وللشباب حصتهم في «عامل»: حياة مهنيّة في زمن البطالة

مؤسسة عامل
في غمرة ارتفاع معدل البطالة في لبنان، يسود مجتمعنا ثقافة تسمى القوة الطاردة وهي إننا لا نُشعرالآخر بأهميّته، ويشكو الشباب من انعدام الشعور بالأهمية فلا تقدير للدور في العمل. فيُصاب شبابنا بالفشل إذ لا محفزات للتقدّم. لكن مؤسسة «عامل» سارت عكس السائد. ففي جولة على المستفيدين من برامج المؤسسة، إلتقت "جنوبية" بعض الشباب ليتحدثوا عن تجاربهم.

بعمر الورود، ورغم ظروفهم التي اجبرتهم على ترك المدرسة باكرا إلا أن طموحهم لم يمنعهم من مواصلة التعلم والتزوّد بالمعرفة لمواجهة الصعاب، في مجتمع بات مؤخرا يؤيد تطوير المرأة لنفسها مهنيّا وأكاديميا، هم كثر لكننا إلتقينا في جولة سريعة كل من: لطيفة، ورعد، وسارة، وإسماعيل.

لطيفة

أحد هؤلاء فتاة شجعتها والدتها على ارتياد مركز مؤسسة “عامل”. وها هي اليوم وبعد أن كانت تزور المركز في أحد أحياء حيّ السلم الفقيرة لممارسة هواية الرسم باتت طالبة في عدد من دوراته التأهيلية.

اقرأ أيضاً: «القلب الكبير» تمنح مؤسسة «عامل» من لبنان جائزة الشارقة الدولية

إنها الصبية الصغيرة “لطيفة خروبي“، إبنة الـ17 عاما التي أتت مع أهلها من بلدة أرنون الجنوبية وبدأت ترتاد المركز. تحدثنا عن نفسها وعن كيفية تعرّفها على “مركزعامل التنموي” في حيّ السلم، فتقول: “منذ سنة تقريبا أنهيت صف البريفيه، ودرست لمدة سنة واحدة اختصاص مراقب صحيّ، ولكن لم أكمل، فقصدت المركز هنا وهو قريب من منزلي فتعلّمت أولا الماكياج، ومن ثم تصفيف الشعر من خلال دورات كل دورة مدتها ما بين 3 أشهر و6 أشهر”. وتتابع لطيفة، بالقول “كل الدورات مجانية فقط ندفع مبلغا رمزيا، وما يعجبني في “عامل” أنهم يقومون بأنشطة ترفيهية عبارة عن رحلات. وما لفتني أن العاملات هنا لا يميزن بين سوري أولبناني، اضافة الى تبدّل نظرتي الى النازحين السوريين، فقد اكتشفت كم هم طيبون، وأن كل الناس هنا تشبه بعضها”. وتقول لطيفة إن “الدورة ستنتهي بعد 15 يوما، وسنجري امتحانات عمليّة، ولم أشعر بأي تمييز بين الطالبات، وقد احترموا صيامنا فجعلوا الدوام من 9 الى 12 بسبب رمضان”. كما “انتسبت إلى دورة إسعافات أولية، وقد انهيتها وأتمنى أن أجد عملا بهذه الشهادة. وأنوي دراسة “غرافيك ديزاين”، كما تمنيت أن أتعلم الرسم، لكن لا صف حتى الآن بسبب العدد غيرالكافي”. وتختم لطيفة خروبي قائلة “تطورت شخصيتي كثيرا منذ ان أتيت إلى “عامل” حيث تشجعت على التعلم، وأحلم أن أعلم هنا”.

رعد

رعد شاهي الزعبي، الشاب السوري إبن الثامنة عشرة من عمره، ابن بلدة الطيبة في درعا السورية، يقول “تعرّفت الى المركز منذ شهورعديدة، حيث كنت أعمل لدى حلاق، لكن لم يعلمني شيئ، فتسجلت في دورة تعلم مهنة الحلاقة في المؤسسة، إضافة إلى اللغة الإنكليزية والكمبيوتر والمهارات الحياتية. وقد قسمت أوقاتي بحسب الدورات، حيث كنت آتي إلى عامل منذ الثامنة وحتى الواحدة والنصف”. ويتابع رعد قائلا “أتيت الى لبنان وكنت في الصف الثالث متوسط، وكان أبي يعمل هنا في لبنان، لذا، أعرف المنطقة فنحن سبعة أبناء إضافة إلى أمي وأبي، وقد خرجنا من سوريا عام 2013 بشكل تام. وكونيّ الكبير بين إخوتي اشتغلت لدى حلاق، لذا نويت أن أدرس هذه المهنة، وتابعت فيها حتى تخرجت من “عامل”. واليوم أتدّرب مع أستاذي في صالونه الخاص إلى أن أتمكن من أن يصبح لديّ صالوني الخاص”. وينوّه رعد بـ”معاملة الأساتذة والمعلمات هنا في “عامل” فيصفها بالجيدة جدا، وعلاقاتي بهم جيدة، وكوننا لسنا في مدرسة فإننا نشعر بالحرية، لكن النظام هو الأساس”. وشدد رعد على أن أكثر ما يعجبه هو “المهارات الحياتية” التي تكسبه خبرة بالمجتمع،  والعلاقة مع الناس”. وعن العودة الى درعا قال رعد “يمكن ألا أجد عملا في بلدتي، لأن جميع أهل قريتي يسافرون إلى لبنان أو الاردن، أو الخليج. فسوق العمل هناك ضيق، وكان عملنا بالزراعة، أما اليوم وبعد أن تعرفت إلى مؤسسة عامل أوصي بالإنتساب إلى “عامل” لأن طريقة تعليمهم جاذبة للطلاب وإسلوبهم الإيجابي في التعامل، إضافة إلى النظام، والرحلات الترفيهية”.

سارة

في لقاء مع صبية صغيرة، هي سارة أبو الذهب، ابنة الـ17 عاما، ابنة مدينة زحلة، تركت المدرسة باكرا جدا، رغبت بتعلّم مهنة، فقصدت مركز عامل في حيّ السلم، فانتسبت الى دورة اللغة الفرنسية، والكمبيوتر، والماكياج وتصفيف الشعر”. وقالت “كنت في صف الرابع ابتدائي، وأعيش في السلم ، أنا بنت عائلة مكونة من بنتين وصبيين. كنت صغيرة جدا، واكملت فيما بعد وخرجت من المدرسة وسافرت إلى ألمانيا للمشاركة في ماراثون على الثلج، وفزت بالدرجة الاولى لكني في النهائيات امتنعت عن المشاركة لأن المنافسة كانت مع لاعب إسرائيلي”. “هذا العام انتسبت إلى عامل وشاركت بعدة أنشطة، وتخرجت من دورة ماكياج وحاليا أتعلم تصفيف الشعر وهي دورة لمدة تسعة اشهر، حيث أحصل على شهادة”. وما يجعلني أتعلق بالمؤسسة هو العاملات ومعاملتهن الجيدة، وأنا سعيدة لأني سأعمل في هذه المهنة، لذا أوجه رسالة شكر الى”عامل”، وسأساعد كما ساعدوني”.

اقرأ أيضاً: مهرجان «أعياد بيروت»: نجاح رغم فوضى الإعداد والتنظيم

إسماعيل

الشاب اسماعيل الزعبي، الآتي أيضا من درعا، ابن الـ17 عاما، يعمل في محل حلاقة كمتدّرب، بعد أن أنهى دورة حلاقة في مركز “عامل”، لمدة 3 اشهر، وأتابع التدرب مع أستاذي في صالونه، مقابل بدل مالي”. ويشرح  اسماعيل عن وضعه “توقفت عن الدراسة منذ الصف السادس، ودرست لسنوات الحلاقة، ونحن أفراد في عائلة مكونة من 6 أفراد”. ويتابع قائلا “تعلمت في عامل الإنكليزية، والكمبيوتر، والفرنسية”. ولم ينقطع عن زيارة المركز رغم إنهائه التدريب، لأن علاقتي بهم جيدة جدا، ويتعاملون مع الجميع بشكل جيد”. ويختم بالقول “أنا أفكر بتعلمّ مهنة جديدة، وأن أطور مهاراتي، وأن أدعم من يحتاج للدعم، وأن أصبح أستاذ حلاقة، لأن أستاذي ذو فضل كبيرعليّ”.

ختاما، اللقاءات العفوية خير معبّر عن دور المؤسسات الفاعلة في التنمية الإجتماعية والثقافية، وهي نماذج صغيرة عن عدد كبير من الحالات التي مرّت على مركز “عامل” التنموي في حيّ السلم.

السابق
تخلية سبيل أعضاء فرقة «مشروع ليلى»
التالي
الصورة الأولى لماغي بوغصن بعد عملية استئصال الورم