولة”.

مشهد مكرر

في المقابل، يرى الكاتب والإعلامي فلاح الذهبي أن “مشهد تشكيل حكومة علاوي تكرار لمشهد تشكيل حكومة عادل عبد المهدي”.

ويضيف لـ”اندبندنت عربية”، “الحكومة المقبلة تشبه حكومة عبد المهدي التي بقيت منقوصة. وما وصل من التسريبات يبيّن أن علاوي أكمل 95 في المئة من حكومته، وهذا بالتأكيد حصل بعد اتصالات أجراها مع الكتل السياسية”، مشيراً إلى أن “علاوي تواصل أيضاً مع بعض المتظاهرين لإعطائهم حصة”.

ويعتقد الذهبي أن “علاوي أمام مأزق سياسي كبير، حيث أنه إذا لم يرضِ كل الأطراف السياسية فإن الكتل لن تمرر حكومته. وإذا نجح في ذلك، فإنه لن ينجح في إرضاء الشارع أو تحقيق شيء جديد”.

وعن الضغوط الإيرانية لإعادة ترميم البيت الشيعي، يبيَّن الذهبي أن “هذا الأمر كان ممكناً قبل عام 2008، لكن القوى الشيعية باتت تمتلك المال والقوة وتغلغلت في داخل الدولة، وما عادت تحتاج إيران بالطريقة نفسها. والدليل أنها تركت مهمتها في الحفاظ على صورة إيران داخل العراق، وهذا ما أظهرته الاحتجاجات الأخيرة”.

أول مكلّف لا يمضي

“ربما سيكون محمد توفيق علاوي أول رئيس وزراء مكلف لن يمضي إلى نهاية المطاف في تمرير حكومته في البرلمان بأمان. فهناك مطبات سياسية كبيرة أمامه ستمنع إعطاءه الثقة”، وفق السياسي المستقل محمد العكيلي.

ولفت إلى أن “الكتل السياسية التي أتت بعلاوي، بدأت بالتراجع عن تأييده لأن الشارع بدا منقسماً على تكليفه. وفي الأيام المقبلة، بعد انسحاب القبعات الزرق من الساحات ستزداد المعارضة على توليه المنصب”.

وتابع أن “الجمهور المحتج معترض على الآلية التي قُدِّم بها علاوي، وعليه أن يبيّن لهذا الجمهور بأنه ضمن المعايير التي اقترحها وليس ضمن التوافقات السياسية”.

وأشار إلى أن “الكتل السياسية لن تسمح بتمرير حكومة لا تشتمل على حصصها، لكن علاوي يستطيع أن يوافق بين الأمرين: إرضاء الشارع وإقناعه من جهة وإقناع الكتل السياسية من جهة أخرى”.المزيد عن:العراق

السابق
هل تشفع «الثقة» لحكومة دياب عربيا ودوليا؟
التالي
الصورة الكبيرة في سوريا