مقتل المولى من قبل «حرس مصلّى حزب الله» يعيد ديموغرافيا السعديات إلى الواجهة

السعديات
بعد إلقاء شابين على دراجة نارية لقنبلة صوتية على مصلى تابع لحزب الله في بلدة السعديات الساحلية، وردّ حرس المصلى بسلاحهم غير المرخّص بإطلاق النار، ما أدى لمقتل الشاب محمد علي المولى الذي صودف مروره من أمام المصلى، يعود ملف "الفلتان الأمني" الذي تعاني منه المنطقة إثر تتالي الإشكالات الأمنية فيها، معرضاً أهاليها الى الخطر الدائم.

في تفاصيل الحادث، أشارت معلومات أنه بعد عملية إلقاء القنبلة والرد بإطلاق الأعيرة النارية، أصيب الشاب المولى برصاصة في رقبته واخرى في بطنه، حيث كان يمرّ صدفة في المنطقة بسيارة جيب، ونقل الى المستشفى لكنه ما لبث ان فارق الحياة. وتضاربت معلومات أخرى حول هوية مطلقي النار، في حين أشارت بعض المصادر إلى أنهم عناصر من حزب الله غير معروفة، لفتت مصادر أخرى إلى أن حارس المصلى وهو عنصر في الحزب ايضا هو من أطلق النار.

وأدى هذا الحادث الى ردود أفعال سياسية تابعة للمنطقة، كان أبرزها صرخة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط الذي أطلقها عبر تغريدة له على تويتر لوقف الأحداث الأمنية التي تشهدها السعديات، حيث قال: “انقذوا المواطنين الابرياء في منطقة السعديات من عبث المسلّحين اياً كانوا”.

اقرأ أيضاً: إشكال مصلّى حزب الله في السعديات: إلقاء قنبلة وسقوط قتيل

واستنكر عضو اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله، في تصريح، الحادث الأمني الذي وقع، حيث قال: “إن السلاح المتفلت الذي حذرنا منه مرارا لا يزال يعرض أمن الناس والمنطقة للخطر والتفجير”. وشدد على ضرورة رفع الغطاء عن كل مسيء ومرتكب، لكي تعود هذه المنطقة لطبيعتها الهادئة، وليسود مناخ الإلفة بين كل قاطنيها بعيدا عن الانقسامات السياسية.

من جهته، سأل النائب محمد الحجار في تغريدة على حسابه عبر “تويتر”، “لماذا لا تعالج الاجهزة الامنية على تنوعها اسباب حوادث إطلاق النار في منطقة السعديات أحد مداخل الإقليم والتي نتج عنها اليوم مقتل مواطن؟”. وقال:”الفتنة نائمة لعن الله موقظها”.

السعديات تاريخ من الأحداث الأمنية

لا يخفى على أحد هوية منطقة السعديات السياسية والتي تجمع الأضداد وبشكل خاص أنصار “تيار المستقبل” وأنصار “حزب الله”، وهذا ما يجعلها عرضة للإشكالات الدورية بين الطرفين، خصوصاً وأن نوعية أنصار المستقبل في هذه المنطقة مختلفة عن غيرها من أنصار المناطق الأخرى.

التوتر بين الطرفين يعود الى أحداث 7 أيار 2008 وما قبلها. فقد تعرضت هذه المنطقة إلى تبدل ديموغرافي كبير بدءا من الحرب الأهلية العام 1975 وصولا إلى تسعينيات القرن المنصرم حيث أدى ارتفاع أسعار العقارات في بيروت إلى موجة نزوح سكانية لأبناء الجنوب والبقاع الذين سكنوا العاصمة. إستقرت هذه العائلات الجنوبية والبقاعية في المنطقة الساحلية لجبل لبنان الممتدة من منطقة الشويفات شمالا وصولا إلى وادي الزينة جنوبا.

هذا التبدل الطبيعي لديموغرافيا المنطقة، قابله تبدل آخر لكنه “ممنهج” من قبل “حزب الله”، الذي قام بشراء عقارات بإسماء كبار المتمولين من الطائفة الشيعية في العديد من المناطق الساحلية في الجيّة والدبّية والسعديات مرورا بالناعمة وخلدة، مما زاد من مخاوف سكّان المنطقة. بيد أن أحداث 7 أيار 2008 والإشكاليات اللاحقة وصولا إلى تكثيف “حزب الله” من تواجد عناصر مليشيا “سرايا المقاومة” التابعة له في المنطقة، أدّت إلى إحتقان الشارع، وتالياً حدوث مثل هذه الإشكالات بشكل دوري.

اقرأ أيضاً: حقيقة ما جرى في السعديات: سرايا حزب الله تعتدي على أبناء البلدة

بعد ذلك الإختلاط وبعيداً عن أحداث 7 أيار 2008، شهدت المنطقة على سلسلة أحداث أمنية بين الطرفين، كان منها ما حصل عام 2015، حيث دارت اشتباكات أمنية دامت لثلاث ساعات بين مسلحين تابعين لسرايا المقاومة وآخرين من مناصري المستقبل، بدأت بإطلاق نار من قبل عناصر سرايا المقاومة على شبان في مقهى يملكه مسؤول المستقبل في المنطقة، استدعى رداً بإطلاق النار على مشروع سكني للحزب يحتوي على مصلى لهم.

ورغم محاولات حزب الله السيطرة على المنطقة، وإنشاء مخازن أسلحة ومراكز عسكرية في بعض هذه التجمعات السكانية، إلا أن أهالي المنطقة يرفضون هذا الإستيلاء على منطقتهم، مما يجعلها عرضة لهكذا أحداث، يدفع ثمنها دائماً أفراد لا يأبهون لكل هذه الحسابات.

المولى اليوم، وغيره بالأمس، والمستقبل لن يخبئ استقراراً أمنياً ما لم تتحرك الأجهزة الأمنية لتضرب بيد من حديد في المنطقة حفاظاً على سلامة أهاليها، وان كان السلاح المتفلت سيفرض نفسه، فـ”الهيبة” حتماً لن تكون هيبة الدولة.

السابق
برنامج إصلاح قطاع الكهرباء في لبنان.. مسرحية لم تنجح في صيدا!
التالي
أحمد الحريري: واهم من يعتقد أن في إمكانه النيل من اللواء عثمان