لبنان والعراق «يقاومان» حكومة «اللون الواحد»!

لبنان ايران العراق
لعل أسوأ مظهر تبدو به ديموقراطيات دول العالم الثالث وما ينطبق في لبنان والعراق والعديد من الدول العربية، هو المظهر الحالي الفاقع في الاستبداد تخلّف الإدارة وفساد المؤسسات فيها، وذلك بشرعية ما يسمى بالانتخابات الشكلية أو صناديق الاقتراع التي تعيد إنتاج الطبقة الحاكمة نفسها وتجعل في الوصاية الأجنبية قانونا مشرعا.

في لبنان، أبعد توقيع اتفاق الطائف وانتهاء الحرب الأهلية عام 1990، تم الاتفاق بين زعماء الطوائف أمراء الحرب وبرعاية سورية أميركية أن تحلّ جميع المليشيات، وأن تنخرط أحزاب تلك المليشيات في السلطة، وأن يبدأ الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي تسلّم رئاسة الوزراء بعد عامين، بعملية إعادة بناء لبنان، وبرعاية سورية إيرانية ثم الإبقاء على سلاح حزب الله حصراً دون باقي الفصائل، وذلك من أجل تحرير الشريط الحدودي المحتل من قبل إسرائيل في جنوب لبنان.

اقرأ أيضاً: اللبنانيون يعرفون… والعراقيون يعرفون

لبنان والعراق تحت حكم السلاح

بعد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من الجنوب عام 2000، لم يتخيّل حزب الله عن سلاحه كما كان مقرّراً وكما طالب المجتمع الدولي، وبرعاية سورية إيرانية أيضاً. وعندما وقع الصدام واغتيل الرئيس رفيق الحريري، فإنه كان نذيراً بأن “المقاومة” تحولت إلى مشروع حكم وسيطرة على لبنان، وأن الأدوات الديموقراطية الآنفة الذكر من انتخابات وأحزاب وتحالفات، لن تكون سوى واجهة لتغطية سلاح ما أصبح يُعرف “بمحور المقاومة”، من أجل تثبيت نفوذ إيران وسوريا في لبنان.

“المقاومة” تحولت إلى مشروع حكم وسيطرة على لبنان، وأن الأدوات الديموقراطية من انتخابات وأحزاب وتحالفات، لن تكون سوى واجهة لتغطية سلاح ما أصبح يُعرف “بمحور المقاومة”، من أجل تثبيت نفوذ إيران

أما في العراق فقد استغلت إيران هجوم داعش على العراق واحتلاله لثلث مساحته، وهي كانت قبلاً ترعى نظام الفساد القائم بعد الإنسحاب الأميركي من العراق، وقامت بإسراف قائد فيلق القدس قاسم سليماني بتأسيس الحشد الشعبي،وكما في لبنان كذلك في العراق، فقد رفض الحشد الشعبي تسليم سلاحه للدولة بعد انتهاء الحرب عام 2017، وقام القائد سليماني الذي اغتالته أميركا قبل شهر ونصف، بالعمل على إزاحة رئيس الوزراء الاستقلالي حيدر العبادي الذي أعاد بناء الجيش العراقي وبدأ بإصلاح المؤسسات بالدولة، كي يبقى العراق دولة مهترئة وضعيفة، وخاضع الإرادة للوصاية الإيرانية التي ضمت العراق إلى “محور المقاومة”، في إطار توسيع نفوذها باتجاه سوريا ولبنان، من أجل تحسين مركزها في التفاوض مقابل الأميركيين.

وإذا جاء الردّ الأميركي على إيران مباشراً عبر اغتيال سليماني، فإن الانتفاضة الشعبية التي اندلعت قبل ثلاثة شهور بالتزامن مع الانتفاضة اللبنانية تظهر الحالة الحرجة التي وصل إليها كلا البلدين. فالسلاح واحد، الوصاية واحدة، والفساد واحد وكذلك رعايته والتحالف مع زعماء الطوائف المتحجري العقول والقلوب، الذين احترفوا إفساد انصارهم وتضليلهم بشعارات طائفية وتسليحهم أو رمي فتات وظائف المحاصصة لهم، وجعلهم أشبه بعبيد يقاتلون مقابل رواتبهم التي تدفع من خزينتهم وضرائبهم ولحمهم.

الوصاية الإيرانية التي ضمت العراق إلى “محور المقاومة”، في إطار توسيع نفوذها باتجاه سوريا ولبنان، من أجل تحسين مركزها في التفاوض مقابل الأميركيين

علاج شكلي

اليوم، واذ ينتظر رئيسا الحكومة حسان دياب في لبنان، ومحمد علاوي في العراق، نيل ثقة مجلسيهما النيابيين المثقلين بكارتلات كتل الفساد، فإن ما يثير الشفقة هو مشهد هذين البلدين الشقيقين وهما أشبه بجسدين مقطعي الأوصال، جاء من يقدم لهما علاجا على شكل اسعافات أولية وقطن وضمادات وأدوية، فماذا سيفعل هذين الرئيسين المكلفين حتى لو سلمنا بنزاهتهما، فهل يستطيعان كف يدّ الفاسدين “المدعومين” في الدولة، ومن سيؤمن المليارات من الدولارات لتسديد الديون واعادة البناء؟!

اقرأ أيضاً: آخر أيام إيران و«شِيَعها» من العراق الى لبنان!

المتظاهرون الثوار بساحتي التحرير والشهداء في عاصمتي العراق ولبنان، يدركون جيدا ان خلاص بلديهما الشقيقين لن يكون الا بتغيير نظامي الحاصصة الطائفي في بلديهما، واجراء انتخابات حقيقية لا صورية كعادتها باشراف زعماء احزاب الطوائف الحاكمين نفسهم، وكذلك كفّ يد الوصي الايراني الذي يحاول عنوة الهيمنة على السلطة بالسلاح والفساد والافساد وتشكيل حكومات اللون الواحد سياسيا والغاء المعارضين، من اجل اضعاف الدولة المركزية، ليتسنى له بسط نفوذه الاستراتيجي كما يحب ان يتباهى دائما، من بغداد الى بيروت.

السابق
حجارة «شباب الزقاق» تُصيب دياب والحراك..«الثنائي الشيعي»: الأمر لي!
التالي
بعد جريمة قتل العسكريين في البقاع مجزرة في مخفر الأوزاعي: هكذا ارتكب شقيق احد السجناء الجريمة!