واشنطن تتخلّى عن تحييد لبنان: نحو مواجهة سلاح حزب الله

السلاح النووي
من مرحلة تحييد لبنان عن تجاذبات المنطقة الى وضعه في سلم الاهتمامات الأميركية الشرق أوسطية، هذا ما يمكن أن يستنتجه باحثون في مراكز دراسات أميركية متخصصة في الشرق الأوسط.

هذا التوصيف يستند الى عدة اعتبارات تنطلق في الدرجة الأولى من ثابت أساسي هو جدية إدارة الرئيس دونالد ترامب تصعيد العقوبات ضد ايران وأذرعها الأمنية والمالية في المنطقة العربية أولاً، ومن انتقال الأزمة السورية من مرحلة الحرب على الإرهاب، الى مرحلة التنافس بين القوى الإقليمية على حصد نتائج ما استثمرته في الحرب السورية، ثانياً وانتقال إسرائيل من مرحلة حفظ مصالحها الأمنية في سوريا بدعم روسي الى مرحلة التنقيب عن السلاح الاستراتيجي المتمثل بالصواريخ الدقيقة التي أكد حزب الله وجودها على الأراضي اللبنانية ويتم التعامل معها في واشنطن على أنها حقيقة لا تحتاج الى مزيد من التحقق والاثبات، ثالثاً.
وفي حين تتوقف المصادر عند طلب الإدارة الأميركية بإقرار قانون يسمح للجيش الأميركي بتدخل عسكري في ايران، بسبب حماية طهران لعناصر ومجموعات من تنظيم القاعدة على أراضيها، على حدّ زعم الكونغرس الأميركي، تشير الى أن الأولوية في المدى القريب هي لمزيد من العقوبات، وتشير الى الحزمة الجديدة من هذه العقوبات التي ستبدأ بعد ستة اشهر من تنفيذ الحزمة الأولى، أي في أيار المقبل. وقال القائم باعمال السفارة الامريكية في بغداد جوي هود، امس (الثلاثاء) إن “تصريحات الرئيس ترامب في وقت سابق كانت تقول إنه لا يريد من القوات الامريكية ان تضطلع في حروب لاحاجة لنا بها”، مؤكدا أن “ترامب لايريد الحرب مع ايران مطلقاً”.
وبيّن هود أن “الرئيس ترامب قد صرح بذلك عدة مرات مسبقا”، مؤكدا “نحن نستخدم الوسائل الدبلوماسية كالعقوبات الاقتصادية.”.

اقرأ أيضاً: بومبيو إلى لبنان قريباً: الساحة غير متروكة لإيران!

وفيما ترجح أوساط بحثية في واشنطن عدم تورط واشنطن في أي حرب مباشرة في المنطقة، انطلاقا من حسابات ترامب الذي وعد ناخبيه بإخراج جنودهم من سوريا، ولنقده اللاذع للتورط الأميركي في حروب خارج اميركا، فان ما يعزز من هذه الوجهة ايضاً، اقتناع الإدارة الأميركية بأن العقوبات الاقتصادية على ايران تأتي اكلها، لذا فان مسار العقوبات وتصعيد الحصار على ايران واذرعها “هو الخيار الذي يبدو ثابتا ولا مؤشرات جدية على تعديله، حتى لو أقر الكونغرس الأميركي قانون الحرب على ايران”.
لبنان على هذه السكة الاستراتيجية الأميركية، حزمة من العقوبات يجري التحضير لاطلاقها في المرحلة المقبلة، وهو سياق غير مفاجئ لكثيرين، على رغم الزيارات الدورية التي لا تتوقف من قبل مسؤولين في المصارف اللبنانية لواشنطن، التي رفعت من مستوى التصعيد ضد لبنان، وبدأت بحسب المصادر نفسها بوضع سلاح حزب الله على طاولة البحث، وكان لافتا في تصريح السفيرة الأميركية في بيروت اليزابيث ريتشارد، بعد لقاء رئيس الحكومة سعد الحريري امس الثلاثاء، التركيز في بداية النص الرسمي عن الدور المتنامي لحزب الله داخل الحكومة (من دون ان تسميه) وعن القرارات التي يتخذها منفردا والتي تؤثر على الامن القومي للبنان، وأشارت بوضوح الى تورطه في القتال في “ثلاثة دول على الأقل”.

اقرأ أيضاً: حزب الله: وحده لا شريك له في لبنان

يأتي موقف السفيرة الأميركية، غداة معلومات عن زيارة سيقوم بها وزير الخارجية الأميركي بومبيو الى لبنان خلال الأسابيع المقبلة، يرجح أن تكون الحلقة الثالثة التي تتوج ما نقله نائبه ديفيد هيل الشهر المنصرم من تحذير للمسؤولين اللبنانيين بشأن دور حزب الله، والحلقة الثانية التي جاءت على لسان السفيرة الأميركية على اثر نيل الحكومة ثقة مجلس النواب، فيما الحلقة الثالثة ستطلق مرحلة اتخاذ الإجراءات العقابية، طالما أن الحكومة اللبنانية لم تستجب الى التحذيرات والتي يرى الاميركيون أن معيار الاستجابة هو حصراً اليوم في قضية سلاح حزب الله.
وتلفت الأوساط البحثية في واشنطن الى أن تولي حزب الله لوزارة الصحة لن يمر من دون تداعيات على مستوى العلاقة مع هذه الوزارة، ولفتت الى جانب آخر، يتصل بقانون سيزر الجاري اقراره بشأن سوريا، والذي كان رسالة لبعض الدول العربية وللبنان بالدرجة الأولى، بعدم التسرع والوقوع في وهم أن سوريا يمكن أن تشهد عملية اعمار في ظل نظام الأسد.
الذي يجب أن ينتبه له اللبنانيون كما تقول الأوساط البحثية في واشنطن، هو أن إدارة ترامب لن تتهاون في تنفيذ عقوبات قاسية، والتي ستطال هذه المرة جهات حليفة لحزب الله ايضاً، وتشير هذه الأوساط الى أن ثمة اهتماما غير مسبوق في المراكز البحثية الشرق اوسطية في واشنطن، بنوعية السلاح الذي يمتلكه حزب الله في لبنان، وأن إسرائيل قدمت معلومات موثقة للاميركيين ولمن يعنيهم الأمر، تظهر فيه طبيعة الصواريخ الموجودة في حوزة حزب الله، وشكلت قضية كشف الأنفاق بين لبنان وإسرائيل، المعبر الإسرائيلي الذي نجحت من خلاله تل أبيب في وضع سلاح حزب الله في مرحلة متقدمة وخطيرة من الاهتمامات الأميركية.

السابق
هل سيعرقل حزب الله مشاريع «سيدر»؟
التالي
السعودية تهاجم إيران من الجناح الشرقي