المصارف تحتجز «الدولارات» والودائع مجهولة المصير!

مصرف لبنان بعلبك

تتفاقم الأزمة المالية والاقتصادية مع استمرار شح الدولار في الأسواق وانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية، ما بدأ ينذر بالأسوأ لا سيما مع تقلص القدرة الشرائية وغلاء اسعار السلع الاستهلاكية والغذائية.و

ومع استمرار فرض المصارف قيود جائرة على اموال الموديعين لا سيما بالعملة الصعبة، أثار كلام حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن تسديد الودائع بالليرة بلبلة في الأوساط المالية والنقدية، رغم أنه حاول تصحيح “زلّة” لسانه هذه وتوضيح المقصود. ليس هذا الطرح جديداً ولو اختلفت نسب التطاول على جيوب الناس. ففكرة تحويل نسبة معينة من الودائع الى الليرة كانت قد طُرحت أكثر من مرّة الا أن سلامة رفض الفكرة رفضاً قاطعاً، قبل أن يعود ويُلوّح بـ”اللولرة”، في إطلالته الإعلامية الأخيرة.

إقرأ أيضاً: كارثة اقتصادية واجتماعية تنتظر اللبنانيين.. من يستطيع وقفها؟

في هذا السياق، كتبت إيفون أنور صعيبي في صحيفة “نداء الوطن” تحت عنوان ” “لَوْلَرة” الودائع… “بدعة” البدائع”، ان كلام الحاكم دفع بالاقتصادي شربل قرداحي إلى التعليق والقول علناً أن “تسديد الودائع بالليرة اللبنانية لن يكون شرعياً حتى ولو قُونِنَ”. وأوضح قرداحي أن “هناك عجزاً بالثروة الوطنية بالعملات الصعبة. ولكن ومهما كانت الظروف، فإن المسّ بودائع الناس ولوْلَرتها، طرْح مرفوض جملة وتفصيلاً. إقتصر البيان الذي أصدره المكتب الاعلامي لحاكم مصرف لبنان حول عدم شرعية تحويل الودائع الى الليرة، على توضيح أن المصارف غير ملزمة على الدفع بالعملة الصعبة. وذلك يعني عمليّاً انه ولدى استحقاق الوديعة يتعذّر على العملاء سحبها بالدولار وهذا دليل واضح على تطبيق الهيركات بنسب تتراوح بين 30 وربما 50% وفقاً لسعر الصرف الحقيقي في السوق. وبرأيي ليس هناك أي أسباب تبرّر الاقتطاع من الودائع ولو حتى أجازه القانون، وبذلك لن يكون مشروعاً”.

بمعنى آخر، وفي حال طُبّق “الهيركات” بهذا الشكل سيقتطع حوالى 40% من ودائع الناس، والأخطر أنه سيشكّل مخرجاً يستغلّه البنك المركزي لتغطية خسائره “الفادحة” المتراكمة والمقدّرة بنحو 40 مليار دولار، وهو ما تؤكّده أرقام جمعية المصارف في التقرير الذي تنشره على موقعها بشكل دوريّ. فبحسب جمعية المصارف، كان هناك 230 ألف مليار ليرة في أيلول الماضي، والذي يوازي بنحو تقريبي 148 مليار دولار (هذه هي إيداعات المصارف لدى المركزي بالليرة والدولار). وتجدر الاشارة الى أن حاكم مصرف لبنان رفض مراراً البوح بإيداعات المصارف لديه بالعملة الخضراء، حتى عندما طلبت منه وكالة “ستاندر أند بورز” ذلك، لتجنّب فضح قيمة عجزه المتراكم وديونه للبنوك التجارية.

الودائع مبخّرة…

في اتصال مع “نداء الوطن” يوضح الخبير المالي وليد أبو سليمان، انه تشير أرقام جمعيّة المصارف الى أن مجموع الودائع الموجودة لدى مصرف لبنان بالليرة وبالدولار تبلغ حوالى 148 مليار دولار. لا ينكر مصرف لبنان أن التزاماته للمصارف التجارية تناهز 101 مليار دولار. لكن، وبعد مقارنة أرقام كل من جمعية المصارف ومصرف لبنان، وبعد احتساب ديون المصارف للمركزي، نلاحظ أن هناك فارقاً بنحو27 ملياراً. يشكّل هذا الرقم عمليّاً ضياعاً في الحسابات. وهذا ما يستوجب بحثاً وإعلاناً صادقاً من قبل المسؤولين لاستبيان مكان هذه الاموال ومصيرها. هذا من جهة، أما من جهة ثانية، فتبرز معضلة ديون المركزي لصالح النظام المصرفي، وإذا سلّمنا جدلاً أن هناك 148 ملياراً (ايداعات المصارف للمركزي بالليرة وبالدولار) وحسمنا قيمة ديون المصارف لصالح مصرف لبنان، يتبين أن هناك 125 ملياراً. لا بد من معرفة القيمة المتواجدة بالدولار وتلك التي بالعملة المحلية، لنتمكن من احتساب ديون مصرف لبنان وبالتالي معرفة مصير ودائع الناس. في تقريرها الاخير، أشارت ستاندر أند بورز الى أن للمركزي احتياطياً سلبياً بـ31 مليار دولار بمقابل 75 ملياراً كودائع وشهادات ايداع. ذلك يعني أن فجوة العجز الذي يرزح تحت وطأته المركزي تبلغ 40 مليار دولار. وللاشارة فإن ما يقارب 65% من ودائع الناس موجودة في الواقع لدى مصرف لبنان. وهنا تقع الملامة على المصارف التي تصرّفت بودائع الناس وقامت بإقراضها الى المركزي من دون التشدد بشروط الاقراض”.

بالاستناد الى كلّ هذه الوقائع، يمكن اختصار الواقع بالتالي: دولار اللبناني محجوز ولا يمكن التصرّف به ولا سحبه ولا تهريبه ولا حتى إنقاذه. أما ودائع الناس فتبقى مجهولة المصير لحين استبيان أرقام مصرف لبنان “المتخفّية”.

السابق
هل كلّف المرشد نصرالله قيادة أذرع إيران خلفاً لسليماني؟
التالي
بالفيديو.. شاب يحاول احراق نفسه واشتباكات بين القوى الأمنية والمتظاهرين في الرينغ!