بعد الكلام عن إلغاء سلسلة الرتب والرواتب.. ما هي طرق إنقاذها؟

فلوس
الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة لـ"جنوبية" المس بالسلسلة "يخلق مشكلة اجتماعية أساسية، وهي أن القانون لا يسمح للمواطن الاستدانة بأكثر من ثلث معاشه، فبالتالي أي محاولة لتخفيض معاش المواطنين الذين قاموا بالاستدانة، سيلحق الضرر بهم نظراً لتخطي كلفة الدين ثلث المعاش، لذلك لن يكون من السهل إلغاء السلسلة، قد يتم التباطؤ بالدفع أو اعتبارها مستحقات، ولكن يجب التفكير بطرق أخرى للمحافظة عليها".

يُهمس مؤخراً في أذن المسؤولين عن ضرورة التراجع عن سلسلة الرتب والرواتب لكونها مساهم أساسي في التضخم الحاصل اقتصادياً في لبنان، بحيث اجتمع رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي شارل عربيد يرافقه رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير ورئيس الاتحاد العمالي بشارة الأسمر برئيس الجمهورية ميشال عون، وناقشوا معه الوضع الاقتصادي، وتخلل البحث نقاش حول موضوع السلسلة، أدى إلى تلاسن بين عربيد وشقير من جهة والأسمر من جهة أخرى.

تضمن اللقاء الثلاثي مع الرئيس عون تقديم ورقة اقتصادية أعدّها ممثلو الأحزاب بعنوان “مدخل إلى خفض العجز وضبط المالية العامة”، ويقال إن الأسمر لم يكن على علم بالورقة المقدمة إلى عون، بل يعرف بعضاً من مضامينها. في حين أن النقاش الذي جرى بين الطرفين، أدى إلى تدخل الرئيس عون وسؤالهم عما إذا كانوا قد تحدثوا مع حاكم مصرف لبنان حيال هذا الأمر.

وتعليقاً على الموضوع، أكد شقير في حديث لجنوبية، “أن الرجوع عن الخطأ فضيلة، وأنه يجب العودة عن السلسلة المقرة لأن استمراريتها ستؤدي إلى الإفلاس”.

وأضاف أنه ليس ضد المواطن الذي استفاد من السلسلة لكنه “خايف عليه”، لأن “الأمور اذا استمر الوضع على ما هو عليه ستؤذيه، وبالتالي يجب إعادة هيكلة ودراسة شاملة للسلسلة الحالية التي تم اقرارها بتسرع في إطار المناكفات والمزايدات السياسية التي أدت اليها”.

وكان الأسمر استبق اللقاء مع عون في بيان، الأسبوع الماضي، أكد فيه أن أي تراجع عن السلسلة سيعرض البلاد لإضراب فوري في القطاع العام والمصالح المستقلة والمؤسسات العامة والجامعة اللبنانية.

تسائل عن كيف يمكن لسلسلة لم يمر على تطبيقها سنة، و تكلف 1800 مليار ليرة أن تكون المسؤولة عن الانهيار الاقتصادي في لبنان، بينما تكاليف تشغيل قطاع الكهرباء يؤدي إلى خسائر تقدر بملياري دولار سنويا؟ وهل يتحمل العمال في القطاعين العام والخاص المسؤولية عن التهرب الضريبي الذي يصل إلى حدود 5 مليارات دولار في السنة؟

في هذا الإطار أكد الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة في حديث لجنوبية “أن السلسلة سبب أساسي للتضخم الاقتصادي الحاصل، وأنها لعبت دوراً سيئاً في هذا الشق لسببين أساسيين، أولاً لزيادة الطلب عند المواطنين مما زاد الأسعار وبالتالي زاد التضخم، وللأسف لم تستفد الماكينة الاقتصادية اللبنانية على عكس الوعود التي أكدت على زيادة الاستهلاك، ولكن من استفاد هي الاقتصادات الأجنبية. وثانياً عدم قدرة الدولة على تمويل السلسلة كاملة، ولجوئها إلى الاستدانة، ما يعني خلق كتلة نقدية تزيد حجم التضخم، من هنا يمكن القول إن السلسلة هي “القشة التي قسمت ظهر البعير”.

جاسم عجاقة

وأضاف أنه منذ حوالى الشهرين كتب في إحدى مقالاته أن الدولة لن تدفع السلسلة في عام 2019، لأن المعطيات المتوفرة لدينا تدل على ذلك، مع العلم أنه بامكاننا التوفير في أماكن أخرى كي يتم تمويل السلسلة، لكن الاتجاه المرجح السير به هو وقف السلسلة، وخاصة بعد تصريح وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل الذي قال إن حساب الاحتياط رقم 37 في مصرف لبنان خال من الأموال.

من أين يجب تأمين موارد لعدم إيذاء السلسلة؟

في هذا الشأن، أوضح عجاقة أن المس بالسلسلة “يخلق مشكلة اجتماعية أساسية، وهي أن القانون لا يسمح للمواطن الاستدانة بأكثر من ثلث معاشه، فبالتالي أي محاولة لتخفيض معاش المواطنين الذين قاموا بالاستدانة، سيلحق الضرر بهم نظراً لتخطي كلفة الدين ثلث المعاش، لذلك لن يكون من السهل إلغاء السلسلة، قد يتم التباطؤ بالدفع أو اعتبارها مستحقات، ولكن يجب التفكير بطرق أخرى للمحافظة عليها”.

من هذه الطرق معالجة التهرب الضريبي، ويؤكد عجاقة أنه “قيم هذا الأمر بطريقتين علميتين أنتجتا الرقم نفسه، وهو 4.4 مليار دولار، وتم الاعتماد على طريقة ماكرواقتصادية، وعلى طريقة الbreak down structure التي تعتمد على “تفسيخ” أماكن التهرب الضريبي وتخمينها، لأنه كما هو معلوم أن التهرب الضريبي أمر سري لا يتم التصريح عنه، فبالتالي يجب المباشرة بمعالجة هذا الشق وعدم الانتظار لسنوات”.

اقرأ أيضاً: جاسم عجاقة: هذه الضرائب هي نتيجة سياسة وليس علم وهي مضرة بالاقتصاد وبالمواطن

ومن الطرق الأخرى وفق عجاقة فرض موازنة تقشفية، وذلك ممكن أن يتم مثلاً” من خلال تخفيض السفر على نفقة الدولة، وتخفيض التجهيزات غير الضرورية في الوزارات والإدارات العامة، ولكن النقطة الأهم تكمن في وقف التوظيف في الدولة اللبنانية، وذلك بسبب عدم قدرتها على دفع معاشات الموظفين”.

يسأل الباحث الاقتصادي بنبرة ساخرة”من هو هذا “الكاوبوي” الذي يريد اقتراح إعادة دراسة السلسلة؟”.

قد تضيف سلسلة الرتب والرواتب عبئاً إضافياً على الاقتصاد اللبناني المنهك، ولكن لماذا تستهدف محاولات حل الأمور دائماً جيبة المواطن قبل كل شيء، بدل التفرغ لاجتثاث جذور المشكلة؟ ألا يمكن لاستئصال الفساد من المؤسسات والإدارات العامة أن يؤمن فائضاً في الميزانية أو أن يغلق منافذ تراكم الدين العام؟

السابق
العمائم هي من أهلكت العراق
التالي
صحيفة تركية تكشف عن تسجيل ثان يدحض رواية النيابة العامة السعودية