سامي كليب يفر من «نكبة» الميادين على جناح الثورة.. القصة الكاملة

سامي كليب

لم تكن استقالة الإعلامي سامي كليب ومن بعده الإعلامية لينا زهرالدين من قناة “الميادين” عادية في زمن الثورة، بل خضعت لكثير من التفسيرات القائمة على دلائل ملموسة واستنتاجات أفاد بها مقربون من فريق العمل داخل القناة، عن توقيت الاستقالة وارتباطه الفعلي بموقفهم من الحراك الشعبي وسط أجواء مربكة في داخل القناة كشفت عن خزانة من الأسرار فتحت مع إعلان الاستقالة.

وفي التوقيت الحرج للقرار، يحضر مشهد الحادي عشر من حزيران لعام 2012، حين انطلقت قناة أخبار جديدة بإدارة الإعلامي غسان بن جدو، بعد “استقالته” من قناة الجزيرة على إثر تغطيتها للملف السوري إبان ثورة الشعب في وجه نظام الأسد المجرم.

جلس بن جدو أمام الحضور في المؤتمر الصحفي طارحاً شعار “الواقع كما هو” ومنتقياً اسماً من وحي ميادين الثورات العربية وعازماً على حد كلامه آنذاك بأن القناة المنبثقة من رحم الشارع العربي ستنقل أوجاع الناس، والذي لم يعرف حينها لدى عدد كبير من الجمهور أن قناة “الميادين” التي أطلقت بثها من الضاحية الجنوبية لبيروت وكان أحد مكاتبها الرئيسية في طهران، ستقع في فخ إثبات مهنيتها وتسقط عند كل محك واحداً تلو الآخر.

في المؤتمر عينه، جلس في الصف الأول كليب وإلى جانبه مستشارة القصر الجمهوري في دمشق الإعلامية لونا الشبل، وكان هذا المشهد كافٍ لمعرفة أن القناة تتجه لاستنساخ تجربة قناة “الجزيرة” التي قدِم منها الثلاثة ولكن بصيغة غير متوازنة، أدت لصفع القناة عبر استقالة اثنين من إعلامييها خلال أسبوع واحد بعد سلسلة من الاستقالات بلغت أكثر من 15 موظفاً منذ بداية عام 2019. شكلّت استقالة كليب الاسبوع الفائت سؤالاً كبيراً حول مصير القناة التي استعانت لأول مرة منذ انطلاقتها بمحررين مبتدئين لتغطية النقص في كادرها المهني، وبحسب مصادر مقربة من إعلاميين يعلمون داخل القناة ،فإن هيكلية العمل تعاني من مشاكل جمّة تتركز معظمها في غياب البنيوية الواضحة للقناة والتي أفشلت إمكانية بناء “الميادين” نفسها كقناة تحمل هوية إعلامية مختلفة وجمهور خاص يتابعها. بل على العكس تشربت الميادين عاملين من “الإخبارية السورية” وقدّمت نفسها على أنها نسخة منقحّة من قناة “المنار” التابعة لحزب الله عبر توظيف إعلاميين من عدة طوائف وعدم إلزام المذيعات بالحجاب أو بزي معين.

لكن اللحظة الفاصلة، جاءت مع مقابلة كليب التي أجراها مع رئيس الجمهورية ميشال عون، والتي اعتبرها مدير “الميادين” بن جدو تحدياً له حيث، و اعتبرها مخالفة لقواعد القناة عبر إجرائه المقابلة دون إعلام الإدارة بذلك، وهذا ما دفع البعض لاعتبار هذا الموقف هو حصيلة تراكمات في التعامل المهني السيء وجدها كليب دفعته لاختيار اللحظة المناسبة للاستقالة.

وما أفضل من لحظة “الثورة اللبنانية”، فمن انشق لرفضه تسمية المظاهرات في سوريا بـ”الثورة”، سيجد في حراك بلاده على الأرض فرصة ذهبية لإعادة تصدير اسمه أمام الإعلام العربي على أنه رافض لقمع الحريات وتكميم أفواه المتظاهرين، وهذا ما فدفع كليب للنزول إلى خيمة الاعتصام والمشاركة في الحراك. ولكن هل كانت استقالة كليب ستشكل هذه العاصفة فيما لو استقال في لحظة غير هذه اللحظة!

تشير مصادر مقربة من عاملين في “الميادين” إلى أن المشكلات الإدارية تمتد منذ فترة طويلة وسبق ودفعت بالإعلامي علي هاشم إلى مغادرة القناة قبل انضمامه إلى شبكة BBC وحذا حذوه في الاستقالة كل من: عبد الرحمن نور، حازم كلاس، سلمى الحاج، هبة الله بيطار، عبير الزوادي، دلولة الحديدان وخورشيد دلّة وآخرون.
في حين أشارت المصادر إلى أن سبب الخلاف الجوهري بين كليب وبن جدو تعود إلى سياسة الأخير في تهميش كليب عبر تحجيم نفوذه في القناة من مشارك في التأسيس ومدير لغرفة الأخبار إلى مقدم برنامج “لعبة الأمم” فقط، ومن ثم إجحاف حق كليب في إعداد برنامجه عبر تكليف لجنة من المعدين للموافقة على ضيوف البرنامج الذين يقترحهم  كليب.

اقرأ أيضاً: بعد الجديد.. سلسلة قنوات إخبارية حُجبت عن الضاحية!

وتابعت المصادر بأن مؤشر ضعف “الميادين” يعود لأسباب إدارية ومهنية عديدة برزت مؤخراً للعيان بانتقاء الشيخ نعيم قاسم إجراء مقابلة مع قناة “الجزيرة” ورفضه الظهور عبر “الميادين”.

واليوم  كما يرى المستقيلون،  تتسع ثورة لبنان بصدرها الرحب إلى الإعلاميين التائبين بعد أن خرجوا من عباءة “الميادين” وانضمامهم إلى الحراك إثر رفضهم انحياز القناة ضد مطالب الناس المحقّة على حد وصفهم، على أن يظل السؤال عن الشاشات القادمة التي سيطلون من خلالها؟ وعن مستقبل “الميادين” بعدما تحولت إلى قناة الرجل الواحد تيمناً بمنهج الأنظمة المستبدة التي تدافع عنها! 

السابق
المجلس الشيعي يدين حادثة الجية: اعتداء همجي وبربري يتلطى خلف الحراك
التالي
بعد توقيفهم على خلفية قطع الطريق.. الافراج عن موقوفي جل الديب الـ9