الهجوم على ناقلات النفط.. وسباق بين الحرب ومفاوضات بغداد

ناقلات النفط
بعد الترقب والإنتظار لكيفية تعامل ايران مع الضغوطات المستمرة من الإدارة الأميركية التي حصلت بمباركة خليجية، ها هو المشهد الإقليمي يتجه نحو الغموض أكثر من ما كان سابقاً، رغم التحركات التي تنذر بتصعيد خطير قد ينعكس على المنطقة ككل، فهل القوة العسكرية ستكون ضرورية، أم أن الحرب المتمثلة بضرب ناقلات نفط بشكل مستمر لن تتعدى الحرب النفسية للوصول الى طاولة التفاوض؟

لم يكن الهجوم الذي تعرضت له أمس سفينتان في مياه خليج عمان الأول من نوعه، فقبل أسابيع معدودة تعرضت أربع سفن قرب ميناء الفجيرة لهجوم غامض، وكانت اشتعلت حرب ناقلات نفط قديما خلال حرب الخليج الأولى في ثمانينيات القرن الماضي بين ايران والعراق.

بحسب الأجواء الأميركية، تقول صحافتها ان التطورات تنبىء باندلاع وشيك لمواجهة عسكرية بعد الهجمات على ناقلات النفط في الخليج. فقد حذرت الإدارة البحرية الأمريكية الشاحنين من ضرورة توخي الحذر عند السفر لا سيما عبر الفجيرة التي أصابها الهجوم الأول، وهذا التحذير الأمريكي هو الثاني في أقل من أسبوع، فالولايات المتحدة تخشى من تعرض السفن التجارية أو ناقلات النفط أو السفن الحربية الأمريكية في البحر الأحمر وباب المندب والخليج لهجوم.

اقرأ أيضاً: إدارة أميركا تتحد ضد طهران.. «قريباً الإيرانيون بلا وقود»

وقد صدر هذا التحذير بعد يومين من إعلان إيران تعليق جزء من التزاماتها بـ “الصفقة النووية”، التي انسحبت منها الولايات المتحدة قبل عام. أما ايرانياً، فقد وصفت وزارة الخارجية الإيرانية هذه الهجمات بأنها “عمل تخريبي”، وحذرت من “مؤامرات لتقويض الأمن والاستقرار في المنطقة”. ورأى البرلمان الإيراني أن الهجوم يمكن أن يقوم به “طرف ثالث”. ولكن، على النقيض من تصريحات المسؤولين، جاءت تعليقات الصحفيين الإيرانيين المرتبطين بالحرس الثوري الإيراني. فلقد تحدثوا عن الهجمات كثأر مستحق، مؤكدين أن “أبناء المقاومة” هم من يقفون وراءها.

في هذا الشأن، استبعد الكاتب الصحافي المختص بالشؤون الإيرانية حسن فحص، في حديث لجنوبية، حصول حرب شاملة في المنطقة، وقال: “ما يحصل في الخليج هو اختبار نوايا بالنار، بحيث يحاول الجانب الإيراني اللعب على هذا الوتر لإحراج الإدارة الأميركية، وهو يرد على العقوبات الأميركية بطرق لا تدينه مباشرة”.

وأشار الى أن الجانب الأميركي يتهم ايران مباشرة بمسؤوليتها عن هذه الهجمات، فوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خرج واتهم طهران مباشرة بذلك، ولكن بدون دليل، مما يضعه بخانة الإتهام السياسي، لأن ذلك يدل على أن ايران هي المستفيدة الأولى من هذه الإعتداءات، مضيفاً: “على المدى المنظور، سيبقى الرد الأميركي تحت سقف تشديد العقوبات، لأن أي رد عسكري يجب أن يكون مدروساً جداً، كي تكون ردود الفعل عليه مضبوطة، ولا نكون أمام معركة واسعة لأن الطرفين لا يريدان ذلك”.

أما عن رد الفعل الخليجي على ما يحصل، أوضح أن الموقف الخليجي محكوم بالموقف الأميركي، فالدول الخليجية لا يمكن أن تذهب الى معركة مع ايران دون رأي أميركا، تماماً كما هو الحال بالنسبة لإسرائيل التي تريد مواجهة مع ايران لكن قرارها مرهون بقرار واشنطن.

ما هو الهدف الإيراني؟

في هذا الخصوص، اعتبر فحص أنه إذا اطلعنا على التصريحات الإيرانية، لا سيما تصريح وزير الخارجية محمد جواد ظريف الأخير، الذي ختمه بجملة ذات مؤشر مهم، حيث دعى الى منتدى حوار إقليمي، وهو تعبير متطور للطرح الذي قدمه مسبقاً حول معاهدة عدم الإعتداء مع دول الخليج، وذلك يعني أنهم يريدون نظاماً أمنياً إقليمياً يشمل دول الخليج بالإتفاق معهم على ذلك برعاية أميركية.

وأضاف: “هذا المخطط يعبرعن وجود ايران في المنطقة، وفي الوقت عينه، يعتبر هذا النظام وسيلة ضغط على أميركا من الممكن أن يؤثر على موقفها بالتخلي عن الشروط المسبقة، أو يتم تأجيلها لفتح الطريق أمام عودة الإتفاق النووي، ومن ثم يتم البحث بكل النقاط مجدداً”.

اقرأ أيضاً: الهجمات تتكرر ـ هل منطقة الخليج مقبلة على نزاع مسلح؟

موافقة ايرانية على شروط أميركا؟

تناقلت مؤخراً معلومات تفيد بأن الجانبين الأميركي والإيراني يعقدان اجتماعات مصغرة في العراق للتفاوض على النقاط الشائكة والشروط الأميركية، وأن ايران وافقت بالفعل على 3 أو 4 شروط من الشروط 12 التي طلبتها الإدارة الأميركية من اجل اسقاط الحصار النفطي عن الجمهورية الاسلامية.

في هذا الشأن، قال فحص: “اللقاء بين الطرفين في العراق غير مباشرة، وهو بين وسطاء أوروبيين، فهناك سفارتان أوروبيتان تتواصلان مع السفارة الإيرانية لترتيب كل الملفات، وهذا التحرك عبرهما لم يتم بدون “ضوء أخضر” أميركي، وهو يأتي بهدف عدم تسريب معلومات عن وجود لقاءات أميركية ايرانية في العراق”.

وأشار الى أن الطرفين يريدان الإتفاق، ولكن التمهيد له سيتم بعيداً عن فكرة اللقاء بين الطرفين، فأولاً يتم تحضير الملفات، ومن ثم يتم الجلوس المباشر بينهما. مضيفاً: “أميركا قد تفرض شروطها، وهذا أمر لا يشكل مشكلة ظاهره لإيران، فإذا اطلعنا على تصريحات وزير الخارجية العماني بعد زيارته طهران، نرى بأنه ألمح بأن الجانب الإيراني مستعد للتفاوض حول حجم نفوذه الإقليمي، وهذا ما يرضي إيران، ويعطيه ما لا يلغي دوره “.

السابق
بعد ان كسر هاتفه احتجاجا: هل سينقلب «بشار اسماعيل» على النظام؟!
التالي
ثانوية راهبات مار يوسف توّجت أنشطة عامها الدراسي بمعرض فني علمي حرفي