لو تتكلم جدران قصر بعبدا: الانهيار الكبير بعد شباط!

احمد عياش

تعددت مصادر المعلومات حول الاجتماع المالي الذي ترأسه يوم الجمعة الماضي رئيس الجمهورية ميشال عون.لكن ما نشر تباعا منذ ذلك اليوم ، ما زال يحتمل المزيد.وما حصلت عليه “النهار” من معطيات حول هذا الاجتماع ينطوي على خطورة تتعدى نطاق ما هو معروف حتى الان حول مختلف جوانب الازمة التي يمرّ بها لبنان.

وفق هذه المعطيات ، ومصدرها مشاركون في الاجتماع ، ان الخلاصة التي إنتهى اليه المجتمعون هي ان الازمة التي وصلت الى مستوى شح السيولة النقدية صارت أكبر من مستوى البحث الجاري عن حلّ لها. وبدا ان إجتماع قصر بعبدا الذي رتّبه الوزير سليم جريصاتي ينطبق عليه هذا التوصيف. فمن ناحية الشكل،وخلافا للروايات المتداولة حول سبب عدم مشاركة رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري في الاجتماع، الحقيقة تكمن في الاسلوب الذي إعتمده من دعا الى هذا الاجتماع. فبدلا من ترتيب لقاء ثنائي بين الرئيسيّن عون الحريري يسبق الدعوة الى الاجتماع الموسع، إكتفت دوائر قصر بعبدا بتكليف مدير مكتب عون الاتصال بمكتب الحريري لإبلاغه ان رئيس حكومة تصريف الاعمال مدعوّ الى إجتماع محدد في التاريخ لكنه مجهول في جدول الاعمال والمشاركين فيه. وبعد مشاورات في بيت الوسط إرتؤي عدم التعامل بسلبية كاملة مع الدعوة فجرى تكليف الوزير عادل أفيوني والمستشار نديم المنلا المشاركة في هذا الاجتماع.

اقرأ أيضاً: الحلول تحتاج الى الواقعيّة

كان لافتا عندما إنعقد الاجتماع ،ان جريصاتي وليس رئيس الجمهورية تولى إدارته.فأستهل ّوزير القصرالبحث بمداخلة قال فيها ما اوردته قناة OTV  في نشرته الاخبارية الرئيسية السبت الماضي: “لا يزال رئيس الجمهورية في موقع المبادر، سواء إلى طرح الحلول، أو الدعوة إلى الحوار، أو عقد الاجتماعات المناسبة لمعالجة المشكلات المستجدة. “ثم راح الوزير يعطي الكلام للمشاركين في الاجتماع تباعا. لكنه قفز عن مستشار الحريري المنلا عندما وصل الدور اليه، ما أثار إستغراب بعض الحضور.عندئذ بادر المنلا الى الكلام ووجه الكلام مباشرة الى الرئيس عون قائلا:”فخامة الرئيس لا بد من مصارحتك بالحقيقية. إن أزمة لبنان الان لن تجد مخرجا لها إلا من خلال ثلاثة خطوات:الخطوة الاولى، تشكيل حكومة من مستقلين توحي بالثقة داخليا وخارجيا .والخطوة الثانية المسارعة الى حل يلجم الانهيار الوشيك في القطاعات الانتاجية التي تهدد مئات الالوف من العاملين فيها.أما الخطوة الثالثة، فتتمثل بالحصول على دعم خارجي يضخ ما بين 5 و10 مليارات دولار في الاسواق من أجل إنتشال البلاد من أزمتها الاقتصادية. وتشير اوساط بيت الوسط لـ”النهار” ان الحريري، على رغم وضعية تصريف الاعمال يعمل بعيدا عن الاضواء على توفير 3 مليارات دولار لتعويض النقص في السيولة الناجمة عن سحب قرابة 4 مليارات دولار من المصارف خلال 3 أشهر ما يفوق ما جرى سحبه خلال خمس سنوات.

ولقيّ كلام مستشار الحريري تأييدا فوريا من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي أكد أهمية حصول لبنان على دعم خارجي لتعزيز إحتياطيه من العملات الاجنبية.كما كانت لسلامة مداخلة كان لها وقعها عندما صرّح قائلاً: “لن أفرّط  بما لدى المركزي الان من امكانات التي يجب ان تحمي  الليرة لفترة محدودة وأيضا حماية ودائع المودعين”.

وعندما سأل احد الحضور وزير الاقتصاد منصور بطيش عن تفسيره لإرتفاع أسعار السلع في الاسواق ما يتجاوز السعر الرسمي  فأجاب ان مراقبي الوزارة يتابعون الموضوع. لكن السائل كرر سؤاله: “لكن الاسعار إرتفعت ولم تتراجع؟”

موضوع مواجهة أزمة السيولة بالدولار جرى التطرق اليها من زاوية الاجراءات الواجب إتحاذها.وفي المعلومات ان من بين الاجراءات المحتملة تجفيف السيولة بالعملة اللبنانية كي لا تذهب الى السوق الموازي ما يخلق مضاربة على العملة الخضراء. ويقتضي بموجب هذه الاجراءات إستخدام بطاقات الائتمان او الشيكات بدلا من المبالغ النقدية كما هو معتمد حاليا. كما ان إجراء الطلب الى المصارف الى إستعادة جزء من رساميلها من فروعها الخارجية قائم على قدم وساق.أما بالنسبة لحفض الفوائد، فجرى إقتراح إنزالها بمعدل النصف ،ما جرى إقتراح تحويل 15 في المئة من الودائع الكبرى بالدولار الى العملة الوطنية  اما بالنسبة لدعم الودائع فأقترح ان ترتفع من معدلها الحالي الى ما يعادل 50 الف دور اميركي.

الوقت مضى على الملف المالي لكنه لم يقترب إطلاقا من ملف الحكومة الذي هو جوهر ازمة لبنان الان.وقبل أن يغادر المنلا قصر بعبدا سمع من الرئيس عون يقول له:”سلّم لي على الرئيس الحريري”. ما يجري تداوله الان في ظل أزمة لا أفق حل لها بعد،ان لبنان يعيش حديثا عن أزمة لم تبدأ بعد.وهذا البلد يتلقى نحو 7 مليارات دولار سنويا من أبنائه في الخارج، فيما يخرج منه نحو 4  مليارات دولار ونصف المليار مجموع  ما يجنيه العمال العرب والاجانب.وهذه المعادلة لن تبقى على حالها، وسط بوادر نزوح للعمالة الاجنبية بسبب شح الدولار. كما ان سوريا التي تعتمد بقوة على الدولار في لبنان فهي أيضا على شفير مجاعة بدأت تطل بسبب إرتفاع اسعار السلع هناك بصورة جنونية. وفي حال إستمر الوضع على حاله ،ستنتهي فترة السماح في شباط المقبل؟

السابق
المرشح الحكومي يزور بعبدا.. والعلاقة مع الحريري على مشرحة باسيل ظهراً!
التالي
في هلوسات أعداء الثورة