سقوط خان شيخون: تعويض لـ«ضعف» روسي و«مجازفة» تركية.. ولا هزيمة للمعارضة

خان شيخون
تطورات نشهدها الساحة السورية في الأيام الأخيرة، ففي إدلب تقدمت القوات النظامية بعد انسحاب فصائل من المعارضة المسلحة من بلدة خان شيخون، إلا أن تدخل تركيا، التي تملك قوات عسكرية في ادلب، أعطى انطباعاً عن قرب "احتكاك" تركي روسي جديد، فماذا حصل في خان شيخون؟ وما هي دلالاته؟

في قراءة للمشهد السوري المستجد، اعتبر أستاذ العلاقات الدولية الدكتور خالد العزي، في حديث لجنوبية أن الأحداث الأخيرة مرتبطة بطبيعة المنطقة وأهميتها في عملية التسوية، وهي تدل على عدم وجود أي تسوية قادمة في سوريا، فخلط المواقف ببعضها البعض يعطي دليلاً على ذلك، فروسيا تهذب لمفاوضة القوى المتحاربة في سوتشي، على اعتبار أنها دولة ضامنة، وفي الوقت عينه تكون من هذه القوى في ادلب.

وشدد العزي على أنها فشلت في المرحلة الأولى عسكرياً وسياسياً، فلم تستطيع سوى تقديم أكثر من 1600 قتيل وتهجير حوالى مليون شخص، وذهبت الى سوتشي 13 ووضعت شروطاً تعجيزية بما يخص تسليم جبهة النصرة لمنطقة تهمها على الأرض، ولكن السؤال هو أنها ذهبت لتفاوض من؟ فما نراه هو أسلوب إلتفافي تمارسه روسيا في ما يخص التسوية السياسية المزعومة، أدى الى فشل ذريع للمؤتمر وبخلاف فعلي مع تركيا وبإهانتها.

اقرأ أيضاً: موسكو ودرس إدلب

وعن ما حصل على الأرض مؤخراً، أشار الى أنه مجرد “استشراس” روسي نتيجة الفشل في اقناع تركيا بتسليم المناطق المطلوبة، وعدم قدرتها على تسجيل انتصارات، وبحسب خبراء عسكريين، تم استخدام أسلحة فراغية ممنوعة، وتم اطلاق أكثر من 22 ألف غارة، ففي الحرب العالمية الثانية لم نشهد على هذا العدد، وتم اطلاق حوالى 67 ألف قذيفة في الأيام العشرة الأخيرة، إضافة الى العمليات الإرتجاجية.

خالد العزي

الأخطر في العملية

من العمليات التي اعتمدتها روسيا، قال العزي أنها اعتمدت سياسة الأرض المحروقة، أي تمثيل لسيناريو “غروزنم” وهذا الأخطر في العملية، وهو الدخول الى القرى والخروج منها سريعاً لاستكشاف مناطق استحكامات المعارضة وبالتالي انزالها.

وأضاف: “يدل ذلك على أن سوريا تم تغطيتها، وروسيا ردت عملية “حقد”، وهذا لا يمكن يعبر للعالم إلا أن روسيا دولة احتلال، وليست عامل احتضان أو عامل مؤثر في عملية التسوية”

مشاركة حزب الله وجنرالات حميميم

في هذا الشأن، أشيع في الأيام التي رافقت أحداث خان شيخون عن عودة بعض الجثث التي تعود لمقاتلي حزب الله في سوريا، مما يؤشر أن الحزب قد شارك بالمعارك الى جانب قوات النظام وروسيا وايران.

ويؤكد الدكتور العزي بقوله: “مشاركة حزب الله كانت موجودة بالإضافة لاعتراف روسيا بمشاركة قواتها الخاصة ميدانياً بقيادة “جنرالات قاعدة حميميم” وهذا ما يعني أن السوريين كانوا فقط للواجهة الإعلامية، التي أيضاً ساعدهم بها حزب الله الى جانب مشاركته الفعلية”.

مأزق روسي داخلي.. واستذكار الهجوم الكيماوي

يرى العزي أن الإعتبارات الروسية كانت بضرورة القيام بهذه الخطوة نتيجة المأزق الداخلي سياسي وإقتصادي، بحيث نشهد بشكل يومي على مظاهرات واعتراضات، وطالت هذه الإعتراضات مؤخراً التدخل الروسي في سوريا وذلك لأن الروس وعدوا شعبهم بالبرلمان بإنجاز العملية في سوريا في 4 أشهر، إلا أنهم فشلوا في ذلك وامتدت الى 4 سنوات.

وقال: “كان هناك هامش اسمه الفراغ والخلاف التركي الأميركي التي استغلته روسيا لأجل تحقيق نصر سريع ألا وهو ربط منطقة الداخل بين حلب وحمص ودمشق لخنق مناطق المعارضة، إضافة الى رمزية خان شيخون كونها أول مدينة تعرضت لقصف كيماوي وهم من غطوا هذا الهجوم حينها، واليوم يحاولون سحب كل الأدلة التي قد تدينهم، وذلك لأن الأمم المتحدة منذ شهر ونصف رفعت الصوت عالياً بهذا الشأن وأدانت الروس بعملية القتل وضرب المستشفيات وغيرها.

وأشار الى أن خان شيخون لم تهزم، والروس لم يحققوا السيطرة عليها حتى اليوم رغم كل الكلام الإعلامي، وهذا يعني أن التكتيكات العسكرية عند المعارضة تم التعامل معها بطرق مختلفة، بحيث لم يكن هناك قتال وهنا علينا أن نبحث عن الإستراتيجية التي اتبعت وأدت لإنسحابهم من المنطقة.

لماذا تخاطر تركيا؟

في هذا الشأن، يفيد العزي بأن تركيا ليس لديها شيئاً لتخسره خصوصاً بعد التعامل الروسي معها، وبالتالي نرى السقف العالي بالخطاب مستمر حتى اليوم، خصوصاً أن الجانب التركي استطاع الإتفاق مع أميركا مؤخراً بملف الأكراد، وبالتالي لديه مصالح كثيرة مع أميركا.

اقرأ أيضاً: من ملاك غروزني إلى ملاك إدلب.. من يؤرخ الجريمة

وأشار الى أن تركيا اليوم قد تدخل بمواجهة مع روسيا لكن الروس لا يريدون ذلك، في ظل التخبط الداخلي والخارجي، وهم لا يملكون استراتيجية واضحة في سوريا على عكس أميركا التي تلعب بالسياسة والإقتصاد في سوريا.

وقال: “من يدير الأرض والقوة اليوم خلافاً لما يشاع، فهو الأميركي، وكل القوى المتنازعة اليوم تسعى للظفر بشيء في سوريا لتصل وتجلس مع أميركا على طاولة المفاوضات”.

بشار الأسد “دمية”

وتعليقاً على تمسك روسيا ببشار الأسد، اعتبر العزي أن الأسد ورقة بيدهم وعبارة عن دمية، والمطلوب من روسيا أكثر من تغيير الأسد بل أيضاً اخراج ايران من سوريا، وأنهم غذا أتوا لأي شخصية أخرى كماهر الأسد فهو لن يحقق مطالب روسيا إلا إذا كانت قرارات دولية.

السابق
إطلاق المبادرة اللبنانية لمناهضة التمييز والعنصرية وتسليم المدعي العام شكوى بحق مثيري النعرات والفتن
التالي
نجوى كرم: نجاح خارج حسابات مواقع التواصل