برنامج إصلاح قطاع الكهرباء في لبنان.. مسرحية لم تنجح في صيدا!

كهرباء
أصيب ممثلو البنك الدولي بالارتباك ولم يستطع أحد منهم الرد بموضوعية على الملاحظات النقدية التي أدلى بها بعض الحضور في الندوة التي دعت إليها بلدية صيدا بالتنسيق مع البنك الدولي ووزارة الطاقة والمياه بهدف إجراء مشاورات حول التقييم البيئي والاجتماعي واقتراح التدابير اللازمة لبرنامج إصلاح قطاع الكهرباء وتقويم الأنظمة البيئية والاجتماعية صباح الثلاثاء 28 أيار 2019 في إحدى قاعات البلدية بحضور رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي وعدد من المهتمين والناشطين في مدينة صيدا.

بعد ترحيب من مدير الندوة مستشار رئيس البلدية المهندس محمد السيد عرض الخبير في البنك الدولي سامح مبارك لأهداف الندوة من خلال الإشارة إلى أن لبنان هو ثالث بلد في العالم بالدين العام مقارنة للإنتاج القومي، وأهمية قطاع الكهرباء وإصلاحه بسبب تأثيره البارز على رفع قيمة الدين العام. وتحول إلى قضية عامة. وأوضح أن مشكلة الكهرباء تطال الإنتاج، النقل والتوزيع دون نسبه الهدر الفني يصل إلى 40% من الإنتاج بالإضافة إلى هدر غير فني يتعلق بالفوترة.

وحدد هدف القرض الذي سيؤمنه البنك الدولي بقيمة 285 مليون دولار يتعلق بتأمين البنية التحتية لتركيب العدادات الذكية. وتصحيح الحوكمة في مؤسسة كهرباء لبنان ورفع التعرفة لسد العجز، وأشار إلى أن لا مخاطر بيئية لإبدال العدادات، وكذلك إعادة هيكلية المؤسسة بهدف تضليل الهدر التجاري كي يحسن الصيانة الدورية.

ثم تلاه الخبيرين إيهاب شعلان وأمل فلطس اللذان تحدثا عن النتائج الرعائية التي قد تحصل في حال اعتمدت العدادات الذكية. لكنهما أشارا إلى المخاطر البيئية التي قد تنتج إذا لم يحسن التخلص من العدادات القديمة، كما أن هناك تأثيرات قد تحصل على صحة العاملين لكنها مخاطر غير جسيمة.

اقرأ أيضاً: هذه تفاصيل «خطة الكهرباء»… والنتائج بعد 6 أشهر

وتحدثا عن الجانب الاجتماعي بأن خبراء البنك الدولي ناقشا البرنامج مع ممثلي الحكومة وعدد من منظمات المجتمع المدني وقد أبدى الجميع قبوله للبرنامج وخصوصاً تحسين آلية شكاوى المواطنين من ممارسات مؤسسة الكهرباء، لكن أشار الخبراء إلى أزمة الثقة بين المواطنين والحكومة. وأبدوا ملاحظات حول عمل بعض الجمعيات البيئية وضرورة الالتزام بقرارات وزارة البيئة.

بعد ذلك تحدث عدد من المشاركين في الندوة فأكد رئيس جمعية شعاع البيئة سليم خليفة على أهمية اعتماد اللامركزية في قطاع الكهرباء كي يستطيع المواطنين الاستفادة من التيار الكهربائي وبأسعار مناسبة.

تلاه عضو تجمع عل صوتك المهندس محمد دندشلي الذي قال: تساءلت كما الكثيرين من الحاضرين عن الهدف من الاجتماع والإصرار لسماع رأي الناس حيث أن رأي الناس لا يعوّل عليه عند أهل السلطة وأصحاب القرار وأنتم بما تمثلون تشكلون جزءا من السلطة السياسية والمالية في هذا البلد.

لكن على الرغم ذلك سأشير بسرعة إلى نقطتين أساسيتين في موضوع الورقة من دون الدخول في التفاصيل:

أولاً: كيف يمكن الحديث عن تقييم أنظمة المخاطر البيئية، وأنتم لم تحددوا حتى الآن نوعية الفيول المستخدم في تشغيل المعامل وطبيعة الانبعاثات والملوثات الناتجة عنها، والتي تسهب الورقة في شرحها، (خاصة في الفقرة 10 و11) حيث يصح القول فيها أنها تعمية فاضحة.

ثانياً: إما ف يالجانب الاجتماعي فالمعالجات المطروحة تدعو للتعجب والسخرية في أن إذ كيف يمكن أن نركن إلى سلطة ساهمت بتجويع الناس، وعجزت عن تأمين الكهرباء لمدة 4 عقود واستباحت مقدرات الوطن وتواطئت مع أصحاب المولدات حيث حددت كلفة (الكيلو وات/ساعة) 450 ل.ل. كل ذلك لتبرر لنفسها لاحقاً بزيادة التعرفة إلى ما دون ذلك بقليل لإيهام المواطن أنها حققت إنجاز.

وأضاف: اعذروني إن قلت لكم أنه استخفاف بعقول الحاضرين دون شك (والفقرة 15) خير دليل على ذلك للمعلومات فقط أن سعر تعرفة كيلو وات/ ساعة في فرنسا 0.09 سنت مع العلم أن الحد الأدنى للأجور يبلغ 1171 يورو أي ما يوازي 1350 دولار.

اقرأ أيضاً: جهاز ذكي يساعد على الحد من الاستهلاك المرتفع للكهرباء في المنزل

أخلص إلى القول أن هذه الورقة لا ترقى إلى مستوى تشكيل رؤية تطويرية، بل هي لا تتعدى كونها إداة تبرير لصرف مبلغ 285 مليون دولار على ما يسمى (البرنامج الإصلاحي لقطاع الكهرباء) وهذا يعني تحميل جميع الأسر اللبنانية مبلغ 300$ عن كل عداد للكهرباء والسؤال المطروح هل هذه الجلسة الترويجية للبرنامج تدخل ضمن هذه التكلفة؟

تتحدثون عن برنامج إصلاحات قطاع الطاقة، من خلال تعزيز، وتحسين، وتطوير، وتجديد مؤسسة كهرباء لبنان، بكلفة 285 مليون دولار، ما يشكل عبء إضافي على اقتصاد وصل إلى حافة الانهيار!

وأوضح: كيف يمكن أن نفهم ذلك وأنتم سائرون في خصخصة هذا القطاع بكامله، إن كان على مستوى الإنتاج وقد تم ذلك، أو على مستوى الصيانة، وعلى مستوى الجباية، من خلال تثبيت شركات مزودي خدمات التوزيع. إن هذا البرنامج يعد سرقة موصوفة بامتياز.

وأخيراً كي لا أطيل كيف يمكن أن نثق بسلطة أوصلت قطاع الكهرباء وبقية القطاعات الأخرى في البلد إلى حافة الانهيار؟!

إن نقدنا وملاحظاتنا المذكورة تصوب على المداخل الأساسية التي يمكن أن تصحح أوضاع هذا القطاع، وخلال ذلك تبرير لسياسة النهب الجارية في البلد والتي تسعى إلى إنهاء إدارات الدولة ومؤسساتها العامة واستبدالها بقطاع خاص ينهش ما بقي من جسد الوطن.
لكن مداخلة المهندس محمد مجذوب أخذت وجهة أخرى تتعلق بالجوانب التقنية التي حملتها الورقة المقدمة وبدأ قائلاً: أستغرب بداية غياب ممثلي وزارة الطاقة والمياه ومؤسسة كهرباء لبنان وهما أكثر المؤسسات بحاجة إلى سماع هذا النقاش. وسأل: هل هذا البرنامج هو قيد التنفيذ، وهو وقع عقد بقيمة 285 مليون دولار كقرض من البنك الدولي ليقدم مشورة تقنية، وجميع الحاضرين يعون هذه النصائح. والبنود التي قدمت هي بنود بديهية يجب أن تقوم بها المؤسسات المعنية والآن تكلفنا 285 مليون دولار.
وتناول مجذوب تفاصيل البرنامج المقترح وتساءل: هل تقديل عقود وتنفيذ خطة تكلفنا 26 مليون دولار، وهل تعزيز الإدارة المهترئة أصلاً أي تعزيز اهترائها تكلف 20 مليون دولار، ولا أعلم ما هي البنية التحتية للعدادات الذكية التي ستكلفنا 82 مليون دولار، وهل سماع أسطوانة نسمعها من 30 عاماً وهو تحقيق استعادة الكلفة التشغيلية سيكلفنا 55 مليون دولار وكيف على المواطن أن يدفع 47 مليون دولار لتوسيع الهيئة الإدارية لتضم ممثلي جدد للزعماء.
وأبدى تعجبه من وضع مبلغ 20 مليون دولار لتأمين شفافية المشتريات وأين هنا في لبنان، حتما أنكم تمزحون!!
وأشار إلى أن الورقة المقدمة من خبراء البنك الدولي تضمنت أخبار عن لقاءات مع عدد من الجمعيات في حين لم يعقدوا اجتماعات مع خبراء بيئيين، خبراء علم اجتماع نقابة المهندسين، وخبراء في الاقتصاد.
وختم: إنكم تقولون في البند التاسع أنكم تريدون حماية الفقراء، ولكن أينما ذهب البنك الدولي الاوضرب البلد. وما يجري هو تخصيص مؤسسة الكهرباء بالكامل.
أما أيمن السيد فسأل الخبراء، كيف تريدون مساعدة الحكومات وقد أبدت في كل الأوقات فساد وعملها، والمطلوب بناء قطاع خاص يلتزم بتشريعات وقوانين تؤمن الكهرباء للمواطنين.
وأبدى عدد آخر من الحاضرين ملاحظات بنوية حول مؤسسة كهرباء لبنان وطريقة عملها وكيف يستخدمها أطراف السلطة.
وأن معظم المواطنين لا يثقون بالسلطة التي تعيد طرح خطط مختلفة لكنها لا تقدم على تنفيذ أي منها.
بعد مداخلات الحضور تردد خبراء البنك الدولي في الرد على المداخلات المقدمة وحاول مبارك تبرير ما طرحه ومحاولة توضيح بعض النقاط الواردة في حديثه، إلا أن كل ذلك لم يمنع سيادة جو سلبي تجاه سياسة البنك الدولي في قطاع الكهرباء.
ومن الملاحظات على الندوة غياب ممثلي وزارة الطاقة والمياه والذي يفسره البعض عدم اهتمام الوزارة بالاطلاع على آراء المواطنين او خوفها من سماع آراءهم. ويمكن أن يكون الهدف الأساس للقاء تقديم براءة ذمة أمام المجلس الدولي بأنهم استمعوا إلى آراء الناس ولكنهم سينفذون ما يريدون. ما رأي سلطاتنا المحلية؟

السابق
إدغار موران باحثاً «في مفهوم الأزمة» عن تطوّر الانحرافات في النُّظُم الاجتماعية
التالي
مقتل المولى من قبل «حرس مصلّى حزب الله» يعيد ديموغرافيا السعديات إلى الواجهة