ماغدا شعبان فنانة ترسم فضائح «العتمة المفتعلة»: في بيروت!

ماغدا شعبان ، فنانة رسامة منعزلة ، لكن عزلتها واضحة سافرة حافلة ومكشوفة ، وبرّاقة ساطعة ، لا تخفي ولا تتستر ، بل تجاهر وتعلن وتكشف كل ما تستره الظلمة الحالكة.بالريشة واللون، وبكل أسباب التشكيل والتجريد والتفعيل والتفضيل والتعريف والتفسير والسوريالية والتعبيرية، تشير الى فضائح ما بعد انقطاع التيار الكهربائي في المدينة، وما قبله طبعاً.

ولغاية في أفكارها وخيالها ، تعرض الفنانة في صالة The Gallerist (الأشرفية، سوديكو سكوير، بلوك B معرضها تحت عنوان “Disconnected”، “إنقطاع إتصال”.(يستمر المعرض حتى11مايو الجاري).
رسومات المعرض لا تتجاوز ٢٣ لوحة (بالأكريليك)، بأحجام وسطية، وأرفقت افتتاح المعرض بتوقيع كتاب شعبان “وج وقفا”.

ونقرأ في كتابها ما يشبه الترجمة بالكلمة لمحتوى لوحتها : “الساعة السابعة مساء ينقطع التيّار الكهربائي فجأة. تغرق الغرفة في ظلام حالك. أتابع كتابة فروضي المدرسية على ضوء شمعة”..
إن ما تكتبه الفنانة يشير وربما ينذر أن لوحاتها الفنية عاشت في ظلام دامس، وتخشى العتمة-العماء!

صعوبة الحياة تزداد صعوبة في المدينة،وخصوصاً قساوة العتمة (المُفتعلة!) في المدينة،بفضل أزمات البلد السياسية القاسية، تحضر في لوحاتها، ونرى ونتحسس هذه الصعوبات وتلك القساوة اليومية في المدينة المنكوبة.

يرتفع صوت شعبان ويتواصل بصمت مرئي ملون داخل لوحتها،صوت الأزمة الكبرى التي ما زالت تعصف بهذا البلد وأهله وسكانه.

كأنها تقول، وهي فعلا ترسم وتقول، لم يتغير المشهد،لم تتقلص العتمة المفروضة على المدينة،بل زادت وأحكمت الطوق على البشر والحجر. ولم تتبدل مرارة النظرات المُعتمة،بل زادت مرارتها وربما انفجرت تلك المرارة (ولا أمل بعملية جراحية لإستئصال مرارة السلبطة والحكم والتحكم والاستبداد )! الوضع السيء ما زال على سوئه، عتمة الحياة بيد الحاكم المتحكم،ونور الحياة على كف “عفريت “!

هل لوحات شعبان هي سعي فني صرف للخروج من متاهة حياة فرضها الغاشم على المدينة وأهلها؟ والجواب (نعم نعم نعم،بالتلاتة).

فلا شك أن الرسم لديها هو مسافة عبور ومساحة تحول لا حلول ، فكرة واسعة ترسم هذا المخرج غير المستحيل.

لا تبدو اللوحة بملامح كاريكاتورية أبداً ، مهما احتوت من تعابير السخرية،انها لوحات جادة وجديدة بمعانيها وتعابيرها ودلالاتها وعلائقيتها،لوحات تعبيرية مفعمة بخصائص شكلانية ، وتبدو على نحو سوريالي في أجزاء كثيرة من تفاصيلها وأشكالها وتفسيراتها.

ثمة مشاهد سينمائية تتحرش بالناظر اليها، كتلك التي ترسم شخصية نسائية تقرأ الصحيفة في المرحاض، أو امرأة مع آلتها الكاتبة والتفاحة بيدها..
قد تكون لوحة شعبان تفتقر للون،وقد يظن المتابع أن الشكل خطف اللون أو استبعد لمعته وبرقه ووهجه،فهل يمكن الاستنتاج أن اللون ليس هدفا في توثيق اللوحة ودلالاتها، بقدر ما هي اشارات دلالية تسبق اللون على التفعيل والتفاعل والمعنى؟

يبقى القول ، إن شعبان فنانة ترسم العتمة (المُفتعلة المفروضة) على المدينة بهدف تعرية ما يعتمل داخل تلك العتمة الحالكة، من خراب وتشتت وفوضى ، أربكت الانسان وجعلت حياته (تتيسّر) بأقل من نصف حياة..بكثير!

السابق
الكتائب: للإفصاح عن تفاصيل الاتفاق مع المفوضية الأوروبية!
التالي
«صيفٌ ساخن».. وزير الدفاع الاسرائيلي يتوعد لبنان!