حين يخِرّ «الرئيس القوي»!

ميشال عون

“الرئيس القوي” و”بيَ الكل” حليف حزب الله  والرئيس نبيه بري، وغيرهم، ممن أعلن بالنيابة عنهم الجنرال قاسم سليماني بأن هذا الحلف يمتلك الأكثرية النيابية بعد انتخابات العام 2018 ، لم يتحقق لرئيس في تاريخ الجمهورية اللبنانية ما حققه عون من قوة، صهره وزير خارجية لبنان ورئيس أكبر كتلة نيابية، ولديه وحلفائه ثلثي مجلس الوزراء، فيما يحوز الرئيس على ثلث مجلس الوزراء، بهذا المعنى هذه هي قوة الرئيس التي اقتضت من اجل الوصول اليها كل ما جرى خلال أكثر من عشر سنوات، من تعطيل الحكومات ومن اقالات واستقالات ومن تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية لعامين ونصف.

إقرأ أيضاً: عون «مكبّل» ويدعو لحُكم منسجم.. هل يعود باسيل للحكومة؟

اعترف الرئيس أمس في مقابلته التلفزيونية أنه عاجز وليس لديه صلاحيات تمكنه من تحقيق المطالب في الشارع، اعترف عون عملياً أنه رئيس ضعيف وليس قوياً، لأنه لم يستطع أن يحقق للمحتجين في الشارع أي مطلب، بل حتى أنه لم يعد بتحقيق شيء طالما أن الذريعة جاهزة وهي أنه لا يستطيع أن يحقق شيئاً بمفرده. بل أسقط كل النظرية التي طالما كانت ذريعة لتعطيل السلطة، أن رئيس الجمهورية القوي في لبنان يجب أن يكون الأكثر قوة بين المسيحيين في مجلس النواب، وطالما تهكم على عهد الرئيس ميشال سليمان واصفا إياه بأنه ضعيف لأنه لا يمثل الأكثرية المسيحية.

تهافت مقولة الرئيس القوي، فضحها الشارع في 17 تشرين الأول، ولا سيما في البيئة المسيحية التي نفضت عنها غبار هذه المقولة، وكشفت هزالها في الشارع الى الحدّ الذي بات لا يتجرأ صهر الرئيس القوي استعادة مقولاته، فخلاصة هذه المقولة بعد ثلاث سنوات من تنصيب الرئيس في بعبدا، هي أن الرئيس القوي هو السيد حسن نصرالله، على رغم قلة نوابه ووزرائه اذا ما قيست بنواب العهد ووزرائه، وما وظيفة العونية السياسية اليوم بعد الوقوف خلف حزب الله، هي الدخول في معادلة المحاصصة والفساد في الدولة وفي المال العام، واعتماد الزبائنية متبعين بذلك مسار الرئيس نبيه بري ووليد جنبلاط وغيرهم ممن اتهمتهم العونية السياسية نفسها بالفساد، من خلال تحويل الدولة ومؤسساتها الى بقرة حلوب فئوية وحزبية.

على هذه المعادلة سار العهد في سنواته الثلاث الماضية، وكانت مثالية في مسار نهب الدولة، وقاتلة للدستور والقانون والمواطنية والعدالة في لبنان، والرئيس القوي كان في محاصصة الآخرين، لا في تغيير قواعد اللعبة الخبيثة بين اطراف السلطة لصالح معادلة الدولة والقانون، الرئيس هنا لم يكن عاجزا في المحاصصة بل كان ضعيفا في مسار حماية الدولة والمواطن. من هنا فان خلاصة مفهوم الرئيس القوي كما ويُستنتج من مقابلة الرئيس أمس ومن مسار الاحداث، أن القوة تبرز وتظهر وتتجلى في اضعاف الدولة فقط أما حين يتعلق الأمر بانقاذ الدولة وتنفيذ القانون ووقف الهدر والنهب، فحينها يخرج الرئيس على اللبنانيين ليقول انا ضعيف وعاجز!

مهما قيل عن عهد الرئيس اميل لحود من اتهامات، الا أن ما طال هذا العهد من فساد وشبهات، لا يرتقي الى ما وصل اليه عهد الرئيس القوي والعونية السياسية من تهافت وتداع للدولة، لم يشهده لبنان في كل العهود السابقة منذ مئة عام حتى هذا اليوم.     

السابق
إيران… خسارة المبررات الجيو ـ عقائدية
التالي
إليسا بعد مقابلة عون: «مسا الخير من سويسرا الشرق»