أصحاب المولدات الكهربائيّة في صيدا يدعون المظلومية ويُطالبون وزارة الاقتصاد بتسعيرة عادلة

لبنان غير قادر على توفير الكهرباء على مدار الساعة على الرغم من الوعود المتكررة، قصّة قديمة وعينا عليها، منذ الحرب الأهلية وحتى يومنا هذا، ما دفع بالعائلات للاعتماد على المولدات الكهربائية، وتحمّلها مصاريف إضافية، باهظة، كي تضيء بضعة مصابيح أو لتستمر الأجهزة المنزلية في عملها أثناء انقطاع "كهرباء الدولة".

أبو عنتر، أحد أصحاب المولدات الكهربائية في منطقة تعمير عين الحلوة بمدينة صيدا، يُعرّف عن نفسه بأنّه أحد سُكان هذه المنطقة المنكوبة، “كيف لا، وهي مُحاذية للمخيّم”.

ويقول لمجلّة “شؤون جنوبية” إنّ “المولدات الكهربائية لم ولن تكن حلاً بديلاً لشركة الكهرباء، بل جاءت لتملأ الفراغ الذي نتج عن إهمال الدولة بحق مواطنيها”. ويشير إلى أنّ لقباً أطلق على أصحاب المولدات “مافيا المولدات”، نحن لا نقبله أبداً”.

صحيح أنّ عدداً من أصحاب المولدات الخاصة، لا يخضعون بشكل كبير للضوابط، لكن هذا لا يعني أنّ جميع أصحاب المولدات “مافيا”. عبارات قالها أبو عنتر بعد أن أشار إلى أنَّ عدد أصحاب المولدات في منطقة تعمير عين الحلوة قد زاد بشكل كبير ليصير ثمانية.

وعن العدادات، قال أبو عنتر: “إذا طلب أهالي المنطقة تركيب عدّاد، نُلبّي طلبه، حتّى لا نخسر زبوناً من زبائننا”، متابعاً: “فكرة العدادات ما هي إلا خسارة، خسارة للأهالي ولأصحاب المولدات في آن واحد، لأنّها ليست سوى صفقة أراد أصحابها تمريرها”.

اقرأ أيضاً: مهندس كهربائي: وزارة الاقتصاد رفضت اعتماد العدّادات عام 2015 بحجّة أن ذلك يشرّع عمل أصحاب المولِّدات

ماذا يقول المواطنون

من جهته، يقول راسم زورغلي، وهو أحد سكان تلك المنطقة، إنّه يدفع فاتورتين للكهرباء وفاتورتين للمولدات الكهربائية (للمنزل والمحل).

شؤون جنوبية171

راسم الذي يملك محل حلاقة، يشير إلى المعاناة التي تتربّص بالشاب اللبناني، الذي يعمل ليلاً ونهاراً لتأمين لقمة عيش ومبلغاً كبيراً لتسديد فواتير شتّى (الكهرباء، المياه، رسوم…).

يضيف راسم أنّ “فكرة العدادات جيّدة، لكن على أصحاب المولدات عدم التلاعب بها أوّلاً، وعلى كل بلدية الإلتزام بالعمل المناط بها، أي مراقبة عمل أصحاب المولدات ومحاسبة كل مخالف”.

دعوى جزائيّة

أمّا محمود ناصر، صاحب محل لبيع الملابس في تلك المنطقة المنكوبة، يقول: المشكلة تكمن في رفض أصحاب المولدات فكرة تركيب عدّادات، وفي عدم الإلتزام بالتسعيرة. ويتابع أنّ الوضع الاقتصادي في لبنان عموماً وفي المدينة الجنوبية، صيدا، خصوصاً، سيّء، بالكاد يستطيع الفرد منّا دفع إيجار المحل والمياه والكهرباء، لتأتي فاتورة المولّدات الكهربائية وتزيد الطين بلة”.

يروي قصّةً تعرّض لها: “بعدما طلبت من أحد أصحاب مولدات الاشتراك تركيب عدّاد، وأخذ مني مبلغاً قدره 50 ألفاً لبنانياً، لأتفاجئ بعد مرور شهر أنّ الفاتورة باهظة الثمن، علماً أنّي وفي هذا الشهر تحديداً لم أفتح المحل كثيراً، وعندما سألته أخبرني أنه اضطر لتركيب خطان على العدّاد، ليتأكّد أنه ليس معطّلاً “لأني لم أصرف كثيراً”.

يوضح أنّ فكرة العدّاد ممتازة، حيث كان ناصر يدفع بين 350 ألف 400 ألف (15 أمبير)، أمّا الآن وبعد وضع العدّاد، صار يدفع نحو 80 ألف، وبأمل أن تتدنى هذه النسبة في فصل الصيف.

ويختم ناصر حديثه قائلاً: “الحل لا يكمن في تركيب العدّاد أو عدم وضعه، الحلّ هو أن تتحرك الدولة اللبنانية وتؤمّن لمواطنيها الكهرباء 24/24 ساعة”.

وزارة الاقتصاد

يُشار إلى أنّ وزارة الاقتصاد أقرّت تركيب العدادات للمواطنين، وبسعر محدد، في 12 تموز 2018، حيث حددت الوازرة يوم 4 تشرين الأول موعداً لتنفيذ هذا القرار.

اقرأ أيضاً: موسى كريم: وزارة الاقتصاد تلزم أصحاب المولّدات بـ«العدّادات» وبالتسعيرة الرسمية

وعلى أثر ذلك، تحرّك أصحاب المولدات، معلنين أنّهم سيرفعون دعوى جزائية بحق وزير الاقتصاد آنذاك رائد خوري، بسبب وصفه أصحاب المولدات بـ “المافيا”، مؤكّدين أنّ مولداتهم لن تسير بهذه الخسارة. كما طالبوا بتسعيرة عادلة ومربحة، لأنّ تسعيرة الوزارة لا تحتسب الصيانة وكلفة التشغيل.

بين جشع أصحاب المولدات، وتقاعس السلطة عن القيام بواجباتها تجاه المواطنين واقتصار العمل على تنظيم عملية نهب جيوب الناس، يقف المواطن عاجزاً عن إكمال حياته بطريقة طبيعية.

(هذه المادة نشرت في مجلة “شؤون جنوبية” العدد 171 ربيع 2019)

السابق
غالب ياغي يوثّق ملامح من تاريخ بعلبك في «خبايا الذاكرة»
التالي
رامي الريس: تلقينا اتصالاً من «حزب الله» للتهدئة بعد أحداث الجبل