حزب الله يفرض هيمنته على طلاب الحوزات الدينية في لبنان والنجف

الحوزة العلمية
اجتهد فقهاء الإمامية منذ غياب صاحب الزمان عجل الله فرجه على إبقاء الحوزة العلمية خارج سلطة الحكام والسلاطين والملوك والأمراء والحكومات والدول والساسة الزمنيين بوجه العموم، ليحافظوا على الشريعة وأحكامها لئلا تتأثر بأهواء هؤلاء فتنحرف عن إرادة الله..

ولكن الوضع منذ قرابة ثلاثة عقود اختلف تماماً بالنسبة للحوزة العلمية اللبنانية.. قبل هذه المرحلة كان العقل والفهم والعدالة والتقوى والأخلاق والقدرة على التحصيل العلمي وبلوغ رتبة الاجتهاد هو الميزان لقبول الطالب في الحوزة العلمية اللبنانية وصفوف مراحل دروسها المختلفة.. والحوزة العلمية اللبنانية وبالخصوص العاملية خرَّجت ثلثي علماء الشيعة بحسب ما ذكر المؤرخ المرجع السيد محسن الأمين رحمه الله صاحب موسوعة: “أعيان الشيعة“..

أما في هذه المرحلة فقد اختلف الوضع تماماً حيث سيطرت القوى السياسية والحزبية على مفاصل الحوزة العلمية اللبنانية فصار لا يُقبل في صفوفها الدراسية فيها بين لبنان وإيران إلا من يأتي عنه تقرير من أمن حزب الله وفي ذلك ما فيه من تحكُّم الهوى السياسي والحزبي ! فغدا لا يُقبل إلا من يُعلن الولاء أو تكون راضية عنه السلطة السياسية الحزبية الزمنية، وقد نجا من هذا الإجراء بعض بقايا العلماء من اللبنانيين الذين درسوا في الحوزة العلمية النجفية زمن النظام العراقي البائد، ومن درس عند هؤلاء، ومن درسوا في الحوزة العلمية الدمشقية، وبعض الذين درسوا بطريقة حرة.. وكل هؤلاء قلة قليلة قياساً على عدد المعممين اللبنانيين الحاليين الذين تجاوز عددهم الألفين.. وهذا الجيش من المعممين الذي صنعه حزب الله في الحوزة العلمية اللبنانية يختلف النظر إليه بجميع المقاييس، فهم كما كان يقول الراحل الفقيه الشيخ محمد مهدي شمس الدين: “بالزي الكامل مع القليل من العلم”.. ومع هؤلاء سيطر حزب ولاية الفقيه في لبنان على جميع مراكز التعليم الحوزوي اللبنانية بين لبنان وإيران ويحاول جاهداً في العراق ومشهد السيدة زينب عليها السلام في دمشق، كما يحاول جاهداً مع الدروس النادرة المستقلة عن القرار الحزبي في لبنان كدرس مكتب المرجع الشيرازي ودرس حوزة الإمام السجاد العلمية ودرس آية الله الشيخ محمود قانصو في جبل عامل الذي يعتبر الدرس الحوزوي الوحيد في جبل عامل الخارج عن سلطة الأحزاب في الوقت الراهن، بعدما كان قبله يتصف بهذه الصفة درس آية الله الشيخ محمد تقي الفقيه ودرس حوزة آية الله الشيخ إبراهيم سليمان ودرس آية الله الشيخ بدر الدين الصائغ ودرس آية الله السيد محمد علي الأمين.. وبعد هذه الخلاصة من يريد أن يكون عالماً في لبنان وغير خاضع لسلطة الأحزاب فعليه استغلال الدروس المستقلة داخل لبنان وخارجه..

اقرأ أيضاً: «شيعة جبل عامل ونشوء الدولة اللبنانية» لتمارا الشلبي

وقد ضاقت دائرة قبول الطلاب اللبنانيين في حوزة النجف الأشرف مؤخراً بعد تشكيل لجنة لبنانية لا يُقبل الطالب إلا من خلالها لدى إدارة حوزة النجف المركزية وهذه اللجنة دُبرت في ليلة ظلماء لتكون مخترقة بطريقة غير مباشرة من أمن حزب الله لبنان حتى لا يتم تيسير أمر من لا يخضع لإرادة هذا الحزب.. فيبقى الملاذ الوحيد الحوزة العلمية المستقلة بين بيروت وجبل عامل ودمشق والكويت لمن أراد أن يكون عالماً دينياً حراً سيداً مستقلاً.. عشتم وعاش لبنان..

السابق
«العسكرية» تصدر أحكامها ووكلاء «الإسلاميين» يسرعون لإصدار الأحكام بانتظار العفو
التالي
الإعمار في سوريا قادم من بوابتي طرابلس… وحزب الله