تلويح صالح بالاستقالة… لتكوين اصطفافات خارج إرادة إيران؟

ايران
من المتغيرات الرئيسة في المشهد السياسي العراقي بعد الاحتجاجات تضاؤل تأثير الزعماء.

أشعلت رسالة رئيس الجمهورية العراقي برهم صالح المهددة بالاستقالة، الأوساط السياسية العراقية، فبينما كانت كتلة البناء البرلمانية الموالية لإيران تستعد لتكليف مرشحها أسعد العيداني لمنصب رئيس الوزراء، الذي يواجه رفضاً شعبياً كبيراً، غادر رئيس الجمهورية إلى إقليم كردستان بعد أنباء عن تعرضه لتهديدات إثر رفضه التكليف.

قصف صاروخي

كما أسفر هجوم صاروخي في كركوك شمال العراق عن مقتل متعاقد أميركي واصابة عدد غير محدد من العسكريين الجمعة، وفق ما أعلن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم “داعش”.
وقال التحالف في بيان “قُتل متعاقد مدني أميركي وأُصيب العديد من العسكريين الأميركيين وأفراد الخدمة العراقيين في هجوم صاروخي على قاعدة عسكرية عراقية في كركوك”. وأضاف التحالف أن “قوات الأمن العراقية تقود الرد (على الهجوم) والتحقيق”.
وقال مسؤول أميركي مطلع على التحقيق، إن 30 صاروخاً على الاقل أصابت القاعدة بما في ذلك مستودع ذخيرة، ما سبّب مزيداً من الانفجارات.

وفيما أبدت كتل سياسية عدّة مساندتها لموقف صالح الرافض تكليف شخصية “جدلية” للمنصب، طالب تحالف البناء القريب من طهران، البرلمان العراقي باتخاذ الإجراءات القانونية بحقه، تحت ذريعة خرق الدستور والحنث باليمين.

ويرى مراقبون أن تمرير مرشحين لمنصب رئيس الوزراء وفق مطالب المحتجين بات ممكناً، فيما رجحوا أن يتراجع رئيس الجمهورية عن الاستقالة ويرشّح شخصية مستقلة، معتمداً على حجم التأييد الشعبي له.

ويستمر المحتجون بإعلان رفضهم أي شخصية حزبية لتسلم منصب رئاسة الحكومة، إذ أعلن المتظاهرون في ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية بغداد، رفضهم تكليف العيداني، وهو ثالث مرشح تطرحه كتلة البناء، فيما أبدوا ترحيبهم بموقف صالح الداعم، داعينه إلى استخدام صلاحياته الدستورية لتكليف شخصية خارج إطار “الفساد” والكتل السياسية.

تجمع “170”

في غضون ذلك، أعلن النواب الـ”170″ الموقعون على  بيان مواصفات رئيس الوزراء العراقي المقبل، رفضهم استقالة رئيس الجمهورية، في حين أشاروا إلى أن الخيارات الوطنية والشعبية لها الكلمة الفصل في اختيار رئيس الحكومة المقبل، بعيداً من المحاصصة.

وقال النائب عن تجمع الـ”170″ كاظم الشمري إن “التجمع يتكوّن من نواب في كتل مختلفة، لكنهم لا يمثلون مكوناتهم السياسية، بل يتبنون مطالب المحتجين”.

وأوضح لـ”اندبندنت عربية” أن “القوى السياسية بحاجة إلى تجمعنا، ونمثل غالبية داخل البرلمان”، مشيراً إلى أنهم منفتحون على كل من يشترك معهم في الرؤية.

وكشف عن أن “التجمع يتبنى الأسماء الخمسة التي طُرحت في ساحات التظاهر والتي تشمل كلاً من رحيم العكيلي وسنان الشبيبي ومحمد علاوي وعبد الغني الأسدي وعبد الوهاب الساعدي”، مبيّناً أن التجمع يدعم محمد علاوي بشكل أكبر.

مطالبات لتكوين “جبهة”

في سياق متصل، تصاعدت المطالبات من كتل برلمانية، للنواب الـ”170″ بالانضمام إليها وتشكيل جبهة مضادة للمحاصصة الحزبية والطائفية، في ما يبدو أنها استغلال للدعم الشعبي لخيارات رئيس الجمهورية الرافضة لتمرير مرشح “جدلي”، وتكوين غالبية برلمانية خارج إطار كتلة البناء والضغوط والتأثيرات الإيرانية.

ووجه رئيس جبهة الإنقاذ والتنمية أسامة النجيفي، دعوة إلى النواب الـ”170″ للانضمام إلى كتلته النيابية والمعارضة للاصطفاف مع ما سمّاه بـ”طموح الشعب العراقي”.

وطلب عبر تويتر، من “النواب، خصوصاً تجمع الـ”170” الاصطفاف مع طموح الشعب العراقي ومؤازرة الرئيس صالح بموقفه الشجاع”، موضحاً أن الدعوة تهدف إلى “نصرة الشعب والوطن من دون إملاءات خارجية أو ضغوط”.

“سائرون” والـ”170″

من جهة أخرى، أعلن تحالف “سائرون”، تبنيه موقف المعارضة، موجهاً رسالة إلى القوى السياسية بأن تضع صالح العراق فوق كل الاعتبارات، وفيما أشار إلى أنه لن يكون طرفاً في اختيار أي مرشح لرئاسة مجلس الوزراء، شرح أنه يبتعد عن التشابك السياسي مع أي طرف لتجنيب البلاد المنزلقات الخطيرة.

في المقابل، قال النائب عن تحالف “سائرون” غايب العميري، إن “موقف سائرون يزداد وضوحاً وثباتاً في دعم ترشيح شخصية تتلاءم مع مطالب المحتجين لمنصب رئيس الوزراء”، مبدياً ترحيبه بأي اصطفافات مع التكتلات النيابية التي تتبنّى ترشيح مستقل للمنصب.

وأضاف لـ”اندبندنت عربية” “من أهم متبنيات كتلة سائرون، تقوية إرادة العراقيين وإضعاف إرادة الأحزاب السياسية”، لافتاً إلى أنّ “عدداً كبيراً من نواب تحالف سائرون ينضوون تحت مظلة تجمّع الـ170”.

وأشاد العميري بموقف رئيس الجمهورية، مبدياً استعداد كتلة “سائرون” لدعم أي تكليف يطرحه الرئيس ويتناسب مع مطالب الشعب.

تضاؤل تأثير الزعماء

ومن المتغيرات الرئيسة التي حصلت في المشهد السياسي العراقي بعد الاحتجاجات، تضاؤل تأثير الزعماء السياسيين في نواب كتلهم، ما أدى إلى تكوين جبهات تناقض توجهات كتلها البرلمانية، فيما يرى خبراء أن تلك التجمعات النيابية قد تمسك بزمام المبادرة وتسهم في الاتفاق على مرشح مستقل لمنصب رئيس الوزراء.

 وقال رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري لـ “اندبندنت عربية إنّ “الإرادات السياسية قد تؤدي إلى انفراط عقد تجمع “170”، لافتاً إلى أنّ “نواباً من مختلف الكتل السياسية داخل هذا التجمع، لكنهم يتحركون خارج إرادة كتلهم”. وأوضح أنّ “هذا التجمع قد يمسك بزمام المبادرة من خلال تحقيق النصف زائد واحد داخل البرلمان ودعم مرشح لرئاسة الوزراء”.

اقرأ أيضاً: تنازلات طهران الوشيكة

تراجع عن الاستقالة

ويتوقع مراقبون تراجع رئيس الجمهورية عن الاستقالة وترشيح شخصية خارج الإرادة الإيرانية لمنصب رئيس الوزراء المقبل.

في هذا السياق، رأى أستاذ الإعلام في الجامعة العراقية فاضل البدراني، أن “تمرير مرشحين لمنصب رئيس الوزراء خارج الإرادة الإيرانية بات ممكناً بعد تلويح رئيس الجمهورية بالاستقالة ونظراً إلى حجم التأييد الشعبي والبرلماني الذي حظي به بعد تلك الخطوة”.

وقال إن “الكتل السياسية الداعمة للتظاهرات تتخوّف من استقالة رئيس الجمهورية التي قد تؤدي إلى أن يحلّ محله رئيس البرلمان المنتمي لكتلة البناء، فيرشح بالتالي شخصية من كتلته”.

حكومة مؤقتة

في المقابل، رأى المحلل السياسي أحمد الشريفي أن “حلّ الأزمة العراقية يتمثل في تضييق الخيارات على الكتل السياسية ودعم رئيس الجمهورية لتشكيل حكومة انتقالية مؤقتة وحل البرلمان”.

وأوضح لـ”اندبندنت عربية” أنه “ربما تكوّن الكتل السياسية اصطفافات جديدة وتختار مرشحاً ضمن إطار تفاهماتها يكون خارج الإرادة الإيرانية، لكنها مشروطة بعدم استهداف مصالح أحزابها”.

وأضاف أنّ “الإشكالية ليست بالكتل الموالية لإيران فحسب، بل هناك فاسدون خارج الإطار الإيراني، وقد تؤدي التسويات السياسية في ما بينهم إلى اختيار شخصية لا تستهدفهم في قضايا فساد أو إرهاب”.

جدل حول الاستقالة

وأكد النائب الثاني لرئيس البرلمان بشير الحداد، أن استقالة رئيس الجمهورية تُعتبر رسمية خلال أسبوع في حال لم يسحبها، و”في هذه الحالة، وحسب الدستور، ينبغي أن يخلفه نائبه”، مضيفاً أن “رئيس البرلمان يحلّ محل رئيس الجمهورية لعدم وجود نائب للرئيس على أن يُعيّن رئيس للجمهورية خلال 30 يوماً”.

وشدّد على ضرورة أن “توضح المحكمة الاتحادية الموقف الدستوري، كون رسالة الرئيس صالح هي استعداد للاستقالة، وليست استقالة واضحة”.

السابق
تغطية انفاق 100 مليون دولار.. ما صحة تورط ديوان المحاسبة بملف اوجيرو؟
التالي
ضابط عراقي يكشف خطة إيران لإخفاء صواريخها في العراق