«حماس» و سليماني ونتنياهو.. مؤشرات حرب أميركية – إسرائيلية ؟!

اميركا اسرائيل

على رغم كل الدواعي لتصرف إسرائيل بطريقة مغايرة إثر تلقّيها صفعة مهينة من حركة “حماس” الفلسطينية التي أفشلت مجموعة منها في 11 تشرين الثاني 2018 مهمة سرّية لقوة من وحدات النخبة الإسرائيلية (سيريت متكال) في خان يونس بغزة لزرع منظومة تجسس على الاتصالات الداخلية، واعتقال عناصرها والتحقيق معهم 40 دقيقة قبل مباغتة أحدهم قائد المجموعة نور بركة ورميه بالرصاص وقتله وسقوط ضابط إسرائيلي برتبة عقيد وجرح آخر خلال الرد المضاد واستقالة وزير الحرب السابق أفيغدور ليبرمان على خلفية الحادثة…

استعجل الكابينت الإسرائيلي (المجلس الوزاري المصغر) إقرار اتفاق التهدئة مع الحركة مدعومًا بقادة الجيش وأحزاب الائتلاف الحاكم، بعد تذليل معارضة أحزاب اليمين الراديكالي واعتراض جهاز المخابرات العامة (الشاباك)  بتدخّل مباشر من رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي لإقناع قادته بالضرورة الملحّة لهذه التهدئة بالنسبة إلى إسرائيل بهدف التفرغ لمواجهة الخطر الداهم من الجبهة الشمالية (لبنان)…

فهل بدأ العد العكسي للمواجهة الكبرى بين حلف “أميركا- إسرائيل” وأصدقائه في المنطقة وبين الأذرع الإيرانية الأخطبوطية فيها، التي استهلّها أحد طرفَيه (الأميركيون) بعمليّتين “سوبر نوعيتين”، أولاهما الجمعة 27 كانون الأول، بعد يومين على مقتل متعاقد أميركي في كركوك وإصابة عدة عسكريين بجروح طفيفة نتيجة هجوم بعشرات القذائف على قاعدة “كي وان” (K1) العسكرية الأميركية هناك من دون أن تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه.

إقرأ أيضاً: أميركا وإيران.. سيرة علاقات شائكة من خطف الرهائن إلى إغتيال سليماني !

ونفّذت العملية الأولى طائرات أميركية مسيَّرة عن بعد “درونز” على خمسة مقرات في العراق وسوريا لـ”كتائب حزب الله – العراق”، أكبر فصائل “الحشد الشعبي” التابع لإيران، في الأنبار، وتسبب بـ”قتل عدد من عناصر الكتائب وإصابة آخرين” وفق بيان وزارة الدفاع الأميركية، و”ردًّا على الهجمات الأخيرة ضد قوات التحالف ولإضعاف قدرتها على تنفيذ هجمات” وفق تغريدة لمساعد وزير الدفاع الأميركي جوناثان هوفمان، ومقتل 15 عنصرًا “بينهم قياديون” وفق مسؤول في الحشد لوكالة “فرانس برس”، فيما ذكر كثير من وسائل بعد ذلك أن عدد قتلى الحشد وصل إلى 28 وعدد الجرحى إلى 48. أما ثانية العمليات الأميركية فنزلت كالصاعقة على نظام آيات الله في طهران، إذ حصدت على طريق مطار بغداد رؤوسًا كبيرة في الميليشيات العراقية والحرس الثوري الإيراني أهمها اثنان: قاسم سليماني، قائد الحرس الثوري ورأس حربة إيران في المنطقة، وأبو مهدي المهندس، نائب رئيس الحشد الشعبي العراقي. وكانت قناة تلفزة أميركية شهيرة ذكرت نقلًا عن مصادر مقربة من الحشد أسماء بعض ممن خطط لهجوم السفار ونفذه وهم: “أبو مهدي المهندس”، الذي اجتمع، ليل 30-31 ديسمبر مع الأمين العام لكتائب حزب الله أبو حسين الحميداوي وضابط سابق في الجيش العراقي هو كريم محسن الزيرجاوي الملقب بـ”الخال”، الرجل الثاني في الكتائب ونائب الأمين العام، والذي كُتب اسمه في شعار “الخال مر من هنا” على جدران السفارة، في إشارة إلى أنه قائد العملية، بالإضافة إلى ضابط برتبة جنرال في فيلق القدس الإيراني يدعى الحاج حامد.

ونصت خطة البحث في الاجتماع التي رسمها قائد فيلق القدس قاسم سليماني على مهاجمة حشود الميليشيات المنطقة الخضراء بالزي العسكري، وهو ما أظهرته الصور لاحقًا، ثم مهاجمة السفارة وحرق الأجزاء الأولى منها وتدمير واجهتها وتطويقها بالحشود بعد أن تلتحق بهم مجموعات يقودها رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض ونائبه أبو مهدي المهندس، والمسؤول الأعلى فيه حميد الشطري مع بعض نواب كتلة “صادقون”، بينهم حسن سالم، والمسؤول في الحشد ريان الكلداني قائد ميليشيا بابليون المسيحية، على أن يلي ذلك اقتحام السفارة وقتل ومهاجمة من فيها ثم إعلان المبنى مقرًّا عامًّا للحشد، وإعلان رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي وحكومته تعليق وتجميد الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة الأميركية وقطع العلاقة الدبلوماسية. وتفيد المصادر بأن بوابات المنطقة الخضراء تم فتحها من مستشار رئيس الوزراء العسكري الفريق أبو منتظر الحسيني، وضابط أمني كبير في الحكومة العراقية رفضت المصادر الكشف عن اسمه، مضيفة أن الخطة تضمنت زج مدنيين ونساء في العملية لإحراج القوات الأميركية ودفعها إلى عدم الرد، في سيناريو شبيه بما حدث أمام السفارة الأميركية في إيران عام 1979، إلا أن سرعة التحرك الأميركي وإرسال قوات لحماية السفارة في بغداد وتوعد واشنطن برد قاس على طهران ودعوتها إلى “نشر مزيد من القوات في المنطقة لمواجهة الأحداث المتوترة في العراق” كما قال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، أحبط خطة سليماني وأجبر الميليشيات على الانسحاب من محيط السفارة.

وفي وقت لاحق، أعلن الحشد الشعبي أن خمسة من أعضائه “واثنين من الضيوف المهمين” (أحجم عن تحديد هويتيهما) قتلوا حين استقل الجميع مركبتين استهدفهما صاروخان، لتنطلق حمى هستيرية بعد ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي في لبنان تذكر أسماء “ضيفي” العراق اللبنانيين القتيلين، ومن هذه الأسماء القيادي في حزب الله وصهر عماد مغنية سامر عبدالله، ونائب الأمين العام في حزب الله الشيخ نعيم قاسم، والقيادي في حزب الله المسؤول عن ملف العراق محمد كوثراني وغيرهم، إلى أن أعلنت العلاقات الإعلامية في حزب الله أن “الشائعات على بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل عن سقوط شهداء لبنانيين في الغارة الأميركية على العراق غير صحيحة بتاتًا”.


فهل تتصاعد المواجهة بين إيران والولايات المتحدة لتنعى التحالف الإيراني- الأميركي الذي فرضته المصلحة لدى الطرفين في التخلص من الرئيس العراقي السابق صدام حسين والسيطرة على ثروات العراق ونفطه، وتستغل إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو الذي من أزمة حكومية، هذه المواجهة لتغيير استراتيجية الاشتباك مع الإيرانيين وتابعيهم من القصف الموضعي للعتاد الإيراني لدى وصوله إلى سوريا إلى المبادرة بقصف السلاح الإيراني في أرضه وقبل تحركه، تنفيذًا للخطة التي كان نتنياهو طرحها –وفق إندبندنت عربية- على الكابينت الأمني بعد التشاور مع وزيري الدفاع والخارجية، وتقضي بالقيام بعملية عسكرية واسعة جدًّا في سوريا وقد تشمل لبنان في حال تدخل حزب الله، بهدف ضرب منشآت إيران العسكرية ومواقعها في سوريا، على أن تحصل على ضوء أخضر أميركي لأي عملية تراها مناسبة لضرب مصالح طهران في المنطقة. وهل سترد إيران على قتل سليماني من خلال وكلائها، وأهمهم حزب الله؟ وفي حال وصل الأمر العسكري إلى “الجندي لدى الولي الفقيه” بالتحرّش بإسرائيل كيف سيواجه الحكم في لبنان العدوان الإسرائيلي المرتقب بعد أن قام سياسيوه بإفراع البلاد من السيولة وتركوا الشعب يعاني الأمرّين من ضائقة معيشية لم يعرف مثيلها في تاريخه؟ وفي حال كان العدوان الإسرائيلي واسعًا وبريًّا هل ستكون الحال في ظل الفوضى المصاحبة لها كما كانت عليه في 2006 أم أن الحرب ستخلق انقسامًا عاموديًا بين مكونات الشعب الداخلي لا يعلم إلا الله ما ستكون نتائجه على الأرض، وخصوصًا أن اللبنانيين يتميزون بذاكرة فذة وهم لا يزالون يتذكرون نتيجة اصطفافهم خلف حزب الله عام 2006 وكيف فتك بهم بعد أقل من سنتين في شوارع بيروت والجبل في 7 و8 و9 أيار 2008؟ ندعو الله أن يتلطّف ببلادنا. 

السابق
ياسين يثمن زيارة وزير خارجية الصين الى مصر: بكين تلعب دورا بناء للحفاظ على السلام في الشرق الأوسط
التالي
ما صحة اضراب المصارف الاسبوع المقبل؟