روسيا تصعد ضد أوكرانيا لتفعيل ملف التفاوض مع الغرب

لا يبدو أن التصعيد الروسي، ضد جارتها اللدود أوكرانيا، منفصل عن سلسلة حملات التصعيد التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وصراع المحاور الذي يشتد في عدد من البلدان لا سيما في سوريا.

توترت الأجواء بين روسيا وأوكرانيا على خلفية مهاجمة موسكو واحتجازها ثلاث سفن تابعة للبحرية الأوكرانية مطلع الأسبوع الحالي، وشاركت في العملية طائرات روسية من نوع سوخوي.

ومنعت السفن الأوكرانية من دخول بحر آزوف عبر مضيق كيرتش الاستراتيجي، ووضعت سفينة شحن ضخمة أسفل الجسر الذي تسيطر عليه روسيا، وقد استحدثته مؤخرا من أجل فرض سطوة تفتيش كل ما يمر عبره، وهو بطول 19 كلم ويصل بين القرم والضفة الروسية.

وتذرعت موسكو أن سلاح البحرية الروسي تصرف بعد اختراق السفن الأوكرانية الثلاث “بيرديانسك” و”نيكوبول” و”ياني كابو” المياه الإقليمية الروسية، وقامت بمناورات متجاهلة التحذيرات التي وجهت لها.

والجدير ذكره أن التوتر قائم بين البلدين منذ العام 2014 إثر انتزاع روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014، ودعمها للتمرد الانفصالي في شرق أوكرانيا.

الدكتور في العلاقات الخارجية خالد العزي استبعد نشوب حرب عسكرية شاملة بين روسيا وأوكرانيا، والسبب الأول برأيه أن “الطرفين لا يمكنهما تحمّل تبعاتها، وهي تعني دخول موسكو وسيطرتها على كييف و هذا الامر سيُفقد روسيا حلفاءها ضمن حلف الاتحاد السوفياتي السابق، والذين يخشون من فعل القوة الذي تمارسه روسيا” وأضاف “السبب الثاني أن الأمن القومي الأوروبي لن يسمح لروسيا بالدخول الى أوكرانيا المستقرة، ولذلك فإن هذا التطور يستدعي وقفة أوروبية أطلسية محكمة في وجه روسيا”.

ولكن يبدو أن المسألة الأوكرانية دخلت في صلب عملية مقايضة سياسية بين روسيا من جهة والغرب ممثلا بالولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى، وبالتالي سيكون لها الأثر الفعّال على سير المفاوضات القائمة في المنطقة ومستقبل الصراع والحرب الدائرة في سوريا، في ظل العقوبات المتصاعدة على روسيا وحلفائها الإيرانيين، ومن شأن تلك العقوبات أن تضعف قدرة موسكو على المضي في فرض سياساتها والتفرد بقراراتها في مسار التسوية وتقاسم النفوذ.

وقال العزي في هذا الإطار إن “المجتمع الدولي سكت في البداية عن تصرفات روسيا وعنجهيتها عندما قامت باحتلال نصف أراضي جورجيا، ولكنه عاد وفكر بالرد لإعادة ما أخذته روسيا بالقوة، وذلك عندما وقفت دول أوروبا صفاً واحداً لمواجهة موسكو عندما حاولت الأخيرة أن تطرح عملية مقايضة الملفات، فدخلت إلى سوريا ونفّذت ما كانت ستقوم به الولايات المتحدة من قمع للشعب السوري، وذلك من أجل أن تثبت أنها قوة موجودة على الأرض وأي حل في المنطقة وفي سوريا تحديدا مرتبط بها، ولا ينفصل بالتالي عن الحل في أوكرانيا”.

واعتبر العزي أن عودة أوكرانيا إلى الواجهة السياسية في هذه المرحلة لها دلالة داخلية وأخرى خارجية تتعلق بالعلاقات الأميركية – الروسية – الأوروبية، من خلال إعادة تفعيل العقوبات على روسيا.

أزمة داخلية ترتبط بالانتخابات الأوكرانية في آذار 2019

في المقابل لفت العزي أن “أوكرانيا مقبلة على انتخابات رئاسية ويحاول الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو التلاعب بالقانون الأوكراني لصالحه ومنع حصول الانتخابات للاحتفاظ بمنصبه، والإيحاء للمجتمع الاوكراني بأن ظروف الحرب لا تسمح بانتخابات، وهو يتجه إلى إعلان حالة الطوارئ في البلاد”.

وتابع العزي “قوبل هذا الطرح برفض البرلمان الأوكراني له وبذلك فشل بترو بوروشنكو الملقب بـ”ملك الحلوى” لامتلاكه مصانع سكاكر كبرى، بمواجهة يوليا تيموشينكو الملقبة بـ”المرأة الحديدية” المرشحة لتكون الرئيسة المقبلة لأوكرانيا”.

وإذ أكد العزي أن “روسيا أثبتت خلال عقود من التعامل معها أنها تلتف على أسلوب الحوار وتستخدم الطريقة الإيرانية في نقض الاتفاقات، لذلك يهدد الاتحاد الاوروبي إنه سيُدخل أوكرانيا كضيف في مجموعته، إضافة الى تحذيره أن جيوش الأطلسي تنتشر على مساحة أوروبا وحتى البحر الأسود، كما أنه لن يتوانى عن تزويد كييف بأسلحة متطورة”.

اقرأ أيضاً: العقوبات الأوروبية على طهران تنهي مرحلة التقارب الأوروبي الإيراني.

وأضاف العزي ” أن الضغوطات التي ستخضع لها موسكو تتخطى المسألة الأوكرانية، وبرأي العزي فإن روسيا “سوف تُحاصَر في مناطق متوافق عليها مع الولايات المتحدة، وبالتالي سوف تذهب جهودها في سوريا هباء، من خلال عملية إعادة رسم استراتيجية جديدة تتبلور في مناطق الوجود التركي والكردي من قبل واشنطن وبعض العواصم العربية، حيث دخل على الخط مستشارون سعوديون وإماراتيون في محافظة الحسكة”.

وختم الدكتور خالد العزي ” التحوّل التدريجي في التعاطي مع الملف السوري سيؤدي إلى خنق روسيا، ولن يسمح لها بالتوسع أكثر في حربها على أوكرانيا، حيث فرض الأميركيون على موسكو معادلة تقول “نتفاوض معكم على سوريا أو على أوكرانيا، عليكم الاختيار”.

السابق
أسباب متماثلة وراء رفض الهبات الروسية والإيرانية
التالي
ما حقيقة فقدان الاتصال بدورية اسرائيلية؟