التعطيل مستمر الى أن يقتنع الخصوم بأبوة نصرالله

الحكومة اللبنانية
يبدو أن الأبواب أغلقت تماما في وجه ايّ تنازل يمكن أن يقوم به الرئيس سعد الحريري في سبيل معالجة ما سمي العقدة السنية في تشكيل الحكومة، فعلى رغم ادراك الجميع أن هذه العقدة جرت صياغتها في سبيل تعطيل تشكيل الحكومة، فان محاولات الحلحلة كانت تقابل بمزيد من افتعال العقبات لمنع وصول الحكومة الى برّ الأمان.

فقد جرى تقديم حلول عدة ترتكز على الاتيان بوزير يمثل النواب السنة الستة، من دون أن يكون منهم في حصة رئيس الجمهورية، وقد عرضت أسماء عدة على هذا الصعيد تنتمي الى قوى 8 اذار وفي الوقت نفسه على علاقة جيدة بالتيار الوطني الحر، قوبل هذا الاقتراح بالرفض، وجرى تقديم صيغ مختلفة تندرج ضمن الحلول الوسط، أي لا تحرج الرئيس الحريري، ولا تغبن النواب الستة ما يعتبرونه حق لهم. الا أن كل ذلك قوبل بالرفض وبخلق عقد جديدة.

افتعال التوتر في الجبل يأتي في هذا السياق، العراضات المسلحة التي جرت في وجه وليد جنبلاط، وانفلات لسان وهاب من عقاله، على المزيد من التعريض بكرامات الاحياء والأموات، وصولا الى الدعوى القضائية ضده وتمنعه عن استلام تبليغ الدعوى وحضور جلسة الاستماع الى القضاء، وصولا الى الاستعراضات المسلحة التي أدت الى سقوط ضحية في الجاهلية برصاص مجهول حتى اليوم، كل ذلك يأتي في مسلسل احكام عقدة التعطيل وتظهير صورة مزورة تفيد أن حزب الله “بيّ الكل” أي لولا تدخل حزب الله لكانت وقعت الفتنة في الجبل، وهذا ما كرره اكثر من مرة الوزير السابق وئام وهاب.

رئيس الجمهورية الذي يدفع من رصيده من هذا التعطيل، وقبله كل اللبنانيين، بات أمام استحقاق اتخاذ موقف حاسم لجهة فرض تشكيل الحكومة، لا سيما أن صمته لم يعد له معنى الا مجاراة المعطلين، خصوصا أنه سبق أن تضامن مع الرئيس الحريري في موقفه من رفض توزير احد سنة 8 اذار، ثم ما لبث أن تراجع عن هذا الموقف من دون أن يتبنى موقف قوى 8 اذار بالكامل. من هنا فان الرئيس امام خيارات ثلاث، فاما أن يذهب مع رئيس الحكومة في موقفه ويخرجا التشكيلة الى الضوء بمن حضر، أو تبني موقف حزب الله وحلفائه الداعي الى فرض توزير احد النواب الستة، أو حلّ هذه العقدة بتوزير احد أعضاء اللقاء التشاوري من حصته. ذلك أن البقاء في حال الانتظار لم يعد الرئيس نفسه بمنأى عن تداعياتها، فالفشل والعجز لا يتناسبان مع ما وعد به الرئيس في مطلع عهده وعشاياه، وبالتالي كل الخيارات الآنفة تبقى أقل كلفة من حال انتظار العاجز الذي يعيشه العهد اليوم.

حزب الله وجه رسالة الى الجميع ومن خلال الخطاب الذي القاه امينه العام السيد حسن نصرالله، مفاده انا من يقرر ومن يرسم قواعد اللعبة السياسية ومن يحق له تعديلها ايضاً، واذا كان الرئيس الحريري ردّ عليه بالقول انه لن يدفع الفاتورة مرتين، فان ما قالته الوقائع بعد ذلك أن حزب الله مستعد أن يفرض على الجميع دفع الفاتورة ثلاث مرات لا مرتين فقط.

وحتى يسلم الجميع بأن حزب الله “بيّ الكل” حينها يمكن للأب أن يساوي بين أولاده، لكن بشرط الالتزام بتوجيهات الأب بالكامل  وعدم التمرد عليها، وسوى ذلك فان حزب الله ليس في وارد تسهيل اعمال “التأليف” وهو جاهز للانتظار ما دام قادر على التعطيل، تعطيل هذه القدرة تحتاج لقرار جريء اما مواجهته، أو مواجهته أيضا بتسليمه كل مقاليد السلطة والقرار والاقرار علّه يطمئن الى انه صار بيّ الكل…ولو كان بعض الأبناء بالتبني.

السابق
شكوى باسيل ضد اسرائيل
التالي
إحذروا من «واتس أب» الذهبي!