هل كلّف المرشد نصرالله قيادة أذرع إيران خلفاً لسليماني؟

احمد عياش

من إستمع بالامس إلى الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في تأبين قائد “فيلق القدس” الراحل الجنرال قاسم سليماني، أدرك ان الاول دخل مرحلة جديدة في عمله ضمن المشروع الايراني الخارجي. فهو اليوم، صار عملياً يمثل الرقم الاول في هذا المشروع، ما يعني أنه أصبح فعلياً حامل الراية له من دون منازع. فما هي نتائج هذا التطور في المنطقة عموماً، ولبنان خصوصا؟

قبل الذهاب الى عرض المعطيات المتصلة بالفراع الذي  نشأ عن غياب سليماني عن مسرح الأحداث، لا بد من التوقف عند التطور الذي أدى إقدام الادارة الاميركية على تصفية الجنرال الايراني وتبنيها ذلك علانية. وفي جديد هذه المعطيات، كما علمت “النهار” من مصادر ديبلوماسية، أن مناخاً من التشدد يهيمن حالياً على البيت الابيض، لم يكن موجوداً منذ أسابيع قليلة. حتى أن ديبلوماسياً أميركياً أبلغ محدثه اللبناني بعد أيام من تصفية سليماني، أن وزارة الخارجية الاميركية يسيطر عليها حالياً مناخ الصقور الذي وصل الى وزير الخارجية مايك بومبيو نفسه. أما الاصوات التي كانت تنادي بالاعتدال، واوردت هذه المصادر بعض أسماء السفراء الكبار، فلم يعد لها نفوذ في الوقت الراهن في دوائر هذه الوزارة.

اقرأ أيضاً: إيران.. الغاية تبرر “عمالة” قطر والقرب من عُمان وعصمة سليماني

في ظل مثل هذا المناخ الاميركي ،أطل نصرالله الاحد بخطاب متشدد ضد الولايات المتحدة  مشحونا بتوتر أكثر مما كان عليه في إطلالته قبل الاخيرة منذ أسبوع في تشييع سليماني.فهل ستكون هناك تبعات لهذا الصدام بين مناخ الصقور الاميركي والتشدد الايراني بلسان نصرالله؟

في تقدير المراقبين ان المنطقة عموماً، ولبنان خصوصاً، دخلا عمليا في نفق مجهول مشحون بالاحتمالات من الان وحتى موعد الانتخابات الاميركية في تشرين الثاني المقبل.وما يزيد من خطورة الاشهر العشرة التي تفصلنا عن الاستحقاق الانتخابي الاميركي ،ان الدور الجديد الذي سيناط بالامين العام لـ”حزب الله” اللبناني، سيضع هذا البلد على صفيح ساخن، على رغم الجهود التي تبذلها جهات دولية كي يتجنّب لبنان تبعات المواجهة الاميركية – الايرانية التي تتجه الى تصعيد على كل المستويات، والذي  لن يتراجع إلا إذا ذهبت الاحداث نحو المفاوضات.

حول السؤال عن المهمة الجديدة التي أناطها المرشد الايراني علي خامنئي بنصرالله كي يملأ الفراغ الذي نشأ عن غياب سليماني، تقول أوساط شيعية معارضة ل”النهار”، ان مقارنة بين كلمة نصرالله الاخيرة وتلك التي القاها بعد إغتيال قائد “فيلق القدس”، تظهر ان الامين العام للحزب، قد إنتقل من مرحلة الانتظار لما ستقرره طهران  بعد أن تتولى بنفسها الرد المباشر على تصفية سليماني، إلى مرحلة القرار حول دور التنظيمات التابعة لإيران بعدما إنجزت الاخيرة خطوة الرد عبر قصف قاعدتيّن عسكريتيّن في العراق في الايام الماضية.

عندما يتحدث نصرالله في كلمته الاخيرة عن ان العراق سيكون مسرح المواجهة بين إيران وحلفائها من جهة وبين الولايات المتحدة، يعني بحسب الاوساط نفسها أن “حزب الله” سيكون رأس حربة في هذه المواجهة بفضل الامكانات والخبرات التي يتمتع بها منذ ان دخلت إيران الى العراق في إعقاب الغزو الاميركي لبلاد ما بين النهرين عام 2003. وهكذا، سيوجّه نصرالله امكانات حزبه الى الساحة الجديدة بعدما كانت سوريا المسرح لإعوام عدة خلت وتكبد فيها “حزب الله” نحو 2000 قتيل والاف الجرحى.

ماذا عن الدعم الذي كان يوفره سليماني مباشرة للذراع اللبناني منذ أكثر من عقديّن، كما صرّح نصرالله بنفسه؟

في مقال كتبه أمير طاهري في صحيفة “الشرق الاوسط ” في العاشر من الجاري، تحت عنوان “رحيل سليماني وارتباك المخططات الإيرانية” جاء فيه “… في داخل إيران، تمكن سليماني من تكوين دولة داخل الدولة. ووفقاً لبيانات مكتب الجمارك الإسلامي، يسيطر “فيلق القدس” وحده على 25 رصيفاً بحرياً – داخل أكبر خمسة موانئ إيرانية – مخصصة لواردات وصادرات “الفيلق” دون غيره، ومن دون أي تدخل يُذكر من جانب السلطات الإيرانية المختصة. وهناك ضريبة بنسبة خاصة مفروضة على واردات السيارات الأجنبية لصالح صندوق خاص تحت سيطرة “فيلق القدس” من أجل تغطية نفقات العمليات الجارية في العراق وسوريا ولبنان فضلاً عن مساندة الجماعات الفلسطينية الموالية لإيران.” فهل ستستمر هذه الامكانات التي كانت تتدفق أيام سليماني الى الاذرع الايرانية على حالها بعد رحيله؟

من المرجح ان المرشد الايراني الذي كان يحتضن سليماني سيكون حاضراً الآن لكي تبقى آلة المشروع الايراني الخارجي قيد العمل بما ذلك توفير الامكانات اللازمة لها لكي تستمر في أداء مهماتها، علماً أن سليماني كان موجوداً مباشرة على مسرح هذا المشروع بما ذلك لبنان كي يلبي حاجاته سريعا.فهل سيأتي من يوفر هذه الصلة بدلا منه؟

في مرحلة جديدة من عمل “حزب الله” بعد سقوط سليماني ، يبدو ان الملف الداخلي المتعلق بتشكيل الحكومة سيتأثر بدوره بهذا التطور. وتقول اوساط مرجع نيابي ل”النهار” ان الحزب لا يضيره ان ينتصر حليفه “التيار الوطني الحر” في معركة تشكيل حكومة حسان دياب في مواجهة الرئيس نبيه بري وافرقاء آخرين ، إنطلاقاً من حسابات تتعلق بضمان تغطية عهد الرئيس ميشال عون  للحزب في المواجهة على المستوى الخارجي.

في كلمته الاخيرة يقول نصرالله: “ستكشف لكم الأيام ان بعد إستشهاد سليماني العالم سيكون عالماً آخراً، لا أمان فيه لهؤلاء الطغاة والقتلة والمجرمين والمستبدين.”لكن ما لم يقله نصرالله فهو ان لبنان الذي يستخدمه المرشد الايراني منصة ، سيكون بكل تأكيد بلا أمان أيضاً!

السابق
هل يكون قتل واغتيال القيادات مقدمة لتغيير السياسات..
التالي
المصارف تحتجز «الدولارات» والودائع مجهولة المصير!